حالة من الجدل، أثيرت خلال الفترة الأخيرة، بسبب النظام الجديد الذي تطبقه وزارة التربية والتعليم بالمرحلة الثانوية، خاصة فيما يتعلق بإعلانها بدء تطبيق النظام التراكمي للدرجات اعتبارًا من العام الدراسي 2019/ 2020، على طلاب الصف الثاني الثانوي.

واعتبارًا من العام الدراسي 2018/ 2019، طبقت وزارة التربية والتعليم، نظامًا جديدًا للتقييم بالمرحلة الثانوية، بدأته بالصف الأول الثانوي، ويعتمد على إلغاء الامتحان القومي الموحد المعروف بـ “الثانوية العامة"، واستبداله بـ 12 امتحانًا تراكميًا خلال المرحلة بمعدل 4 امتحانات سنويًا، بحيث يعد الصف الأول تجريبيًا، ويحتسب للطلاب درجات أعلى امتحانين في كل من الصفين الثاني والثالث الثانوي، ثم يحتسب متوسط الدرجات لتحديد المجموع المؤهل للالتحاق بالجامعات.

وتقدم عدد من أولياء أمور طلاب المرحلة الثانوية، بدعوى قضائية أمام مجلس الدولة، مطالبين بإلغاء التعديل الذي تجريه وزارة التربية والتعليم على المرحلة الثانوية، بما في ذلك، النظام التراكمي للدرجات، بالإضافة إلى دمج التكنولوجيا بالعملية التعليمية.

تفاصيل التعديل الذي جرى بنظام التعليم الثانوي، لا يتضمن فقط التقييم التراكمي، لأن الوزارة أيضًا عدلت نظام الامتحانات التي أصبحت تجرى إلكترونيًا، وتقيس جميع أسئلتها مهارات التفكير العليا لدى الطلاب، وليس الحفظ كما في النظام التقليدي، كما دمجت التكنولوجيا في التعليم، من خلال توزيع أجهزة "تابلت" على الطلاب، وتزويد المدارس بالبنية التكنولوجية من ألياف فايبر، وشبكات داخلية، وشاشات تفاعلية، وأتاحت محتوى إضافي على بنك المعرفة المصري، بالتعاون مع شركات عالمية لتسهيل مهمة فهم الموضوعات على الطلاب.

خلاف بين "التعليم" وأولياء الأمور

وجهات النظر بين أولياء الأمور ووزارة التربية والتعليم متعارضة، أولياء الأمور، يرفضون التعديل الذي جرى على نظام المرحلة الثانوي؛ لأنهم يرون أنه يهدد مستقبل أبنائهم بتقليل فرصتهم في الحصول على درجات تمكنهم من دخول الكليات المرغوبة، بعد تطبيق نظام امتحانات يقيس المهارات العليا للتفكير، في حين أن الطلاب اعتادوا على الحفظ منذ نعومة أظافرهم.

كما يعترضون على دمج التكنولوجيا بالتعليم، وإجراء الامتحانات إلكترونيًا؛ لعدم توفر بنية تكنولوجية بالمدارس تسمح بإجراء امتحانات تحدد مصير الطلاب، وذلك في ضوء ما حدث بامتحانات الصف الأول الثانوي، من تعطل للنظام الإلكتروني، ترتب عليه اضطرار وزارة التربية والتعليم للدمج بين الامتحانات الإلكترونية والورقية.

أما وزارة التربية والتعليم، لها وجهة نظر مختلفة، وترى ضرورة تغيير نظام المرحلة الثانوية، الذي أصبح يفرز طلابًا لا يمتلكون مهارات تؤهلهم لسوق عمل القرن الـ 21، ويلتحقون بالجامعات بناءً على مجموع درجات غير معبر عن مهاراتهم الحقيقية، لأنهم أصبحوا يتقنون حل الامتحانات وليس فهم المناهج، بعد انتشار الدروس الخصوصية، الأمر الذي ظهرت آثاره في نتيجة الثانوية العامة للعام الدراسي 2018/ 2019، بحصول 36% من الطلاب على درجات تفوق الـ90%، وهو غير الموجود بأي دولة في العالم، ويفوق القدرة الاستيعابية للجامعات. وذلك بحسب تصريحات وزير التربية والتعليم.

إلى جانب ذلك، أوضحت الوزارة أن دمج التكنولوجيا بالعملية التعليمية، هدفه تطوير مهارات الطلاب في استخدام التكنولوجيا التي تعد أحد أبرز ملامح القرن الـ 21، وإتاحتها لجميع الطلاب على حد سواء، وإجراء الامتحانات الإلكترونية، يقي الوزارة مشكلات الغش وتسريب الامتحانات، ويضمن للطلاب دقة التصحيح ويقلل التظلمات.

تأجيل "التراكمية" لا يعني إلغاء "التابلت"

العقبة التي تقف حائلًا دون تطبيق نظام التقييم التراكمي، خلال العام الدراسي المقبل، هي عدم تغيير القانون المنظم للثانوية العامة، فلا يزال القرار رقم 88 لسنة 2013، بشأن نظام الدراسة والامتحان لطلاب الصف الثالث الثانوي العام، ينص على: "يجرى الامتحان للحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة على مرحلة واحدة في نهاية السنة الثالثة اعتبارًا من العام الدراسي 2013/ 2014، ما يعني أنه حتى الآن فإن نظام الثانوية العامة يقوم على الامتحان القومي الموحد الذي يجرى في نهاية الصف الثالث الثانوي.

وفي ظل إجازة "البرلمان"، وانعقاد دوره الخامس والأخير في أكتوبر المقبل، أي بعد بدء العام الدراسي المقرر في 21 سبتمبر المقبل، فإن تطبيق نظام التقييم التراكمي على طلاب الصف الثاني الثانوي يعد مستبعدًا، إلا إذا تدخل رئيس الجمهورية وأصدر القرار.

تأجيل تطبيق النظام التراكمي، لا يمنع وزارة التربية والتعليم من إجراء 4 امتحانات إلكترونية خلال العام، لأن القانون الذي يملك مجلس النواب تعديله هو الخاص بنظام الامتحان المؤهل للحصول على الشهادة الثانوية العامة "تراكمي أو امتحان واحد في نهاية الصف الثالث الثانوي"، أما تعدد الامتحانات أو آلية إجرائها إلكترونيًا أو ورقيًا، ينظمه قرارات وزارية يصدرها وزير التربية والتعليم، وذلك بحسب تصريحات مصدر مطلع داخل وزارة التربية والتعليم.

يوضح الدكتور رضا حجازي، رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، والذي كان شاهدًا بالجلسة الأخيرة لنظر قضية إلغاء نظام التقييم الجديد بالمرحلة الثانوية، التي عقدت في 17 أغسطس الماضي، أنه طبقًا للقانون الحالي، فإن الصف الثاني الثانوي نقل وليس تراكمي، وشهادة الثانوية العامة تمنح للطلاب بناءً على نتيجتهم بالصف الثالث فقط، مشيرًا إلى عدم إقرار تطبيق نظام الثانوية التراكمية للعام المقبل من قبل مجلس النواب حتى الآن، وعند تعديل القانون يمكن الحديث عن موعد التطبيق.

وأكد حجازي، في تصريحات صحفية، أن عدم تعديل القانون قبل بدء العام الدراسي 2019/ 2020، لا يعني بأي حال تراجع الوزارة عن دمج التكنولوجيا بالعملية التعليمية، مؤكدًا عدم إصدار أي قرارات بشأن إلغاء "التابلت".

وقررت المحكمة، في نهاية الجلسة، حجز الدعوى للحكم بجلسة 4 سبتمبر المقبل، للنطق بالحكم.

البعض لا يعلم ما هو النظام الجديد

وفي تصريحات صحفية له، قال وزير التربية والتعليم، إن معظم المتداول على صفحات التواصل الاجتماعي، بشأن الصف الثاني الثانوي غير دقيق، مضيفًا: "لا أعتقد أن معظم من يتناول هذه القضايا يعلم ما هو النظام الجديد، ولذلك لن نعقب إلا بعد انتهاء هذه الفترة بالكامل، ولن نكون رد فعل، وإنما عندما نقرر نحن ذلك".

ولفت الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين، في تصريح له على صفحته الشخصية بـ "فيسبوك"، إلى أن الوزارة لديها مشروع إصلاحي بدأ بالفعل ولن يتوقف في جميع المحاور الأكاديمية والتربوية والإدارية، وهو كان مطلب لجموع الشعب المصري، وتبنته الإدارة التنفيذية لصالح مستقبل أفضل لمصر، وذلك وفق خطة واضحة تتضح معالمها في رؤية مصر المستدامة ٢٠٣٠، وآلياته واضحة في برنامج عمل الحكومة الذي قدم لمجلس النواب العام الماضي.

ودعا عمر الجميع للاطلاع على الخطة جيدًا للمعرفة والإحاطة لكيلا يقعن في براثن الشائعات المتداولة، والتي تستهدف استقرار الوطن.

انتظار التأكد من جاهزية البنية التكنولوجية

وقالت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، إنه من الصعب أن يكون الصف الثاني الثانوي للعام الدراسي المقبل، مؤكدة أن عدم طرح القانون المنظم للدراسة والامتحان بالمرحلة الثانوية على البرلمان، قبل انتهاء دور انعقاده الرابع، ليس تأخيرًا من وزارة التربية والتعليم، ولكنها ترغب في إكمال البنية التحتية للمدارس والتأكد من كفاءته قبل تطبيق نظامًا تراكميًا على طلاب يترتب عليه تحديد مستقبلهم.

وأضافت نصر، في تصريحات لمصراوي، أنه بناءً على ذلك فإن الصف الثاني الثانوي للعام الدراسي 2019/ 2020، تدريبيًا شأن الصف الأول الثانوي، وسنة نقل عادية، لن تحتسب ضمن المجموع التراكمي للمرحلة الثانوية، ولكن التطوير في جوهر المنظومة مستمر.