لا يدعو أبدًا للابتهاج، تقرير منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة بمجلس الوزراء تلقت مليونًا و663 ألفا و343 شكوى واستفسارا من المواطنين عبر بوابتها الإلكترونية، منذ تأسيسها، بشأن الجهاز الإدارى للدولة وقضايا البيروقراطية والفساد.
الأرقام هنا لا تدعو أبدًا للغبطة، بمعدل تقريبى شكويان كل دقيقة تتلقاهما خطوط المنظومة. التحليل الأمين يقول إنها ترجمة على عجز الوحدات الطرفية فى الوزارات والهيئات والمؤسسات، تحديدا، وفى المحليات غالبًا، عن توفير أبسط الحلول لمشاكل الناس محليًا، فتصدر المشاكل إلى مجلس الوزراء مركزيًا، هناك عطب يعبر عن نفسه فى سيل الشكاوى مركزيًا.
الرقم المليونى يؤشر أولا على انسداد فى الأوعية الطرفية فى الوحدات الحكومية، سدت فى وجوه الناس السبل محليًا، فذهبوا إلى الشكوى فى مجلس الوزراء يأسًا من موظفى المحليات والمديريات والهيئات والمؤسسات، مقدمو الخدمة فى النهايات الطرفية على ما هم عليه، لم يطرأ عليهم تغيير، لا يزالون فى محطة «فوت علينا بكرة».
وثانيًا، يؤشر على افتقاد الناس أصلا الثقة فى قدرة هؤلاء المحليين على توفير حلول جذرية، فذهبوا مركزيًا بحثًا عن حلول ناجعة، وبالتجربة ترحّل المحليات الطلبات والشكايات إلى الوزارات، تنفّض للمواطن.. بلا وجع دماغ، هناك جيل بيروقراطى عريق فى التحبيط من موظفى المحليات جُبل على تصدير المشاكل إلى الوزارات بدلًا من التوفر على توفير حلول للتخفيف عن المواطنين وحل مشاكلهم فى مسقط رأسهم فتطل برأسها فى العاصمة.
وثالثًا، حل المشاكل فى مجلس الوزراء ليس حلا جذريا، سيجد مقاومة من هؤلاء البيروقراطيين، الذين يعقّدون العقد، ويغلقون الأبواب فى وجوه الناس، ويسودون عيشتهم، وتتفشى فيهم كل أمراض البيروقراطية المتوطنة من محسوبيات ووساطات، هؤلاء وُلّفوا على قتل الأمل فى نفوس البشر، ويسيئهم تقديم الخدمة خالصة لوجه الله.
نجاح العاملين فى المنظومة فى توفير الحلول لنحو 85 فى المائة جهد مشكور، ولا شكر على واجب، ولكن يستوجب بعد عامين على إنشاء المنظومة المعتبرة التوفر على دراسة معمقة لمجمل الشكاوى، ورصد التكراريات، ونسقها، وماهية الوزارات المشكو منها، وماهية الهيئات التى تصدر عنها الشكاوى. منظومة الشكاوى وإن كانت معنية بتوفير الردود، فإنها معنية أكثر بتقديم دراسات حقلية موثقة عن أداء الوزارات والهيئات والمؤسسات، التى تصدر عنها الشكاوى.
أيضًا نوعية الشكاوى وتكراريتها يمكن البناء عليها فى رسم سياسات المواجهة، طالما مصدر الشكاوى نشط، ويصدر المشاكل للحكومة فسنحصد المزيد من الآلام. الشكاوى مقياس الرضا العام. أخشى ما وصل إلى مجلس الوزراء غيض من فيض.
نقلا عن المصري اليوم