الأقباط متحدون | عودة المرأة للبيت
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٣٤ | الجمعة ١٦ ديسمبر ٢٠١١ | ٦ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦١٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

عودة المرأة للبيت

الجمعة ١٦ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: فايز فرح
عرفت المرأة المصرية التحرر والعمل والاحترام منذ آلاف السنوات، وعندما زار "هيرودوت"- أبو التاريخ- "مصر" في القرن الخامس قبل الميلاد، كتب عنها كتابًا قال فيه: "إن المرأة المصرية تعمل في البيت ثم تذهب تساعد زوجها في فلاحة الأرض وتحمل معها الطعام إليه". وقد أبدى المؤرخ اليوناني دهشته من مشاركة المرأة لرجلها في العمل..

وتقول المؤرِّخة البريطانية "أنا رويز" ana ruiz في كتابها "روح مصر القديمة" the spirit of ancient Egypt :
"حظيت النساء في مصر القديمة بالمساواة الكاملة تقريبًا مع الرجال. وتمتعن باحترام كبير، حيث الوضع الاجتماعي يحدده مستوى الشخص في السلم الاجتماعي وليس نوع الجنس.. وتمتَّعت نساء مصر بقدر أكبر من الحرية والحقوق والامتيازات مقارنة بما عرفته نساء الإغريق. وكان إظهار عدم الاحترام لحرية للمرأة- وفقًا لقانون "ماعت" (أي عدالة)- يعني معارضة أسس المعتقدات المصرية والوجود المطلق.. وأجاز المصريون للمرأة أن تصبح وريثة للعرش، إلا أن الرجل الذي تختاره زوجًا لها هو الذي يصبح حاكمًا، وتتمثَّل مهمتها في الحفاظ على الدم الملكي واستمراره".

وتضيف المؤرِّخة العالمة البريطانية: "إن النساء تمتعت في مصر القديمة بالعديد من الحقوق القانونية.. مثل المشاركة في التعاملات التجارية، ويقدمن الدعاوى ضد أطراف المنازعات القانونية دون حضور قريب أو ممثل لها من الرجال. وفتح باب العديد من الوظائف الحكومية والمهنية أمام النساء مثل النساجة، الخبازة، القابلة، مستشارة الفرعون أو كبيرة الكهنة. وكذلك عملت المرأة في الطب، وتحفل السجلات الرسمية بأسماء طبيبات في الدولة القديمة، منهن السيدة: بيشيشيت التي حملت لقب (رئيسة الأطباء)، ويعتبر الباحثون هذه الطبيبة أول طبيبة في التاريخ المدوَّن."

ربما أكون قد أطلت في الحديث عن المرأة المصرية في "مصر" القديمة، وكيف شاركت في الحياة السياسية والاجتماعية والمهنية والعملية، وكانت متاجرة ومساوية للرجل. ولكن علينا أن نتذكَّر دائمًا ونفتخر بأننا أقدم حضارة عرفها الإنسان منذ بدء الزمان. الحضارة التي احترمت المرأة كإنسان لها كل الحقوق وعليها كل الواجبات. الغريب أن تأتي سنوات تخلف واضمحلال تنظر إلى المرأة نظرة متدينة وتعتبرها أقل من الرجل، وهذا قمة الجهل والتخلف الذي عشنا فيه سنوات وسنوات حتى جاء العصر الحديث وسافر الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" إلى "باريس"، وهناك كانت الصدمة الحضارية؛ فقد شاهد شيخنا المرأة الفرنسية المتحرِّرة العاملة في كل المجالات، والمتمتعة بالحب والاحترام، والمتزيِّنة بالأخلاق الكريمة، فكتبت وأشاد بها في كتابه "تخليص الإبريز في تلخيص باريس"، ثم جاء "قاسم أمين" في أواخر القرن الـ 19 وأوائل القرن العشرين ليصدر كتابه "تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة"، وينادي بتحرير المرأة واحترامها كإنسان لأنها كيان قائم بذاته كالرجل تمامًا.

وتمضي السنوات ويأتي المفكِّر الكبير "سلامة موسى" ليستكمل مشوار "تحرير المرأة" ويؤلف كتابين عنها؛ الأول "المرأة ليست لعبة الرجل"، والثاني "افتحوا لها الباب". غير مقالات عديدة تصرخ في المجتمع أن يتخلَّص من ذنب المرأة واحتقارها، وأن تُتاح لها فرص الحياة كالرجل، فليس هناك فرقًا بين الرجل والمرأة وإنما الفرق فقط في الدور البيولوجي الذي خلقه الله حتى تستمر البشرية ولا تنقرض، وماعدا ذلك فالمرأة كالرجل تمامًا ويجب أن تتمع بالحقوق وتؤدي نفس الوجبات..

هذه كانت ثورات من أجل استعادة حرية المرأة ووضعها المستقل الحر المحترم الذي كان قديمًا.

ومن العجب أن تسمع اليوم أصوات شاذة تنادي بعودة المرأة للبيت!، وبأن تترك ما حققته من تقدُّم في عجلة الحضارة الإنسانية، وأن تترك موقعها في الصناعة والزراعة والسياسة- وقد وصلت إلى أن تكون رئيسة دولة، ووزيرة، ورئيسة مجلس الوزراء- تترك موقعها وتعود إلى البيت!. دعوة متخلفة فعلًا تعود بنا إلى عصور الجهل البدائية، وعصور الظلام، وبدلًا من أن نقدمها ونمنحها امتيازات كثيرة ليتقدم المجتمع بها وبأفكارها نريد أن نحرم المجتمع من نشاطها وجهدها الخلاق والبناء!!.

أليست هذه دعوة للتخلف وإلغاء العقل والتقدُّم إلى الخلف؟ إن المرأة أثبتت قدرتها وجدارتها في الأعمال، فلماذا نقف ضد التطور وضد التفكير السليم والعقل الراجح؟.

لقد أثبت علماء "الأنثروبولوجيا"- علم الإنسان- أنه لا فرق بين مخ الإنسان الذكر والأنثى في العوامل الرئيسية والمقومات الجسمية، بل أن المنطقة الرمادية في المخ- وهي منطقة الذكاء- يُقال أنها عند المرأة أكبر من الرجل. ونحن لا نريد أن نقول إن المرأة تتمتع بذكاء أكثر من الرجل، لكننا نريد أن نقول إنهما متساويان في كل شىء، وإن المجتمع لا ينجح إلا إذا عمل الاثنان مع بعضهما واشتراكا في بناء وتشييد المجتمع "لأن يد واحدة لا تصفق". وكذلك لا يمكن للمجتمع أن يعيش مشلولًا بنصفه فقط، بل يجب أن يعيش متمتعًا بكل أعضاء جسده من الرجال والسيدات..

صحيح، العقل زينة، وليتهم يعملون ويعرفون الحقيقة، ويتخلصون من عقدهم ناحية المرأة ويعتبرونها إنسانًا كاملًا احترامًا.. ليست "جارية" أو "خادمة" أو "لعبة"..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :