الأقباط متحدون | فيها حاجة حلوة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:١٥ | الجمعة ٩ ديسمبر ٢٠١١ | ٢٨ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٠٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

فيها حاجة حلوة

الجمعة ٩ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: سامي فؤاد
في المقهى، أنظر في وجوههم الشاحبة والحزن المختبئ وراء ابتسامة أو ضحكة على نكتة سخيفة سمعوها كثيرًا، حتى من يلقي حجر النرد بغيظ وعصبية وكأنه يلقي معها همومه وآلامه. الغريب في "مصر" أن كل الأسباب التي تجعلك تحبها هي نفس الأسباب التي تغيظك، الضحك حتى البكاء، والسخرية والابتسامة في أقسي الأزمات، وجوه بحرارة الشمس وقلوب بنبض الأطفال، أحكامنا بسرعة غضبنا، وقناعتنا تحكمها الصورة، جدودنا أول من عرفوا التوحيد ومنا الكثير يقبل الوصاية، نغني لبلادنا أجمل أغاني الحب ونفعل فيها أبغض معاني الكراهية، تطارد عقلي أبيات سرور وجاهين ونجم لا يبعدها عني إلا سماعي له يقول ساخرًا لزميله هو "حجر رشيد حجر قص ولا حجر تفاح"؟ ليرد عليه: لا اسم صاحب القهوة، ابتسم وأنظر للتلفاز أهم الأنباء؛ توافد العشرات في "العباسية" للتأييد ومعتصمو "التحرير" يرفضون وزارة "الجنزوري"، محاور يستضيف الدكتور "نظمي" الخبير الإستراتيجي والدكتور "رسمي" المحلل السياسي يصرخ، أحد رواد المقهى "مصر" كلها خبرًا وتحليل وأشعة، فين العلاج.. يبدل العامل القناة، برنامج قراءة في صحف اليوم، مرشَّح رئاسة محتمل ورأيه في المايوه والخمور، يضحك أحدهم بهيستريا وهو نفسه صاحب مقولة "حجر رشيد": خمور إيه يا أخوانا؟ زيت التموين خنقنا، وكل ما أقول للمدام اشتري زجاجة زيت نظيف بدل الزيت اللي لا الليمون ولا البصل غيَّر ريحته، تصرخ في وجهي: "منين يا أخويا؟"، يردِّد ودمعه تسبح في عينيه: هو إحنا بنشوف الأكل؟ أنا ليا سنين ما شربت كوباية لبن، هما بيتكلموا علينا ولا على شعب ثاني؟؟..

يسود الصمت قليلًا وكأنه تكلم عنهم جميعًا وعبَّر عن حالهم، ويقطع صمتي ونظراتي ماسح الأحذية قائلًا: أقولك يا أفندي. أقاطعه سائلًا: هو حضرتك استراتيجي ليرد علي محسوبك بورسعيدي أحسن ناس، اتفضل قولي.. يا أفندي، الناس الغلابة اللي زينا ما يعرفوا ليبرالي ولا علماني ولا ديني، ما كلنا مؤمنين ومتدينين، هو أحنا نعمل إيه غلط ولو عاوزين أعوذ بالله نغلط لا في فلوس ولا صحة، وبعدين زي ما نحتاج مكان نصلي فيه عاوزين مستشفى نتعالج، ومكان العلاج لازم يكون بالرخام زي مكان الصلاة، وربنا يقوي بدنا ويقوي نفوسنا، أصل الفقر كافر والمرض ذل، أسألني أنا يا أفندي، ومشاكلنا حلها بسيط، الأمن: اضرب المربوط يخاف لا مؤاخذة اللي يعمل فوضي، اعمل مراقبة على المسجلين والخطرين واللي يشتغلوا لحسابه وبالنسبة للاقتصاد المليان يصب على الفارغ الناس الخبراء والمستشارين اللي يكلفونا ملايين خف منهم أو قلل مرتباتهم. ولا إيه رأيك؟؟.. أرد عليه شاردًا: إيه!!!. يردد آخر وكأنه يحل الكلمات المتقاطعة: التيار الديني والعسكري، دينية ولا عسكرية، قمع الحرية باسم السلطة ولا قمع الحرية باسم الدين، من صنع العقدة ومن يحلها، أشعر باختناق وأنا أردد بداخلي من يسمع ومن يشعر بهؤلاء، وهؤلاء أصحاب الداء ومنهم من يملك الدواء بدون مصطلحات معقدة وأيدلوجيات واتجاهات وتيارات، أتحرك إلى الشارع تصدر من أحد المحلات أغنية "فيها حاجة حلوة"، أتذكر قنابل الغاز الأخيرة المحرمة دوليًا والقناص الشاب ما دفعه لهذه الوحشية وأي كراهية لأبناء وطنه تجعل عيونهم هدفه من غسل مخه، وهل هو مريض نفسيًا؟ هل هو ضحية؟ أيضًا ضحية مفاهيم تجعله يقتل أبناء الوطن دفاعًا عن الوطن، وما الوطن إلا الإنسان فقد يكون هناك إنسان بلا وطن، ولكن ما معنى وطن بلا إنسان؟ وهل يأتي الغد بمن يقتل دفاعًا عن نظام يتهم معارضيه بأنهم معارضي الدين؟.. سيارة أمامي عليها ملصق 25 يناير، وأخرى تحية للشهداء، هل نحن حقًا بعد 25 يناير، أم نعيش في عصر المماليك؟ ولما لا؟ فمقدم برامج يسبق اسمه لقب دكتور كان اختباره لأحد مرشحي الرئاسة هو كم عدد أعواد البقدونس في الحزمة الواحدة، وكيفية تزغيط البط!! يعني من رئيس البقدونس للخمور يا قلبي لا تحزن.

أعود للمنزل، أسمع طفلي يردد: "الشبشب ضاع.. كان بصباع"، أجري عليه، ضيعت الشبشب؟ حرام يا بني، لسه جديد. يرد الطفل بسخرية وتهكم: يا بابا أغنية.. أغنية. أنتبه، يا نهار أبيض، ما هذه الكلمات القبيحة الذي يرددها الطفل؟ وقبل أن ألومه ألوم نفسي، فقد شغلني في البداية ضياع الشبشب قبل ضياع القيمة، ويظهر كله ضاع .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :