كانيباليزم" هو مصطلح يطلق على ظاهرة بين الكائنات الحية، وهو يشير إلى ممارسة غاية في الغرابة، ألا وهي "أكل لحم الجنس ذاته"، والتي تحدث في بنسب متفاوتة بين بعض الحيوانات التي تأكل الجيف النافقة من نفس جنسها.
أما في البشر، فإن جرائم القتل وأكل لحوم بني الإنسان كانت إحدى الممارسات الشائعة فى التاريخ، وكانت توجد في أوقات المجاعات أو الحروب للتنكيل بالعدو، وهناك من يأكلها من باب استحباب طعمها، وانتشرت أيضا بسبب طقوس وعادات وتقاليد بعض القبائل البدائية، التي كانت تعتبرها تكريما للموتى أو تنكيلا بالعدو، أو للاستشفاء، حيث أشيع بينها أن أكل لحم عدوك يمنحك قوته.
ومصطلح "كانيباليزم"، وترجمتها أكل لحم الجنس ذاته وليس لحوم البشر فقط، وهي مشتقة من كلمة "كاريب" الإسبانية التي تصف قبائل "كاريب" الهندية التي تحدث عنها المستكشف كريستوفر كولومبوس.
وذكر الدكتور عبد العزيز غوردو، الباحث والمفكر المغربى، فى كتابه "افتراس اللحوم الآدمية.. زيارة إلى التاريخ المقارن"، أن أكل لحوم البشر كان سلوكاً بشرياً رهيباً استمر لوقت طويل من الزمن، ولا يزال يطل برأسه من حين لآخر عندما تتعرض بعض الشعوب لنوائب الدهر، لافتاً إلى أن رموز السلطة هى التى أدت إليه وفق طقوس اجتماعية، فهو لم يكن مجرد سلوك فردى أو عشوائى بقدر ما كان طقسا ضمن ثقافة المجتمع له مظاهر عديدة متمثلة فى افتراس الأطفال حديثى الولادة وأكل جثث الأموات.
القبض على آكل لحوم بشر بعد تناوله دماغ وقلب ورئة سيدة
وأكد "غوردو" أن أكل لحوم الآدميين مشترك بين معظم الثقافات، ففى الهند على سبيل المثال كان عبدة الإله "كالي kali" يأكلون المرضى والمسنين لاعتقادهم بأن ذلك يرضى آلهتهم، وتكرم بعض القبائل فى نيوزيلاندا موتها بأكل أجزاء من مخهم تمجيداً لذكراهم، فبعد أن يموت الشخص تصبح له مكانة عند قبيلته حيث تجتمع حول جثته وينشدون بعض الأناشيد الدينية ثم يقوم ساحر باستخراج الميت ويوزعه بالتساوى على المشيعين ليأكلوا منه، وقد ظلت بعض القبائل الآسيوية تمارس هذا السلوك حتى القرن الـ19.
أسباب افتراس البشر لحوم بعضهم
وأشار "غوردو" فى كتابة إلى دراسة كشفت سبب سلوك افتراس البشر للحوم بعضهم البعض موضحة أنها تتعلق بـ3 أسباب رئيسية لهذا السلوك هى: \
1ـ سبب نابع من الداخل يتعلق بالمشاعر والنفسيات وهو اللذة.
2ـ سبب يبدو أكثر التصاقاً بالمجتمع والثقافة وهو الثأر.
3ـ سبب له أبعاد بيولوجية وهو الجوع، بخاصة فى المجاعات الكبرى، لكنه تحول بعد ذلك إلى عادة لدى الشعوب، فكانت بعض القبائل تفضل أكل لحم الغريب أو عابر السبيل وأشخاص أخرى من القبائل المجاورة.
ويرتبط سلوك أكلى لحوم البشر بسلوكيات "التفظيع" الذى يحمل قدر كبير من التوق إلى الانتقام ويفسح مساحة واسعة للضمير للمارسة الانتقام بكل جرأة وبدون خجل أو أى شعور بالعار أو الذنب من ارتكابها، فهذه الممارسة كفيلة بطرد الألم الخفي المستتر، الذي كان يعذب ويؤرق الذات من الداخل.
أشهر السفاحين الذين عُرفوا بأكل لحوم البشر
أرمين مايفيس
هو فنى كمبيوتر ألمانى قتل رجل وأكله عام 2001، حيث التقى به بعد أن أعلن عبر الإنترنت أنه يطلب شابا قوي البنية ما بين الـ18 والـ30 للذبح، ثم قام بقتله برضاه، وأثارت هذه الحادثة هلع الألمانيين وفى عام 2004 حكم على على مايفيس بالسجن لمدة 8 أعوام ونصف على خلفية قتله المهندس الألمانى برضاه وأكل جزء من جثته، وفى عام 2005 استأنفت إحدى محاكم الجنايات الألمانية قضية أكل لحوم البشر، ليصدر حكم مؤبد بحق السفاح مايفيس، بحسب "دويتش فيله".
إيسي ساجاوا
هو سفاح يابانى كان يبحث عن الجمال الذى افتقده فى شخصيته، فقد كان قصيرة القامة، وظن إنه إذا تناول شخصا أفضل منه سيصبح جميلا، فدعى امراة هولندية عام 1981 إلى تناول العشاء في شقته وعقد مناقشة أدبية بينهما، ثم نفذ خطته وأطلق عليها الرصاص وقطعها إلى أجزاء صغيرة، فأغمى عليه من الخوف، وبعدها بنصف ساعة استيقظ ولديه رغبة لتناول الضحية كطعام، فبدأ بالساقين، ووصف لحمها بأنه ناعم وعديم الرائحة مثل لحم التونة، وأنه أشهى لحم قد تناوله في حياته، ورأى أحد شهود العيان "ساجاوا" وهو يرتكب جريمته فأبلغ السلطات الفرنسية، التى قامت بدورها بالقبض عليه، لكنه تم إخلاء سبيله بعد أن أثبت الفحص اللطبى أنه مختل عقليا، بحسب صحيفة "البيان".