ثلاثة أيام بعد ثورة 23 يوليو المجيدة، وضعت خلالها مصر أولى خطواتها في التاريخ، فتحت الباب على مصراعيه لعهد جديد رسمه الشعب، ونفذه الضباط الأحرارا الذين وضعوا حياتهم رهناً للبلاد، حتى تحققت إرادتهم، بتنازل الملك فاروق عن العرش في السادس والعشرين من يوليو من العام نفسه، ليكون ذلك اليوم نقطة تحول وبريق أمل للمصرين لكتابة تاريخ جديد بعيدا عن الملكية.
تنازل الملك فاروق عن العرش لابنه الأمير أحمد فؤاد، بناءا على طلب تنظيم الضباط الأحرار، وتم تعيين مجلس وصاية على العرش برئاسة الأمير محمد عبد المنعم ، وفى تمام الساعة السادسة وعشرين دقيقة مساء ، غادر الملك فاروق مصر ومعه زوجته الملكة ناريمان وبقية أفراد أسرته بما فيهم ولى العرش أحمد فؤاد، على ظهر اليخت الملكى " المحروسة " متجها الى المنفى ، وقد حضر عدد من الضباط الاحرار لوداع الملك ، وكان فى مقدمتهم اللواء محمد نجيب.
وفى ذات اليوم ، وبعد مضى ثلاثة أعوام من الثورة ، أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس ، بكلمات مدوية ورنانة تتردد فى الأذن بمجرد الحديث عن قناة السويس ، كلمات نارية لم ولن تنسى وستظل شاهدا على عظمة مصر قيادة وشعب ، ومفخرة للمصريين جيلا بعد جيل ، كلمات أطلقها الزعيم وسط جماهير غفيرة احتشدوا فى ميدان المنشية بالإسكندرية ، معلنا "قرار رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس، شركة مساهمة مصرية" ، القرار الذي استقبله المصريون بفرحة عارمة ، واستقبله الغرب بإستياء واستهجان ، فكان طلقة نار أذهلت قوى الاستعمار وأذهبت عقله نحو حتمية الانتقام.
خطوات مصر نحو هذا التقدم والتطور، أرضى المصريون ولكن أسخط أخرون ظلت أعينهم مترقبة، حيث قامت فرنسا وانجلترا بتجميد الأموال المصرية في بنوك بلادهما، بجانب الولايات المتحدة الامريكية التي جمدت أموال شركة القناة التى قدرت فى ذلك الوقت بنحو 43 مليون دولار، حتى قرروا ثلاثتهم توجيه ضربتهم لمصر، بشن حربهم بعدوان ثلاثى اشتركت فيه فرنسا وبريطانيا وإسرائيل.
اعتبر ناصر أن إعادة قناة السويس لمصر واحدا من أهم أهداف الثورة، وكان إصراره على اتفاقية الجلاء فى عام 1954 التى نفذت بجلاء آخر جندي بريطانى عن مصر فى 18 يونيو عام 1956 ، قبل التأميم بحوالى 35 يوما فقط ، بما يمكن اعتباره بأن الخطوة التى أسست لتنفيذ قرار التأميم .
وحين أمم عبدالناصر القناة لم يكن يعلن عن نقل ملكيتها لأصحابها الحقيقيين فقط، لكنه كان يعلن فيها أيضا عن تدشين زعامته، وتكريس محورية الدولة المصرية فى المنطقة والعالم، وعن مشروعه الوطنى للاستقلال والتنمية والعدالة الاجتماعية.
وفى عام ٢٠١٣ ، عاد يوم 26 يوليو مجددا ليسجل باحرف من نور في سجلات التاريخ، عندما خرج ملايين المصريين فى القاهرة وبقية المحافظات، تلبية لنداء الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة آنذاك لتفويض الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب والعنف في مصر، ولتعلن الجماهير رفضها الفاشية الدينية، ولتمنح الشرعية لخريطة الطريق التى تم إعلانها فى الثالث من الشهر نفسه، ولتؤكد استرداد ثورة 25 يناير، والإصرار على تحقيق مطالبها الممثلة فى " العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية ".
أخبار قد تهمك