الأقباط متحدون | ياما دقت على الراس طبول
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٢٣ | الجمعة ١٦ ديسمبر ٢٠١١ | ٦ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦١٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

ياما دقت على الراس طبول

الجمعة ١٦ ديسمبر ٢٠١١ - ١٨: ٠٢ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. صفوت روبيل بسطا
لا حديث بين جموع المصريين في هذه الأيام غير الانتخابات، وسط حالة من القلق والترقب عما تخبئه الأيام القادمة. والجميع مشغول في الانتخابات البرلمانية الجارية في بلدنا "مصر"، وما سوف تسفر عنه، وما سيكون عليه مجلس الشعب القادم، خاصة بعد ما أظهرت نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات اكتساح التيار الإسلامي المتشدِّد متمثلًا في حزبي "الحرية والعدالة" و"النور" السلفي، وحصولهم على نسبة كبيرة من النتائج النهائية للمرحلة الأولى. ومن المتوقع استمرار تقدمهم في المراحل اللاحقة، وهذا التقدم سواء إن كان حدث بفعل فاعل أو بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، والتأثير على الغلابة والبسطاء بمعونة الصابون والزيت والسكر ولا الأهم "أنبوبة البوتاجاز"!! للوصول لتلك النتيجة السابقة والقادمة المتوقعة. وبالطبع لا نستطيع أن نضع خيار "النزاهة"؛ لأن هذه الكلمة من الواضح أنها بعيدة كل البعد عن قاموسنا، أو لسة بدري علينا لكي نصل إليها، وهذا كله للأسف يحدث بعد ثورة 25 يناير التي كانت من أعظم الثورات للمصريين، هذا بالطبع قبل ما تتحول عن مسارها الصحيح وتنحرف (360) درجة ليستفيد منها التيارات المتشددة فقط، ونجلس نتحسر عليها وعلى الشهداء الذين قدَّموا حياتهم من أجل "الحرية والعدالة" والكرامة لكل المصريين، وهم لا يعلمون أنه سوف يأتي اليوم وتصل "الحرية والعدالة" المحظورة وتتقدم كل الصفوف، ولا عزاء للكرامة ولا للنزاهة ولا لشهداء الثورة.

وفي وسط كل هذه الأجواء المشحونة وعدم الرضا مما حدث وما يحدث من تجاوزات واضحة من الأحزاب الدينية المتشددة والقلق والترقب، ظهرت من الجميع نبرة تشاؤم وحالة من الخوف سيطرت على المصريين عامة وعلى المسيحيين، خاصة على مستقبل بلدنا ومستقبل أولادنا مما سوف يحدث (لا قدر الله) ووصل الإسلاميون للحكم، وماذا سوف يحدث في ظل هذا الفكر المتشدِّد الذي يطل علينا كل يوم خاصة بعد الثورة؟ والبركة في قنواتنا الفضائية التي فتحت لهم برامجها ونوافذها لنتعرف على أفكارهم وتوجهاتهم قبل ما أن نقع في المحظور والمتوقع من مستقبل غامض لا يعلمه إلا الله وحده.

الخوف حالة صحية وليس دليلًا على الضعف أو الجبن، بل قد يكون ضروريًا من سبيل الحرص والحذر، ولكن أن يتحوَّل إلى هذه الحالة من القلق والتشاؤم والتفكير في الهجرة من البلد أو الإحباط، وإنه مافيش فايدة وأن البلد كدة ضاعت، فهذا هو المرفوض ولا نقبله، ولن نستسلم، وميدان "التحرير" موجود، وقبله وقبل الكل ربنا موجود، وإيماننا بوعود إلهنا أقوى من جميع الحكام والقوات الأرضية؛ لأننا نؤمن أن يد الرب في الأحداث، ولن يترك عصا الأشرار تستقر على نصيب الصديقين.

نحن كمسيحيين مصريين ياما عانينا وياما قاسينا من الحكام ومن الولاة على مر التاريخ، والغريب العجيب في الأيام الأخيرة بدأنا نعاني وأكثر من إخوتنا في الوطن، ممًن جعلوا من أنفسهم ولاة للأمر علينا. والأغرب أن دولة القانون تتركهم بدون عقاب ولا حساب، وعلى رأي المثل الشعبي "ياما دقت على الراس طبول".. فالمسيحية من يوم ما دخلت "مصر" وتباركت بكاروز الديار المصرية "مار مرقس" الرسول والإنجيلي، وهي تتعرَّض لأعتى وأعنف الحروب، خاصةً من جميع الولاة والحكام الذين توالوا على حكم "مصر"، وياما صًدرت كنيستنا شهداء للسماء، وعلى يد كل الحكام، ولا شغل لهم ولا شاغل إلا إبادة المسيحية والمسيحيين، سواء لتجبرهم وكراهيتهم للمسيحيين أو لإرضاء تيار معين يكون له مصلحة معهم، وكل هؤلاء اندثروا وبادوا وبقيت المسيحية شامخة وستبقى بمشيئة الله لمجيئ رب المجد في مجيئه الثاني، ولا يسعني الوقت إن تحدثت عن كل الولاة والحكام الذين حاربوا المسيحيين والمسيحية على مدى الأيام، سواء علانية أو بالتحايل والخداع والضحك على العامة، ومًن قال لن يستريح لي بال حتى أقضي على المسيحية!!، أو مَن قال سوف أجعلهم ماسحي أحذية!!، ولا مَن ترك وزير داخليته وأمن دولته يتفنَّن في تهميش وتطفيش وتفجير الأقباط، ولا مَن ترك السلفيين يهدمون ويحرقون الكنائس، ويقطعون الطرق ويعترضون على المحافظ القبطي، وتُنفَّذ كل طلباتهم وتظهر النية الحقيقية، ويقتلون الأقباط بالرصاص الحي ويدهسونهم بمدرعاتهم، ويُلقونهم في النيل.. هؤلاء الحكام لا يعلمون ولا يدرون أنه كلما ضغطوا على المسيحيين، كلما زاد إيمانهم وزاد إصرارهم وزاد تمسكهم بحقوقهم، كالذهب لكي يُنقَّى لازم يُوضع في النار، وكل ما زادت النار شدة زادت نقاوة الذهب. هكذا المسيحي أيضًا، كلما زادت الضيقة، يتمسك بإيمانه أكثر ويتأكَّد من وعود إلهه الذي وعدنا أنه في العالم سيكون لنا ضيق.. وإننا واثقون أن إلهنا ورب الأقباط قد غلب العالم بكل ولاته وحكامه وأنظمته. المسيحي لم ولن يخاف من أي حاكم مهما وإن كان؛ لأنه لا ينظر إلي مَن يحكم ولكن عينه دائمًا على الحاكم الأعظم.. "البانتوكراتوراس".. ضابط الكل، خالق السماء والأرض. والمسيحي تمرَّس على كل أنواع القهر والظلم والاضطهاد، ويفرح بالضيقة، ويتمنى الاستشهاد على اسم المسيح؛ لأنها ستجعله ينال المواعيد السمائية التي أعدها الله لمحبي اسمه القدوس. أي لن يأتوا بجديد. ماذا بعد ما يعانيه المسيحي في بلده من تهميش، وتهجير، وحرق دمه، وحرق كنيسته وهدمها، وخطف بنته، واغتصاب أرضه، وقطع أذنه، وقتله، ودهسه، ووووووو.. والقائمة طويلة؟؟ على العكس كانت تحدث له كل هذه الجرائم ويُتستَّر عليها ويتهموننا بأننا نتوَّهم الاضطهاد والظلم، ونستعذب الصراخ والعويل.

لو لا قدَّر الله وحكمها الإسلاميون، إنني أراهن على الشعب المصري العظيم، وعلى المسلمين المعتدلين (وهم الأكثرية)، وعلى شبابنا الواعي والذي لن يقبل لبلاده تعود للخلف مرة أخرى، خاصةً بعد ما عرفوا طريق "التحرير".. لحظتها فقط لن يكون المسيحي لوحده الذي يثور على الظلم، ولكن سيجد معه أخيه المسلم المعتدل والواعي، وسيجد المثقفين والمتعلمين الذين لن يقبلوا بالجهل والتخلف والتكفير للمجتمع؛ لأنه لن يقبل مصري أصيل على بلده أن تكون "إيران" أو "أفغانستان" جديدة. إنني أراهن على هذه التيارات المتشدِّدة نفسها، أنهم سوف يفشلون فشلًا ذريعًا؛ لأنهم لا يعرفون كيف يحكمون شعب مثل الشعب المصري صاحب الحضارة العظيمة، وبعد الانفتاح الثقافي والعلمي على كل الثقافات الغربية والعالمية، لن يقبلوا بتحطيم الأثار ولا بتنقيبها، ولن يقبلوا بضرب السياحة وطرد السياح، ولا بعزل "مصر" عن باقي الدول المتقدمة. وأراهن على تلك التيارات نفسها بعدما كشفوا أنفسهم أمام الشعب بعقولهم الحجرية وآرائهم وفتاويهم الغريبة على المجتمع المصري.

إن لا قدَّر الله وحكموا، وإن حققوا "الحرية والعدالة"، فأهلًا بهم، وإن حكموا في "النور" فيامرحب بهم، وإن كان منهجهم العدالة والمساواة بين جميع المصريين من غير تفرقة على أساس الدين فسوف نقدِّرهم ونحترمهم، وإن دعوا للفضيلة والشرف والأمانة والسلام للجميع فهذه غايتنا وأملنا، ولكن إن فشلوا فلن يلمن إلا أنفسهم، والتاريخ لن يرحمهم، والشعب سوف يقول كلمته. ولحظتها سوف يندمون أنهم فكروا في مجرد التفكير في السلطة. وأعتقد بعدها أنهم سوف يهدأوون ويعرفون قدرهم لأنهم وصلوا لما كانوا يقاتلون من أجله. أما نحن شعب المسيح فلا ضرر ولا ضرار (كما يقولون)، سوف نعيش مسيحيين وسوف نموت مسحيين، ولن تفرق معنا مَن يحكم، ولن نفرِّط في إيماننا ولا في حقوقنا مهما حدث؛ لأن إتكالنا على الإله القوي الجبار، وليس إتكالنا لا على الرؤساء ولا على البشر، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.. وإلهنا في وسطنا، وقد دُعينا على اسمه، فلن يتركنا- أر14-9. ونثق أنه إن سرنا في وادي ظل الموت لا نخاف شرًا لأنك أنت معنا (مز 23: 4). ووعدنا: يحاربونك ولا يقدرون عليك لأني معك لأخلصك وأنقذك يقول الرب، فأنقذك من يد الأشرار، وأفديك من كف العتاة (أر15-20،21). وأخيرًا، نحن نثق ونعلم أن "كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو 8-28).




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :