تصنع العصائر والشاى والقهوة، وترص الحجارة وتسخن «الولعة»، ثم تنتقل سريعاً لمحاسبة الزبائن، هكذا تقضى «أم فهد» 12 ساعة يومياً فى العمل بمقهى فى منطقة الدرب الأحمر، بلا راحة أو توقف.. «شغلانة صعبة طبعاً، طول النهار والليل رايحة جاية أوصل الشاى وأغسل الشيشة وأنزلها، وأطلع بيها على الناصية، ومش باستريح إلا بعد ما أروح بيتى».

تعلمت «أم فهد» العمل داخل المقهى من زوجها، الذى توفى قبل 15 عاماً، كانت تلاحظه وهو يعمل، وتساعده فى شراء مستلزمات المقهى، من سكر وشاى وقهوة وغيرها، وتقف بجانبه: «عرفت منه كل حاجة، ووقفت جنبه فى القهوة زى ما عملت وقت مرضه».

تحكى «أم فهد» عن مرض زوجها بالقلب، الذى غيّر شكل حياتها، ورافقته فى زياراته لمعهد القلب: «كان عيان جداً، ركب الصمام الميترالى، وكانت عضلة قلبه ضعيفة، تعب وجاله ميّه على المخ، وراح عند اللى خلقه». تغير كل شىء، وكانت مجبرة على تحمل الصعاب، والقيام بدور الأم والأب لـ5 أطفال، عليها أن تعتنى بهم، وتنفق عليهم: «نزلت أشتغل زى جوزى بالظبط، واتحملت المسئولية كاملة علشان عيالى».

كبر الأطفال، وتخرجوا فى الجامعات، ويفخرون بكفاح والدتهم، بينما هى لا تزال تعمل فى المقهى بنفس القوة والحماس: «الدنيا عايزة القوى المجتهد، مش المفترى القوى، وآدينا بنشتغل بالحلال»، حيث تنزل العمل يومياً حتى فى فترات المرض، لتوفير التزاماتها، ويحترمها جميع الجيران والزبائن ويقدرون تعبها: «علاقتى حلوة بالجميع، وبيجيلى زباين من كل الطبقات». أحلام «أم فهد» بسيطة، تتمنى فقط تأدية مناسك العمرة قريباً، وأن تفرح بأبنائها وتطمئن عليهم: «مش عايزة حاجة غير إن ربنا يهديهم ويصلح حالهم ويشقوا طريقهم».