د. مينا ملاك عازر
النجاح الأمني الذي تابعناه أول أيام عيد الأضحى المبارك –كل سنة وحضراتكم طيبين- وهو نجاح معتاد يفرح بجد لكنه يغيظ إذا كنتم ناجحين في تأمين صلاة العيد ومباراة الأهلي ومن قبلها في يوم الوقفة مباراة بيراميدز إذن لماذا لا تؤمنوا مباراة الزمالك!؟ وتجبروهم على تأجيلها؟ ما كلف الزمالك المزيد من المال تكلفة إقامة الفريق الصومالي.
إذا كنتم شاطرين هكذا وألقيتم القبض وتتبعتم فعلة التفجير المصادف لمعهد الأورام، فأنا لا أجزم أنه كان مقصود بشكل مباشر أو غير مباشر فلماذا لم تنفذوا عمليات وقاية؟ أتفهم جيدا أن كثيرين كانوا سيشكون فيكم وفي مدى صحة أقوالكم بأن هؤلاء إرهابيين لكن قوموا بعملكم وليجازيكم الله والوطن وتوقوا الناس شرورهم.
أغتاظ من استنفار دائماً مطروح، لماذا الأمن الموجه للإرهاب ناجح بدرجة أو بأخرى والأمن المهتم بالمعارضين ناجح جداً ومحكم قبضته على كل المنافذ، إذن لماذا الأمن الداخلي ليس على نفس قدر الكفاءة؟ سيارة مسروقة من أشهر من المنوفية لا يتحرك أحد ويحاول استعادتها فتنفذ بها عملية إرهابية، لو كنا قد أرجعناها لصاحبها لفرح وارتحنا، واطمأن كثيرين، لكن وضع المحضر في الدفتر وتسديد الخانة وتبرئة ساحة المبلغ بأنه لا علاقة له بالسيارة، فهو بلغ عن سرقتها، وتبرئة ساحة الضابط بأنه حاول واجتهد ولم يدله الحرامي عن سكة السيارة فتكون هذه هي النتيجة التي وقعنا فيها.
أهم الحقائق التي لا يمكن الأمنيين أن يغفلوها أو يغضون النظر عنها مهما فعلوا، أنه ليس بالأمن وحده يحيى ويأمن الإنسان بل بالفكر والحرية فإطلاق صراح لسان برهامي وعبد الله رشدي إيمانا منك بالحريات في التفكير يجعلك مطلوب منك أن تطلق صراح وحرية لسان وفكر وقلم وعقل رجل مثل إبراهيم عيسى وإلا تكون متواطئ ومتهم بالإرهاب الفكري مثل هؤلاء الظلاميين الذين كل جريمتهم أنهم فجروا من اعتقدوا أنهم مختلفين معهم في الفكر، أما أنت فكبلتهم وقيدتهم وقتلت فيهم روح الحرية هم أزهقوا روح وأنت كبت روح تكاد أن تزهق.
ليس بالأمن وحده يأمن الإنسان، فالأمن وإن شهد أن برهامي معانا وليس ضدنا وليس معارض، فلن يفهم ما يقوله برهامي ومن على شاكلته في خطبهم، تكفير الآخر وتحض على كراهيته وتمنع بناء الكنائس وتقلب المجتمع بعضه على البعض الآخر، الأمن يقف مكتوف الأيدي أمام مظاهرات ترفض بناء كنيسة ويتعاطف معهم، ويؤمن خطب برهامي لكنه يقف أمام من يقول لا لأي شيء تريده الدولة، لذا فالمواطن غير آمن لأن الأفكار الإرهابية يرعاها الأمن ويتركها ترعى في الأرض فساداً، وتضل كثيرين، وتفجر كثيرين وتقتل الأكثرين وترهب الكل.
إن كنتم تريدون مصر آمنة، فالأمن له دور، والفكر له دور، والحرية لها دور، أما وأن اخترتم الأمن فقط فبادي من تقديراتهم ونسب نجاحاتهم والعمليات التي تجري وتتحدث بالرغم عنهم أن ليس بالأمن وحده يأمن المواطن في هذا البلد.
المختصر المفيد التأمين للكل مش على الدواق وبالمزاج، الحرية للكل مش على الدواق وبالمزاج.