عادل نعمان
وزارة الأوقاف المصرية هدى الله بصيرتها ونوّر الله طريقها- تستعين بشيخ السلفية ياسر برهامى ليرفع ما ثقل عليها من أمور الدين، ويكمل ما نقص من عقائد الناس، ويستكمل بيديه الكريمتين حلقة الوصل والدعاء إلى الله. الشيخ ياسر إمام المجاهدين والمفرقين والمشتتين والمقسمين والممزقين سيعتلى المنبر فى الإسكندرية، يفرق ما جمعناه، ويشتت ما رتبناه، ويقصقص ما لصقناه ويمزق ما رتقناه، إلى الله المشتكى من ياسر ومن القائمين على الأوقاف.
الوصايا التسع لن تقيد فكرا، ولن تزيح عقيدة، ولن ترفع ما تبناه هو وفصائل السلفية، المسائل العقدية يا وزارة الأقاف أقوى من العهد ومن الميثاق ومن القسم، ومخالفة الوصايا والعهود أمر واجب وملزم شرعًا إذا خالفت شرائعهم، وزارة الأوقاف أظن أنها سمعت وقرأت عن «المعاريض»، مندوحة السلفيين إلى الكذب، ونقض العهود، وحنث اليمين، وإبطال المواثيق والعقود. ولن أستعرض الوصايا التسع كاملة، إلا أننى أسأل المسؤول فى وزارة الأوقاف الذى أعطى برهامى تصريح الخطابة وسلمه الوصايا وألزمه بها، عن الوصية الثامنة والتى «يلتزم فيها بعدم الدعوة أو الترويج لأى منهج دعوى خلاف المنهج الوسطى الأشعرى» فما هو موقف السلفية والوهابية من المذهب الأشعرى؟ وأين موقع برهامى والسلفية المصرية بعد أزمة مؤتمر «جروزنى» حين أعلنت السلفية الوهابية أم السلفية فى العالم «خروج الأشاعرة والمَاتُريدِيَّةُ من مسمى أهل السنة والجماعة»؟ وحين أعلنوا «أن السلفية هم أهل السنة والجماعة وما عداهم من الفرق فرق ذمها الرسول، كمن قدم العقل على القرآن والسنة، وعطل صفات الله، أو رفض استواء الله على العرش، وعلوه على خلقه»؟ وهل يلتزم برهامى بمنهج السلفية الذى يدين به، أم بالمنهج الأشعرى الذى تلزمه به وزارة الأوقاف، أم أن هذه الوصية وغيرها على فشوش؟.
هل قرأ فضيلته لهذا المجاهد كتابه «فقه الجهاد» الذى يلتزم ويتعاهد ويعترف ويقر بتطرفه وانحرافه، وإباحة قتل غير المسلم جهارا نهارا؟ خذ يا شيخنا الفاضل عن برهامى تقسيمته مراحل الجهاد الأربع، وإقراره بالمرحلة الأخيرة، والالتزام بها منهجا يتعامل به مع غير المسلمين، والمراحل الأربع على الترتيب: المرحلة الأولى «الاستضعاف»: مرحلة الكف والإعراض والصفح، حيث كان القتال محرمًا، بالآية «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً».
المرحلة الثانية «مرحلة الشوكة» الإذن بالقتال دون فرضه على المسلمين، بالآية «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ». المرحلة الثالثة «قوة الشوكة» الأمر بالقتال لمن يقاتلهم بالآية «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ». المرحلة الرابعة «الاستقواء» قتال المشركين كافة بالآية «وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً» والآية «فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ» والآية «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» والحديث النبوى «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله»، وهذه المرحلة «الرابعة» والأخيرة هى التى استقر عليها الأمر فى معاملة المسلمين للكفار من جميع الأجناس من أهل الكتاب وغيرهم، ويزيدنا الشيخ برهامى من فضله وتطرفه فى كتابه فقه الجهاد «على أنه يلزم المسلم عند القدرة ابتداء الكفار بالقتال ولو لم يقاتلوا المسلمين وهذا هو جهاد الطلب» هذا ما جاء فى وثيقة برهامى «فقه الجهاد» المولودة على يديه ومن رحم السلفية والوهابية، ولم تخرج داعش والقاعدة وطالبان وحسم وكل المتطرفين والمتطرفات قيد أنملة عما سمعوه منهم، وما فسروه لهم من النصوص، وما استندوا عليه من تراثهم، فإذا كانت هذه الوثيقة هى العهد الذى قطعه على نفسه والتزم به، فكيف تسمحون له باعتلاء المنابر هو وأمثاله ليوم واحد؟.
لن نعرج على رأى برهامى عن حرمة تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وعلاقة المسلم بزوجته الكتابية، وترك الزوجة لمغتصبيها خشية الهلاك، وهناك ما هو أشنع من هذا إذا دخلنا وكشفنا ستر السلفية، شرط ضمان عدم مطاردتنا أو هلاكنا.
وأرفع الأمر كله إلى السيد الرئيس وأضع أمام مقامه ما نحن فيه، كيف يا سيدى نفتح الباب لهؤلاء المحرضين على الكره وعلى القتل وعلى الجهاد ونسمح لهم باعتلاء المنابر ثم نشكو من تنامى ظاهرة الإرهاب وتنوعها، هؤلاء يا سيدى من رخصوا بالقتل، وجمعوا كتائب المقاتلين والخارجين من بسطاء الأمة، وضللوهم وخدعوهم بالشهادة والحور العين، فرفعوا سيوفهم فى وجه الدولة، وقتلوا ونسفوا وحرقوا وروعوا. هؤلاء ليسوا محرضين فقط، بل كلهم فاعلون رئيسيون، لا سلامة للأمة إلا بمنع هؤلاء من اعتلاء المنابر، والقنوات الفضائية، أعانك الله على ما أنت فيه، وأعاننا عليهم، وهدى القائمين على أمور الدين سبيل الرشاد.
نقلا عن المصرى اليوم