بقلم : فاروق عطية
في فترة الدراسة قيل الجامعية بصعيد مصر لم نكن نعرف شيئا عن الدوري المصري لكرة القدم خاصة قبل حركة الضباط الغير مباركة.
كنا فقط نشاهد دوري المدارس بمديرية جرجا (محافظة سوهاج حاليا)، وبالطبع نشجع لاعبي مدرستنا حين يلعبون ضد المدارس الأخري، فلم يكن بمصر تلفاز حينذاك، حتي الراديو الترانزيستور لم يكن معروفا بعد، والراديو المنزلي لم بكن متاحا للكثيرين.
وفي مرحلة التعليم الجامعي بالقاهرة (لم تكن هناك جامعات بألأقاليم غير الإسكندرية) كان لي صديق مدمن تشجيع نادي الزمالك، كنت أراه دائما مهتما ومهموما بتلك اللعبة ويتغيب عن الدراسة لبضعة أيام حين ينال فريقه هزيمة خاصة من النادي الأهلي، وحين يعود نراه مكتئبا وتقوم بينه وبين بعض الزملاء الأهلاوية مناقشات وتعليقات ظريفة فيزداد حزنا.
كنت أتعجب لذلك ولا أعرف كيف يكون ذلك العشق المدمر للعبة هي مجرد رياضة لا أكثر.
لاحظت أن حكومة الضباط تشجع وتغذي هذا التعصب الكروي بين الناس حتي تشغلهم عن السياسة وممارستة الحياة الحزبية، فصارت النوادي هي البديل المنطقي للأحزاب، قانقسم الناس لأحزاب رياضية بدلا من الأحزاب السياسية التي كانت سائدة قبيل الحركة وأشهرها حزبي الوفد والأحرار الدستوريين، فاستبدلهما الناس بحزبي الأهلي والزمالك.
بداعي الفضول كنت أذهب إلي الاستاد لمشاهدة مباريات الأهلي والزمالك حتي يمكنني أن أشارك في النقاش الذي يدور بين أصدقائي بعد كل مباراة.
أردت أن أعرف لماذا يشجع أغلبية الناس النادي الأهلي أكثر ممن بشجعون نادي الزمالك، فقرأت كنيبات كانت منتشرة عن النوادي، عرفت منها أن النادي الأهلي كان معظم أعضائه ضد الاستعمار الانجليزي والكثير منهم كانو يقومون بأعمال فدائية ضد المستعمر، لذلك اختار قميصه باللون الأحمر لون الدم، وكان يرأسه عبود باشا أعظم اقتصادي مصري وطني عرفته البلاد.
في المقابل بدأ النادي المنافس تحت اسم نادي المختلط يجمع بين المصريين والانجليز كأعضاء للنادي وأيضا كلاعبين واختار قميصه باللون الأبيض وخطين أحمرين يمثلان اخنلاط المصريين بالانجليز.
وبعد اتفاقية 36 التي أنهت الاستعمار ورحّلت جنوده إلي منطقة القنال، أصبح النادي خاليا من الانجليز الذين كان النادي يحتمي بهم، غيّر النادي إسمه إلي نادي فاروق الأول حتي يكون تحت حماية القصر، وحين رُحّل فاروق بعد حركة الضباط إلى كابري غيروأ إسم النادي مرة أخرى ألي نادي الزمالك رغم أن مقره بميت عقبة، تمسحا في علية القوم المقيمين بالزمالك، وصار النادي تحت حماية المشير عبد الحكيم عامر شخصيا.
حينئذ صار النادي الأهلي فريقي المفضّل ولكن دون تعصب لإيماني بأن لعبة كرة القدم مجرد رياضة ولابد أن يتصف الرياضي بالروح الرياضية.
وما زالت حكوماتنا الموقرة منذ حركة الضباط حتي حتي الآن تشجع التعصب الرياضي رغم وجود العديد من الأحزاب السياسية الكرتونية ومعظمها أحزاب دينية غير دستورية، جميعها في جانب الحاكم ولا توجد أي معارضة حقيقية.
في الدوري الحالي رقم 118 للعام الرياضي 2018-2019 م كان فريق الزمالك في أفضل حالاته وذلك بعد توديع الفريق لبطولة الكونفيدرالية الافريقية من دور الـ32، عقب الخسارة أمام ويلايتا ديتشا الاثيوبي بركلات الترجيح بنتيجة 4/3، بعد تبادل الفريقين الفوز ذهابا وإيابا بنتيجة 2/1، العام السابق مما أتاح له الوقت للراحة إبان مباريات هذا العام، كما ضم نخبة متميزة من اللاعبين الذين دفع النادي فيهم الملايين.
بينما كان فريق النادي الأهلي في أسوأ حالاته وذلك لاستمراره في اللعب في بطولة أبطال الدوري الأفريقية حتي النهاية (التي خسرها في المباراة النهائية من الترجي التونسي) وواصل اللعب للعام التالي بلا راحة تذكر مما أدي لتساقط لاعبيه مصابين من الإنهاك حتي وصل عدد المصابين لـ 17 لاعبا.
ظل فريق الزمالك متقدما علي فريق الأهلي حتي وصل الفارق في النقاط لـ 18 نقطة لتأجيل بعض المباريات لفريق النادي الأهلي أبان اللعب في بطولة أبطال الدوري الأفريقية التي خسرها.
وتقلص الفرق في النقاط بينهما عندما تساوي عدد مباريات اللعب بينهما إلى 8 نقط لصالح فريق الزمالك.
وظل فريق الأهلي يزحف ويتفوق ويجمع النقاط بفضل يقظة ورعاية إدارة النادي وحسن إدارتها وعلى رأسها الأسطورة محمود الخطيب الشهير ببيبو، وغريمه يفقد النقاط تعادلا وهزائم بفضل سوء سياسة ادارة النادي وهلفطة وسلاطة لسان رئيسه مرتضى منصور الشهير بمورتا، وخسر في الدور الثاني 17 نقطة، وانتهي الدوري لصالح النادي الأهلي بفارق ثمان نقاط، ولم يكتف بذلك بل هزم فريق الزمالك في اللقاء الأخير بينهما.
في رأيي أن سبب انهيار فريق كرة القدم لنادي الزمالك هذا العام رغم الراحة وكتيبة اللأعبين المتميزين لديه تكمن في ثلاثة أسباب رئيسية:
ـ أولها كيس الرز المسمي تركي بن شيخ ذلك المسخ الصحراوي الحاقد علي مصر الحضارة، وريادة مصر في كل المجالات خاصة كرة القدم، متناسيا ما قدمته مصر لدولته ولولاها لظلوا حفاة رعاة كما كانوا.
أراد أن يتسلل للرياضة المصرية وخاصة كرة القدم ليوقف تقدمها فاشتري فريق كرة القدم لنادي الأسيوطي تحت مسمي نادي بيراميدز، ثم بدأ التودد للنادي الأهلي الذي وضعه كرئيس فخري للنادي، وحين استشف ما يضمره ويعمل جاهدا لتحقيقه تراجع واعتذر له بلباقة، فتلقفه بلهفة مرتضي منصور وصار تابعا مخلصا له يقف الساعات منتظرا قدومه بالمطار وينحني كخادم لاستقباله متناسبا أنه من أكبر المحامين ويرأس ناديا من أكبر نوادي مصر وأنه عضو مجاس نواب برلمان مصر العظيمة.
أغراه باستقدام المدرب الشهير كريستيان جروس وتعهد بدفع راتبه الكبير، كما تعهد باستقدام لاعب الأهلي المتميز عبد الله السعيد الذي اشتراه نادي أهلي جدة من الدوري الفنلندي ليلعب للزمالك مجانا.
بعدها نكص بتعهده واستقدم السعيد ليلعب لناديه بيراميدز، وكان جروس يعلم من يدفع راتبه وينفذ رغبته لتحجيم فريق الزمالك حتي يكون بيراميدز هو المتصدر بعد ما كان يظنه من انهيار فريق النادي الأهلي.
وعندما أيقن أن ناديه لن يسبق الأهلي بعد تخطي الأهلي نقاط بيراميدز وله عدة مباريات متبقية وأنهي بيراميدز كل مباياته، زاد حنقه علي نادي الزمالك ليوقف تقدمه للمركز الثاني، قال لمرتضي منصور بكل وضوح: من الآن فصاعد ادفع لجروس راتبه من مال ناديك لأن مالي أولي به نادي بيراميدز الذي أمتلكه، مما دعي مرتضي منصور لإقالة جرس قبل انتهاء الدوري حتي لا يدفع له راتبه الكبير بحجة تعادل فريق الزمالك مع فريق نادي الإنتاج الحربي.
ـ ثانيها رئيس نادي الزمالك نفسه (مرتضى منصور الشهير بمورتا) الذي كان معول هدم لفريقه بسياسته الغير متوازنه فتارة يغدق المال بلا حساب علي بعض أفراد الفريق ويحرم البعض منها وتارة يهدد اللأعبين ويسبهم بأقذر الألفاظ ويهدد بوقف من يراه غير موفق عن اللعب، فصار اللاعبين يلعبون إما تطلعا لمزيد من المال أو خوفا من العقاب دون النظر لحب النادي والانتماء الحقيقي له.
أيضا وقوع مرتضي منصور تحت براثن تركي آل شيخ وعدم قدرته السيطرة علي مدرب الفريق وعناده وعدم استجابته له كرئيس للنادي، جعله غير قادر علي السيطرة الفعلية علي الأمور وازدادت حدته وسلاطة لسانه وادعائه الدائم بمحاباة اتحاد اللعبة والمحكمين للنادي الأهلي وضد فريقه، رغم أن الإحصائيات تؤكد أن جميع النقاط التي خسرها فريق الزمالك تعادلا أو هزيمة كانت بمحكمين أجانب، وأن فريقه كان المستفيد الأكبر بركلات الجزاء الغير حقيقية بالتحكبم المصري، وأن فريق النادي الأهلي من أكثر النوادي التي احتسب عليها ضربات جزاء ساذجة وغير حقيقية بالتحكيم المصري.
ـ ثالثها المدرب كريستيان جروس مدرب نادي الزمالك الذي كان يأخذ راتبه من شوال الرز وينفذ تعليماته، كان يلعب بفريق من 16 لاعبا فقط ولا يستعين بأي من لاعبي دكة الاحتياطيين رغم كفاءة وحنكة أكثرهم، ولم يستجب لنصائح رئيس النادي باستخدامهم وازداد عنادا حتي استهلك الفريق فانهار البعض منهم منهكين ومصابين خاصة اللا عب المتميز فرجاني ساسي أفضل لاعبي الفريق بلا منازع، الذي بعد إصابته كان كل من يلعب بديلا له يظهر عجزه لتجمده على دكة البدلاء لفترات طويلة. كان جروس ينفذ تعليمات شوال الرز راغبا في تعادل أو هزيمة فريقه حتي يظل نادي بيراميدز متصدرا ولكن يشاء الله أن يحبط تخطيطهما ويتعافي فريق النادي الأهلي ويسترد الصدارة، ويظل فريق الزمالك محتفظا بالوصافة ولا يتعدى بيراميدز المركز الثالث.
كما حاول جروس بكل خبث أن يخسر فريقه بطولة الكونفدرالية الأفريقية بوضع خطة دفاعية خالصة لعب بها في النهائي ضد فريق نهضة بركان المنهك من اللعب في دوري بلاده والبطولة العربية وبطولة الكونفدرالية الأفريقية، واستطاع فريق نهضة بركان علي ملعبه الفوز علي الزمالك بهدف وحيد برغم تسيده المبارة والعديد من الأهداف أنقذها القائمن والعارضىة، وإلغاء الحكم ضربة جزاء حقيقية بمساعدة الفار، وفي المبارة التالية بالقاهرة استطاع الزمالك بعد جهد جهيد أن يكسب المبارة بهدف وحيد ليلعب ضربات الحظ الترجيحية ليكسب المبارة بدُعاء الوالدين 5/3 ليحصل علي البطولة الكونفدرالية رغم أنف شوال الرز والمدرب الجهبز كريستيان جروس وخطته الدفاعية.
وفي النهاية لا يسعني إلا أن أهنئ الأهلي لحصوله علي بطولة الدوري العام المصري المستحقة ونهنئ الزمالك أيضا علي الوصافة التي أدمنها. ونهنئ النادي الأهلي لانتصاره في دربي القاهرة وهارد لك للزمالك وخيرها في غيرها.
