عبدالقادر شهيب
في سنوات الثمانينيات وحينما كنت أقصى إجازة صيفية في أحد شواطئ البحر المتوسط مع أسرتى فوجئت بقافلة دينية يترأسها وكيل لوزارة الأوقاف تحط على الشاطئ، وانطلقت تعظ فينا.. وركز رئيسها موعظته على ضرورة مواجهة من أسماهم الكفرة والملاحدة والذين لا يمتثلون لتعاليم الدين.. وانطلق يكفر كثيرين، وبالتالى يهدر دماءهم..
تذكرت تلك الواقعةَ عندما قرأت خبرا في صحيفة المصرى اليوم يتحدث عن تنظيم وزارة الأوقاف قوافل طبية للمصايف والشواطئ، خاصة شاطىء العلمين لتعظ في المصطافين.
فأنا لا أدرى لماذا يتم تنظيم مثل هذه القوافل؟!.. هل بذلك نصحح الخطاب الدينى ونواجه التطرّف الدينى؟!.. لا بأس بالطبع من الترفيه على مشايخ وزارة الأوقاف وموظفيها.. ولكن لماذا لا يتم ذلك من خلال إجازات تمنح لهم أو تنظيم رحلات سياحية لهم.. أما تنظيم قوافل دينية يشاركون فيها فهذا استخدام للمال العام فبما لا يفيد، لأن المصطافين لا يعيشون بشكل دائم في الشواطئ والمصايف، خاصة وأن مشايخ هذه القوافل سوف يحصلون بالطبع على بدلات سفر بجانب استمتاعهم بهذه المصايف والشواطئ.
أليس الأجدى والأهم أن ترسل وزارة الأوقاف قوافلها إلى مدن الصعيد التي ينتشر فيها التطرّف الدينى، خاصة المنيا التي ما زالت تعانى من حوادث الفتنة الطائفية، والفيوم التي جاء منها مفجرو معهد الأورام؟!.. أم أننا لسنا جادين بالمواجهة الجادة للتطرف الدينى ونتظاهر فقط بذلك؟!
إن تنظيم قوافل دينية إلى الشواطئ والمصايف لا يدل على أية جدية في مواجهة التطرّف الدينى أو في تصحيح الخطاب الدينى.. بل لعله يدل على العكس.. أي عدم الجدية في ذلك.. ولعله أشبه بالمسؤولين الذين سارعوا بركوب دراجات للتماهى مع مبادرة توزيع دراجات على الطلاب.
نقلا عن فيتو