بقلم :هاني صبري
آثار حوار رئيس الطائفة الإنجيلية المنشور بتاريخ ١٥ / ٨ / ٢٠١٩ في أحدي الصحف اليومية حالة من الجدل الشديد والغضب والأستياء لدي الكثيرين من المصريين.
وفِي تقديري حواره قد جانبه الصواب في كثير من الأمور، وفيه أخطاء قانونية قد تعرضه للمسائلة ناهيك عن عدم إلمامه بقانون بناء الكنائس الذي قال عنه في حينه أنه نقله حضارية، فضلاً عن الأرقام التي ذكرها غير دقيقة، وكثير من المفاهيم اختلط عليه الأمر فيها الثقافة والهوية، المعرفة والتأثر وسوف نتناول بالتعليق علي بعض من هذه الأمور.
فقد صرح رئيس الطائفة الإنجيلية نصاً بحصر كلماته " منذ صدور اللائحة التنفيذية لقانون بناء الكنائس، تقدمنا بملفات ٤٠٠٠ كنيسة وما تم ترخيصه خلال عامين ما يقرب من ١٠٠٠ كنيسة، ..فهى نقلة إيجابية قوية جدًا، وأتمنى أن ننتهى من تقنين بقية الكنائس خلال عامين".
لا نعلم من أين أتي سيادته بهذا الكلام قانون بناء الكنائس رقم ٨٠ لسنة ٢٠١٦ ليس له لائحة تنفيذية ولَم ينص القانون علي وجودها ولَم ولَن تصدر اللائحة التي ينتظرها، والقانون مفعل ويتم العمل به من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية بتاريخ ٢٨ / ٩ / ٢٠١٦ وقد تم الاتفاق بين الكنائس المصرية الثلاثة والحكومة والبرلمان عدم وجود لائحة تنفيذية لعدم وضع عراقيل آخري لهذا القانون، وأصدر القانون وكان سيادته من أكثر المؤيدين لإقراره ربما نسي أن القانون ليس له لائحة تنفيذية، مع تحفظنا علي هذا القانون وشرحنا ذلك في حينه.
ذكر إيضاً تقدمنا ب ٤٠٠٠ ملف للكنيسة.
ونحن نتساءل هل سيادته يتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية هما لهما شخصية اعتبارية مستقلة عنه، ولهما متحدثين رسميين، اما أنه تقدم بكل هذا الإعداد الذي ذكرها عن طائفته فقط، علي حد علمنا قد تقدمت الطائفة الإنجيلية بحوالي ٩٥٠ طلب لتقنين كنائس ومبان تابع لها.
وأن كافة الطلبات المقدمة من الثلاث طوائف المسيحية ( الأرثوذكسية - الإنجيلية - الكاثوليك ) حوالي ٣٧٣٠ طلب لتقنين أوضاع الكنائس، وما تم تقنينه حتي وقتنا هذا ( ١١٠٩ ) كنيسة ومبان خدمات لكافة الطوائف المسيحية الثلاثة، الأمر الذي يحتاج منه التدقيق في الأرقام التي ذكرها، ويعرف كم كنيسة إنجيلية قد تم تقنينها بالتحديد له علي مدار ثلاث سنوات ليعرف كيف تسير إجراءات التقنين بمعدلات بطيئة للغاية قد يستغرق إجراءات التقنين بهذا المعدل سنوات عديدة وليس أربع سنوات حسب ما صرح به وكان يأمله.
ونري أن معدل تقنين الكنائس بطيئة للغاية، ونطالب رئيس مجلس الوزراء تحديد جدول زمني للانتهاء من كافة الطلبات المراد تقنين أوضاعها في أسرع وقت وفقاً للقرار ١٩٩ لسنه ٢٠١٧ .
وعندما سألته المحاورة عن عقدة الأقلية قرر أنه كقيادة دينية تجاوز عقدة الأقلية، ألا يعلم سيادته أن مسيحيي مصر ليسوا أقلية ولهم كافة الحقوق وعليهم كافة الإلتزامات، وأن كلمة أقلية توحي فوراً بالفرز والتصنيف والإقصاء والتقسيم والأبعاد هذا أكثرية وذاك أقلية هذا التقسيم أخطر ما يكون علي أمن وسلامة وإستقرار المجتمع، وكان يجب عليه أن يرفض هذا المصطلح ويعدل مسار الحديث نحن لسنا مرضي بعقدة ولسنا أقلية نحن مواطنون مصريون أصليون لنا كافة حقوق المواطنة الكاملة وفقاً للدستور.
واستشهد برأي القس الدكتور / صفوت البياضي الرئيس الفخري للطائفة الإنجيلية الذي يقرر أن المواطنة لا تعرف الأرقام إذا استقامت الأمم وفُعلت القوانين سادت القيم على الرقم، فالمواطنون متساوون في الحقوق وفي الواجبات وأنه يرفض تعبير الأقلية علي المسيحيين المصريين ونحن نؤيد ما ذهب إليه الرئيس الفخري للطائفة لأنه يتفق مع الدستور المصري والمواثيق الدولية.
كما يقرر رئيس الطائفة الإنجيلية نصاً " أنه عقد لقاءات مع أعضاء الكونجرس المهتمين بالشرق الأوسط مثل أعضاء لجنة حقوق الأقليات، وكذلك لجنة العلاقات الخارجية، وأنه تقابل بخمسة أعضاء ثقيلى الوزن، وأنه نقل التطور الذى يحدث فى مصر، ولم يكن حوارًا بروتوكوليًا أو بغرض المجاملة بل تحدثت عن الإيجابيات والسلبيات".
بداية الحديث ليس بروتوكوليًا لأن سيادتكم لا تمثل الدولة المصرية وحتي أن كنت تمثل الدولة المصرية أو قد تم تكليفكم بذلك يمتنع عليكم أو أي مسئول في الدولة أو أي أحد من المصريين الحديث عن سلبيات الدولة المصرية في الخارج، و قد يكون حديث السلبيات فيه خطورة علي سلامة الأمن القومي المصري ويضر بمصلحة الوطن لأنه يصدر من شخصيات ليست معينة بالحديث عن تلك الأمور وغير ملمه بأبعاده، وقد يعرض من يقترف مثل هذه الأفعال للمساءلة القانونية.
ونحن نري أن كل مشاكل المصريين يجب أن تناقش في داخل مصر من منطلق وطني، ومشاكلنا شأن خاص بِنَا بالتأكيد يوجد مشاكل عديدة يعاني منها المصريين ولا يستطيع أحد أن ينكرها، ويجب العمل علي ضرورة حلها في الداخل المصري بدون عرضها علي أي أطراف خارجية.
وفِي هذا السياق أودّ أن أشير إلي معلم الأجيال البابا شنوده عندما كان في أمريكيا سئل عن مشاكل المسيحيين في مصر كان رده "إلا توجد مشاكل عندكم في بلدكم، إننا كأقباط جزء من شعب مصر، ومشاكلنا تحل بروح المحبة في داخل الوطن بعيدًا عن الحساسيات".
وفي عام ٢٠١٠ رفض البابا شنودة إستقبال وفد لجنة الحريات الدينية في الولايات المتحدة للحديث عن المشاكل التي تواجه المسيحيين في مصر، معتبرا ذلك تدخلاً في الشأن المصري. فموقف قداسته مشرفة حيث كان يدرك جيد طبيعة مسئولياته الوطنية ومكانته ودوره نحو الوطن ويجب علي الجميع أن يحتذوا به في هذا الشأن.
وأن جاز لنا أن نوجه نصيحة لأي مسئول يدلي بتصريح يجب عليه دراسة الموضوعات التي يتحدث فيها بعناية والاستعانة من يراه في أهل الخبرة لتوضيح المفاهيم التي قد تكون غامضة بالنسبة له للمحافظة علي مقام المكان الذي يمثله ومصداقيته أمام الناس