د. مينا ملاك عازز
تسببت الشابة بون هيو وينج 19 عاماً في الاحتجاجات القائمة حالياً بهونج كونج فقد قتلها صديقها التايواني، وتعود أحداث القصة إلى عام 2017، عندما التقيا في يوليو العام نفسه لأول مرة في المتجر الذي كانا يعملان فيه، واعترفت الشابة لصديقها الجديد في أواخر عام 2017، بأنها حامل في شهرها الثاني من صديقها السابق وصادف ذلك انتهاء الشاب من حجز الفندق وبطاقتي سفرهما من هونج كونج إلى تايوان قبل حلول عيد الحب في 2018، وسافرا معا إلى تايوان ثم عاد بمفرده بينما ظل مصير الفتاة مجهولاً إلى أن ألقت الشرطة القبض عليه واعترف بقتل صديقته هناك.
وفي تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية يقول الجاني، إن الضحية كشفت له أن والد جنينها هو صديقها السابق، وإنها أرته مقطع فيديو تظهر فيه وهي تمارس الجنس مع شخص آخر، فثارت ثائرته وضرب رأسها بجدار الغرفة وخنقها بيديه ممسكاً برقبتها من الخلف لمدة 10 دقائق حتى فارقت الحياة، ثم وضع الجثة داخل الحقيبة مع أمتعتها ونام ثم تخلص من أمتعتها في عدد من نقاط تجميع الأمتعة المستعملة قرب الفندق، وتخلص من الجثة في بقعة أشبه بغابة صغيرة في حديقة.
ومن أجل محاكمته لارتكابه تلك الجريمة كان لا بد من إصدار تشريع قانوني لترحيله لتايوان ومحاكمته، لذا اقترحت حاكمة هونج كونج قانون تسليم المطلوبين والذي سيسمح القانون بتسليم المتهمين الجنائيين للدولة الأم الصين، وهنا تسبب هذا القانون في مظاهرات عارمة عمت الشوارع في هونج كونج منذ يونيو الماضي، وتعد الحركة الاحتجاجية أخطر أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ العام 1997، حيث نزل آلاف المحتجين إلى الشوارع، وفرقتهم شرطة مكافحة الشغب، رافضين مشروع القانون المثير للجدل، والذى يسمح بترحيل مطلوبين إلى الصين لكن الحراك وسع بشكل ملحوظ مطالباته التي طالت كذلك الحكم المركزي في الصين.
وهنا تظهر آفة الحكام الحمقى المعاندين الذين يرفضون المطالب البسيطة التي يبدأ بها الاحتجاج، ففي البداية طالب المتظاهرون بالتراجع عن القانون ثم ارتفع سقف المطالب إلى المطالبة باستقالة رئيسة السلطة التنفيذية كاري لام، وانتخاب خلف لها بالاقتراع العام المباشر وليس تعيينه من بكين، كما هي القاعدة حالياً، ويريدون أيضا فتح تحقيق حول أعمال العنف التي يتهمون الشرطة بالقيام بها، ويخشى معارضو مشروع القانون المدعوم من بكين أن يقع سكان هونج كونج في دوامة المنظومة القضائية الصينية.
وإزاء ذلك وقفت رئيسة هونج كونج التنفيذية كاري لام في البداية في وجه التظاهرات، قائلة إن الحكومة لم يكن لديها نية سحب مشروع القانون، لكن في مواجهة هذه المعارضة المتزايدة، أعلنت لام عن إمكانية تعليق مشروع القانون، واعتذرت للجماهير لكن هذا أسفر فقط عن تهدئة البعض.
تحولت بعض التظاهرات في هونج كونج إلى أعمال عنف، واندلعت صدامات عنيفة مع الشرطة ورشق متظاهرون عناصر الشرطة بزجاجات، واستخدموا حواجز معدنية، واستخدمت قوات الأمن العصي وغاز الفلفل لتفريق متظاهرون اقتحموا البرلمان، كما دخل آلاف المتظاهرين إلى مطار هونج كونج من أجل استقبال الزوار وتوعيتهم بشأن الاحتجاجات، وعطلوا الملاحة، وقالت بكين أن المحتجين ارتكبوا أعمال شبه إرهابية وتشكل تحدياً خطيراً للقانون والنظام في المنطقة.
كما اتهمت وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة الأمريكية بالتآمر مع عناصر إجرامية وعلى صلة بأنشطة جنائية معادية للصين في هونج كونج، وأضافت في بيان رداً على تعليقات مجلس النواب الأمريكي والسياسيين الأمريكيين الآخرين بشأن الأحداث في هونج كونج أنه تشويه للواقع، ثم تأتي مرحلة الصيد في الماء العكر وتصيد أخطاء المعاندين من الحكام، إذ علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اغسطس الماضي قائلا إن الجيش الصيني انتشر على الحدود مع هونج كونج ويدعو الجميع إلى التزام الهدوء، وفي تغريدة أخرى قال إن بإمكان الرئيس الصيني شي جينبينغ حل الأزمة الناتجة عن المواجهة بين الحكومة والمتظاهرين في هونج كونج بطريقة إنسانية مقترحاً عقد لقاء مع الزعيم الصيني، وكتب ترامب على تويتر لا شكوك لدي على الإطلاق بأن الرئيس شي إذا أراد حل المشكلة في هونج كونج بطريقة سريعة وإنسانية فإنه باستطاعته أن يفعل ذلك، مضيفاً عبارة لقاء شخصي؟ في نهاية تغريدته، فيما بدى وكأنه يطرح فكرة لتقديم مساعدته بهذا الشأن إلى الرئيس الصيني بشكل مباشر.
أخيراً، هل تخرج الصين من عنق الزجاجة أم تنتهج نفس نهجها المعتاد القمعي للمتظاهرين والذي ينتهجه معظم الحكام ضد شعوبهم أم تنتصر الشعوب أم يكون هذا نواة لصدام أمريكي صيني مخابراتي خفي قد يتصاعد ويأخذ شكل عسكري لا توجد فيه أمريكا لكن يسقط فيه ضحايا مدنيين من هونج كونج.
المختصر المفيد العناد والعوامل الخارجية تضخم أخطاء الديكتاتوريين.