د. مينا ملاك عازر
إيران تشتري السلاح من إسرائيل ومن أمريكا، كان هذا وقت حرب الخليج الأولى، حقيقة لا يستطع أعتى الإيرانيين تشدداً إنكارهاً، ولا يستطع أعتى الأمريكيين تأمركاً أن ينكرها، ولذا بدأت بها المقال للتأكيد على أن التفاهم الأمريكي الإيراني بالرغم الصدامات الطافية على السطح، لأمر يجذب الأضواء دائما إلى نقاط أكثر حساسية، فتثيرك وتلهيك عما هو أكثر خطورة.
فلدفع أمريكا دول الخليج لشراء المزيد من قطع السلاح بمليارات الدولارات، يجب أن تزيد إيران الأمر تأججاً ويجب أن يكون الصدام والاحتكاك بادياً بينها وبين بريطانيا مثلاً وحتى لو كان التصادم مع أمريكا، لكن الأهم أن أحد لا ينتبه أبداً لحقيقة مفاداها أن ثمة صفقة للقرن يحاك لها في السر ومحاولات لإقناع الأطراف العربية برغبات إسرائيلية بحدود معينة وشكل معين من أشكال التعايش الفلسطيني الإسرائيلي، لذا يجب أن نوصل المنطقة لنقطة استعار لا يتخيلها أحد وخاصة لو كان ذلك الاستعار بين إيران والسعودية، فيكون الصراع سني شيعي، مع أنه من الضروري التكاتف لكسب أكبر قدر من المكاسب من الصفقة المزعومة هذه، لكن جر المنطقة لخلافات سياسية وربما عسكري من شأنها إشعال الأمر، وتأجيج نار الفرقة وبعث روح الفتن في اليمن وتخريب سوريا بصدامات مسلحة لا نهاية لها لا يكسب من وراءها سوى الروس والإيرانيين الذين وطدوا أرجلهم في الدولة التي كانت يوما ما دولة، كما أن ليبيا نفسها المشتعلة بشكل ما تحاول تركيا وقطر الإبقاء عليها هكذا، حتى مع المحاولات الجادة لمصر والإمارات والسعودية لإنهاء الصراع في مصلحة الجيش الليبي الوطني، تجد أن التدخلات الاقتصادية بحسب المصالح الإيطالية التي تصب في وجود حكومة الوفاق والفرنسية التي تساند حفتر تزيد من الوضع سوء، وإن كان على المسرح الليبي أتوقع إنفراجة قريبة بقرار المشير حفتر الحسم قريباً والذي ربما يكون قد بدأ في نفيذه قبل نشر هذه السطور -بإذن الله- أو على أقصى تقدير يكون طور الانتهاء من البدء فيه.
نعود للعلاقات الإيرانية التي طالما توافقت سراً وتصادمت علناً إلا في عهد ترامب الذي يأخذ الأمور بجدية، ويلعب السياسة ربما ببراءة ويصدق نفسه أكثر مما يصدق أجهزة دولته التي تقول له على الحدود المسموح بها للصدام بين الدولتين الصديقتين من أيام الشاه حتى يبقون على إسرائيل في المنطقة ويبقون على العرب بقر حلوب يؤخذ منهم الأموال في سبيل بيع السلاح بداعي تأمينه من الخطر الإيراني الداهم.
المختصر المفيد السياسة فن السفالة الأنيقة.