طارق الشناوي
عندما كتب بيرم التونسى (يا أهل المغنى/ دماغنا وجعنا/ دقيقة سكوت لله)، كان يقصد السخرية من أغنيات منافسه أحمد رامى، العمالقة يوجهون لبعضهم ضربات قاسية تحت الحزام، تلك هى القاعدة، وبالطبع لا يخلو الأمر من استثناءات.
ولهذا أراهما حالة خاصة فى الحياة الفنية، تواجدتا فى نفس التوقيت، تنتميان لأسرة فنية عريقة، كل منهما تسرق الكاميرا وتخطف القلب، تترقبان وتستحقان بطولة مطلقة، التنافس بينهما قائم لا محالة، إلا أن ما تراه على أرض الواقع يؤكد أن الحب والتقدير والإعجاب هو العنوان.
ليست دبلوماسية ولكنها حقيقة تستطيع أن تراها فى الصدق الذى ينضح فى حديث أى منهما عن الأخرى، أتحدث عن الموهوبتين الرائعتين ريهام عبد الغفور وحنان مطاوع.
قد يسارع البعض قائلا الموهوب لا يشعر بالغيرة؟ الإجابة غير صحيحة، مثلا عندما بدأت نجومية بليغ حمدى تعلن عن نفسها، فى نهاية الخمسينيات، كان قد لحن لفايزة أحمد (ما تحبنيش بالشكل ده) ولعبد الحليم (تخونوه)، كل من محمد الموجى وكمال الطويل كانا قد حققا نجاحات سابقة ومتعددة، وهما يكبران بليغ بنحو 8 سنوات، سألوا الطويل عن بليغ قال (موهوب ولديه نبض خاص)، سألوا الموجى قال (لا يزال يبحث عن نفسه، أحيانا أجده متأثراً بألحانى وأخرى بالطويل).
مع الزمن لم تهدأ المعركة، خاصة عندما احتكر بليغ، منذ منتصف الستينيات، أغانى عبد الحليم، كان الموجى شرسا فى الهجوم، يرى ألحان بليغ مجرد صخب، كان يتهم عبد الحليم بتسويق ألحان بليغ على حساب ألحانه، ولهذا غنى فى حفل جماهيرى بدمشق موشح (كامل الأوصاف) ليقول عمليا لعبد الحليم هكذا يٌقدم الموشح، الغريب أن أقرب الشعراء لقلبه، قلب الموجى، وهو مرسى جميل عزيز، عندما اتفق على اللقاء مع أم كلثوم فى ثلاثية (سيرة الحب) و(فات الميعاد) و(ألف ليلة وليلة)، رشح الموجى، إلا أنه وجده يطلب تعديلا طفيفا، وذهبت الأغنيات لبليغ لتصبح من الأكثر نجاحا فى تاريخ أم كلثوم.
تعودنا دائماً ألا نرتاح إلى آراء أبناء الكار الواحد، رغم أن أصدق شهادة من الممكن أن تقرأها هى عندما يكتب أو يحلل مثلاً ملحن إنجاز ملحن آخر، أو كاتب أعمال زميل، لأنك عندما تحترف المهنة فأنت تُمسك بأدق أسرارها، وتستطيع أن تحدد بدقة أوجه الإبداع وأيضا القصور، هذا إذا خلصت طبعا النوايا، وهى نادراً ما تُخلص، حيث تتدخل عوامل أخرى.
بعد فيلم (السبع بنات) لعاطف سالم، الذى جمع فيه بذكاء بين ثلاث نجمات، كان ينظر إليهن فى نهاية الخمسينيات بأنهن القادمات لقلوب الناس، سعاد حسنى وزيزى البدراوى ونادية لطفى، سألوا فاتن حمامة عن الأكثر موهبة؟ أجابت زيزى البدراوى، وحلت سعاد ثالثا.
سعاد أحبطت، المحيطون بها أكدوا أن فاتن تعمدت إقصاءها للمركز الثالث، حاول فى نهاية الثمانينيات المخرج محمد خان أن يجمع لأول مرة بين سعاد وفاتن على الشاشة فى (أحلام هند وكاميليا) وباءت المحاولة بالفشل، وأسند الدورين إلى نجلاء فتحى وعايدة رياض، قال لى خان إن كلا منهما كانت تخشى الأخرى!!.
والحكايات كثيرة، ولكن تظل حكاية حنان وريهام واحدة من اللمحات النادرة فى العلاقة بين (أهل الكار)، الذين كثيرا ما نلمح وميض نصل السكاكين يبرق فى نظراتهم ويشتعل فى قلوبهم!!.
نقلا عن المصرى اليوم