السائح العربي هو صاحب أكبر قوة شرائية في سويسرا وأوروبا، ومع الوقت أصبحت هناك العديد من الأماكن السياحية المجهزة لاستقبال السائح العربي، لكن رغم ذلك قد يحدث في بعض الأحيان سوء فهم أو عدم تفاهم ناجم عن الاختلافات الثقافية وتنوع القيم الاجتماعية والتوقعات والنظم القانوينة. swissinfo.ch أجرت حوارات مع عدد من السائحين العرب ومع السويسريين العاملين في قطاع السياحة لمعرفة كيفية التغلب على الحواجز الثقافية، وما يتعين على السائح العربي مراعاته في سويسرا لقضاء إجازة مريحة خالية من أي سوء فهم أو إحباطات؟
بلغ عدد السائحين من منطقة الخليج في عام 2018 أكثر من 356 ألف شخص وينفق السائح القادم من منطقة الخليج في المتوسط 420 فرنك يومياً وهو بالتالي الأكثر سخاءً في سويسرا. من هذا المنطلق، تحرص العديد من المنتجعات على جذب هذا السائح. وحتى هيئة السياحة السويسريةرابط خارجي أصدرت كتيباً مفصلاً رابط خارجيلشرح الخصوصيات الثقافية للسائح العربي، والتي يجب مراعاتها لجعله راضيا خلال عطلته.
لكن في المقابل ما الذي يتعين على السائح العربي مراعاته لتجنب أي سوء فهم ولترك انطباع جيد عن ثقافته ومجتمعه؟ هذا السؤال طرأ على ذهني، عندما كنت في إجازة في جبال الألب وتحدثت مع امرأة سويسرية عن تجربتها مع السائحين عموماً والعرب خصوصاً وفاجأتني بالقول:
"لن أؤجر منزلي مرة أخرى لسائحين عرب"
صدمتني مقولة السيدة بيترا وأصررت على معرفة الأسباب. في بداية حديثها سعت بيترا (تم تغيير الاسم حفاظاً على السرية) للتأكيد عدة مرات على أنها ليست عنصرية وأنها سافرت في العديد من دول العالم وتعشق طبيعة عملها لأنه يسمح لها بالتعرف على أناس من جميع أنحاء الكرة الأرضية، لكنها رغم كل شيء اتخذت قراراً بعدم تأجير العقار مرة أخرى لسياح من المنطقة العربية وأوضحت: "استضفت للمرة الأولى ـ والأخيرة ـ مجموعة من الشباب. لم يلتزموا بأي من قوانين والأعراف. قاموا بالتدخين في المنزل وإلقاء أعقاب السجائر من النوافذ. ألقوا بالنفايات في حوض المطبخ حتى تسربت المياه. شرحت لهم كيفية فصل القمامة لإعادة تدويرها، لكنهم ألقوا بكل شيء في الفضلات العضوية".
تؤجر بيترا عدداً من البيوت التقليدية في جبال الألب في منطقة بيرنر اوبرلاند منذ 16 عاماً، لكن تجربتها مع مجموعة الشباب، فاقت كل تصورات الواقع وكوابيس اليقظة، كما تقول "تصوري، جلبوا معهم موقد غاز وكانوا يعدون عليه القهوة في المنزل الخشبي، رغم خطر إشعال حريق ووجود موقد كهربائي في المنزل".
تشدد بيترا مرة أخرى على أن قرارها ليس له علاقة بالعنصرية، لكن حجم التوتر والعناء والمخاطرة، الذي عاشته خلال هذه المرة، دفعها لاتخاذ قرار بعدم التأجير مرة أخرى لسياح من المنطقة العربية: "أعرف بعض المؤجرين في المنطقة، الذين اتخذوا قراراً مماثلاً".
تدعو بيترا إلى توعية السائحين في الطائرة عبر عرض مقطع فيديو يتصمن إرشادات عن المبادئ السلوكية في سويسرا، فالعديد من البلدان لا يوجد بها نظام فصل القمامة وإعادة التدوير. كما أن قوانين حظر التدخين لا يتم الالتزام بها في كل الدول كما في سويسرا.
"يا غريب، كن أديب"
في محاولة لفهم أسباب موقف المؤجرة، تحدثت مع عدد من السائحين العرب عن تجربتهم في سويسرا وتعليقهم على هذا التجربة المؤسفة. نورا من قطر، لا تعاتب على السيدة وتبدي تفهماً كاملاً: "لا ألومها لأنها ترفض التأجير لأشخاص يخربون ويفسدون. البعض يعطي للأسف نظرة عامة عن أهل البلد وعن ثقافته وخلفيته. أحب العيش في بلد به قوانين. في قطر هناك قوانين وهي دولة متحضرة أيضاً. السويسريون صريحون تماما، ليس لديهم لف أو دوران. البعض قد يرى ذلك سلبيا، لكني أقدر الالتزام والانضباط" ، تضيف نورا بابتسامة " إنني أتمنى حتى العيش هنا".
أما سما من سلطنة عمان فرأت أن موقف هذه المجموعة من الشباب ينم عن جهل وقد يكون غير مقصود " في بلادنا لا يوجد فصل وإعادة تدوير للقمامة وربما تحدث أخطاء غير متعمدة بسبب اختلاف القوانين والعادات" ، وفي سؤال حول انطباعها عن البلد وأهله توضح سما
"الناس هنا لطفاء جداً، خاصة مع الأطفال أشعر بالراحة هنا. لكن لدي انطباع بأن السويسريين يتعاملون مع زوجي بأريحية أكثر، فيما هناك تحفظ من البعض اتجاهي، ربما بسبب الحجاب".
قد تكون منشأ هذه الانطباعات الافتراضية لسما هو تفسير خاطئ للدوافع وأيضا تصورات السويسريين عن المرأة العربية، ففي كتيب هيئة السياحة السويسرية الموجه للعاملين في قطاع السياحة، والذي يمنح بدوره صورة عن فهمهم للثفافة العربية، تنصح الهيئة السويسريين على سبيل المثال بالتحدث مع الرجال وعدم توجيه الخطاب للسيدات مباشرة مع الإشارة إلى أن النساء يقمن بالرد والتواصل أحيانًا لأنهن يتحدثن اللغات بشكل أفضل. وتنصح الهيئة بتجنب النظر في عيون شخص من الجنس الآخر وبتجنب مصافحة المرأة، حتى تمد هي يدها أولا.
السائح سفير بلده
بدوره يرى أسامة الشريف من مصر أن "بعض الناس يعطي صورة سلبية عن بلده. السائح سفير لبلده، لذا يتعين عليه إيصال صورة جيدة ".
تنصح كتيبات الإرشاد السياحي بالتحفظ في الحديث مع المرأة العربية احتراماً للعادات والتقاليد.
ويضيف أسامة أن أكثر ما لفت انتباهه في سويسرا هو " الالتزام بالوقت. القطارات تصل في مواعيدها بالدقيقة، دون أي تقديم أو تأخير. الثانية وليس الدقيقة، تصنع فارقاً هنا".
أما أهم نصيحة يوجهها للسائح عموماً فهو "التزود بمبلغ كاف من المال، ، حتى يستطيع الاستمتاع. سويسرا غالية مقارنة ببلدان أوروبية أخرى. لكن الجودة هنا عالية جداً وهي تستحق الزيارة بلا شك ".
لو كنت بحاجة لمعرفة المزيد حول مبادئ التواصل والقوانين في سويسرا، فإليك بهذه المعلومات:
الطعام والشراب
ـ يمكن الشرب من أي صنبور مياه في سويسرا وحتى في الشوارع والجبال يوجد عادة صنبور مياه في نافورة أو حوض صغير، به مياه عذبة صالحة للشرب، لكن بشرط أن يكون مكتوبا عليه "صالح للشرب".
ـ من يطلب مقبلات قبل الأكل في مطعم ، فلن يأتيه الطبق الرئيسي قبل انتهائه من المقبلات، إذ لا يتم تقديم كل الأطباق مرة واحدة هنا.
ـ العديد من المطاعم والسفن والفنادق يوجد بها ركن للأطفال، يقوم الأهل هنا بترتيب الألعاب وإعادتها إلى مكانها قبل المغادرة.
ـ من يصطحب الأطفال في مطعم، يجمع بقايا الطعام التي سقطت على أرضية المطعم أو تحت المنضدة ويحاول ترك المكان بصورة جيدة.
ـ نسبة البقشيش هنا 10% من قيمة الحساب. وهذه النسبة لا يخصمها المطعم، بل يتوقع النادل أن يدفعها الضيف من نفسه.
ـ أشهر الأكلات السويسرية الشعبية هي الجبن المطبوخ بأنواعه (راكليت وفوندو)، ورغم أن هذه الوجبة تعتمد على الجبن فقط، إلا أنها دسمة ومشبعة وقد تسبب إسهالا معوياً لمن يجربها لأول مرة، لذا ينصح بتناولها مع الشاي الأسود. البعض قد يتعجب من فكرة تناول جبنة كوجبة، لكن صدقني، ستقع في حب المطبخ السويسري لو جربت طعم الجبن المصنوع من لبن أكثر الأبقار المدللة في العالم!
المواصلات
ـ يسأل السويسريون قبل الجلوس في القطار الشخص الجالس، لو كان المقعد بجانبه شاغراً، حتى لو كان من الواضح أنه خالٍ.
ـ هناك دائما تذاكر مخفضة السعر لرحلات القطار على تطبيق الهاتف النقالرابط خارجي. احرص على حجز الرحلة من محطة قطار إلى أخرى وحجز تذكرة الأتوبيس منفصلة، وإلا لن تجد أي عروض، فالتخفيض مقدم من شركة السكك الحديدية على أسعار رحلات القطار فقط.
ـ بالنسبة لسائقي السيارات فالسرعة القصوى هي 50 كيلو متراً في الساعة في أغلب المناطق السكنية. ولكن توجد بعض المناطق التي لا تتجاوز السرعة فيها 30 كيلومترا
ـ يجب استخدام المقعد الخاص بالأطفال في السيارة لمن يقل عمرهم عن 12 عاماً وإلا عرض المرء نفسه لغرامة مالية. بعض سائقي السيارات قد يرفضون أن تستقل أسرة سيارتهم لأنهم ليس لديهم مقعد للأطفال.
ـ لا تنس حزام الأمان، ولو استوقفتك الشرطة، فضريبة عدم ربط الحزام يدفعها الراكب وليس صاحب السيارة.
ـ لو كنت قادماً من خارج سويسرا، فلا بد من شراء ملصق للسيارة ووضعه على النافذة الأمامية. هذا الملصق بمثابة ضريبة لاستخدام الطرق السيارة في سويسرا.
الشراء:
المحال تغلق أبوابها الساعة 18:30 خلال أيام الأسبوع، مع بعض الإستثناءات القليلة جدا.
والساعة الرابعة يوم السبت.
ـ يوم الأحد، كل المحال مغلقة، ولا يمكن التسوق إلا في محطات القطار الرئيسية، التي يوجد بها عادة كل شيء قد تحتاجه.
الدفع:
الفرنك السويسري هو العملة الرسمية، ويمكنك الدفع بالفرنك أو اليورو في المحال التجارية وحتى السوبر ماركت يقبل العملات الورقية وليس العملات المعدنية من فئة اليورو. أما الباقي فهو دائما بالفرنك السويسري.
الانترنت: معظم الأماكن يوجد بها شبكة انترنت مجاناً، ليس فقط الفنادق والمطاعم، بل حتى المطارات و القطارات والمزارات السياحية.
بيت الراحة:
ـ قد يكون الموضوع محرجا، لكن لا مفر من الإشارة هنا إلى أن الرجال في سويسرا يجلسون أيضاً عند قضاء الحاجة.
ـ مقعد المرحاض غير مزود بمياه.
ـ دورات المياه منتشرة في الأماكن العامة. في حال الضرورة، لا يوجد حرج من استخدام المراحيض في المطاعم.
ـ دورات مياه الرجال مزودة في العديد من الأماكن بمنضدة لتغيير حفاضات الأطفال.
فصل القمامة
ـ فصل القمامة، عمل يقوم به كل السويسريين ويبدعون في أداء هذا العمل، ففي اليوم الذي يتم فيه جمع الورق على سبيل المثال، ستجد أمام كل منزل سويسري أكواماً من الجرائد المصفوفة بعناية فائقة وكأنها جديدة، لم يتصفحها أحد. كما يحرص السويسريون على استخدام صناديق إعادة التدوير ومعرفة أيام التخلص من كل نوع من النفايات.
ـ أمام كل سوبر ماركت تقريباً توجد صناديق مخصصة للتخلص من العلب والزجاجات الفارغة حسب الخامة واللون.
السياحة على الطريقة السويسرية:
ـ من يريد التمتع بجمال الطبيعة في سويسرا فقد يتعين عليه المشي لمسافات طويلة. في معظم المناطق السياحية الجبلية يوجد طرق للسير في الجبال ولوحات تدلك على الاتجاهات. لو كنت تريد التمتع بمناظر طبيعية تخطف الأنفاس بعيداً عن زحام السياح، فاستعد لرحلتك في سويسرا، بحذاء صالح للتجول في الجبال وزجاجة مياه وارتداء ملابس عملية ولا تكتفي فقط بالتقاط الصور بعد الوصول أعلى الجبل بالتلفريك.
ـ سويسرا مشهورةبالمهرجانات الشعبيةرابط خارجي والموسيقية،رابط خارجي احرص على زيارة بعض المدن خلال مهرجاناتها السنوية، فهذه تجربة ذات مذاق خاص وتتيح لك التعرف أكثر على ثقافة وفنون هذا البلد المتنوع.
نهاية الإطار التوضيحي
أخيراً، هل هناك سلوكيات أوقوانين في سويسرا، لفتت انتباهك؟!