الكاتب
جديد الموقع
الأقباط.. الموقف والمأساة "ظلموا الكنيسة المصرية"
بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
تحتل الكنيسة المصرية مكانة متميزة بين جميع كنائس العالم؛ لاعتمادها على مصادر تشريعية تمثلت في الكتاب المقدس والدسقولية وقـــــوانين الآبـاء الرسل والمجامع المقدسة وآباء الكنيسة والطقوس. وتوالى على كرسي البابوية بهـا (117 بابا)، ويتم اختيار البطريرك من فئات متعـددة، منها: العلمانيون، والرهبان، ومطارنة الإيبارشيات، والأساقفة العامون. والبطريرك هو خليفة السيد المسيح ورسله، والحاكم في عقد شرعه، واسم البطريرك مأخوذ من مفـهوم الأبوة، فمعناه "الأب الأول"، وهناك أربعة بطاركة في العالم، وهم بطاركة "الإسكندرية"، و"روما"، و"القسطنطينية"، و"إنطاكية".
على أية حال، للكنيسة القبطية المصرية مواقف وطنية سجَّلها لنا التاريخ، لا يمكن لأي إنسان أن ينكرها، نذكر هنا على سبيل الـمثال: الدور الذي قامت به الكنيسة في أثناء حروب "الحبشة"، وزمن الخديو "إسماعيل" (1863-1879م)، ودورها زمن الثورة العرابية عام 1881م، وموقفها من وجود سلطـات الاحتلال البريطاني لـ"مصر" عام 1883م، واللورد "كرومر"، ودورها الحضاري في عام 1919م للمطالبة بالإفراج على الزعيم "سعد زغلول باشـا"، وثورة 9 مارس 1919م. من منا ينسى دور القمص "سرجيوس"- أحـد خطباء الثورة- خلال تلك الفترة. وحتى قيام ثورة 1952م كان للأقباط دور في السياسة المصرية، لدرجة أن بعض المؤرخين أطلقوا عليها "العصر الذهبي لمشاركة الأقباط في السياسة".
وعقب قيام ثورة 23 يوليو 1952م، التي أطاحت بالملك "فاروق الأول" وأجبرته على مغادرة البــلاد 26 يوليو 1952م، أصدرت الكنيسة بيانًا أيدت فيه ما قــام به الضباط الأحرار. وعقب نكسة 1967م على يد الجيش الإسرائيلي، قامت الكنيســــة بالصلاة وبتشجيع شبابها على خروجهم من روح الفشل إلى روح النجاح والنصر، وهو ما أوجد لنا اللواء "باقي" المهندس الذي خطَّط لعبور الساتر الترابي على الضفة الشرقية لقناة "السويس"، وشارك أبناء الكنيسة المصرية المصريين جميعًا في التبرع بالدماء، والخدمة الشعبية بالميادين والمستشفيات، ورفع جميــع المصريين علم "مصر"، وتغنوا بنشيدها الوطني.
وعقب قيام ثورة 25 يناير 2011م أو "انتفاضة 25 يناير 2011م"، كان للأقباط السبق في أحداثها التي بدأت مع أحداث كنيسة "العمرانية" في نوفمبر 2011، وأحداث القديسين بـ"الإسكندرية" يناير 2011م، ثم انتقلت الأحداث إلى ميدان "التحرير" في 25 يناير، وكان للأقباط دور كبير فيها، وأيَّدت الكنيسة المصرية موقف شباب الثورة، بل أن جميع وسائل الإعلام بشتى أنواعه ألقت الضوء على ذلك.
ومنذ الإعلان عن بدء الحملات الانتخابية لمجلس الشعب في "مصر" في نوفمبر 2011م، وانقسام الأحزاب- بعضها ما يمثِّل التيار الديني ويأتي على رأسه "الحرية والعدالة" و"النور"، والآخر "الكتـلة المصرية"- إلا وبدأ الظلــم ضد الكنيسة المصرية؛ لاتهامها بتحريض الأقبـاط على التصويت للكــتلة ضد الأحزاب الدينية، بل وانتشرت منشورات مزوَّرة منسوبة للكنيسة المصرية.
على أية حال، هذا الظلم وهذه الاتهامات التي تُنسب لا تمت للحقيقة بصلة؛ لأن الكنيســـة المصرية لا تتدخل في توجيه الناخب. وجاء هـــذا على لسان قداسة البابا "شنـودة الثالث" في أحد محاضرته الأسبوعية: "انتخبوا الصالح ولو كان مسلمًا". والكنيســــة عندما تصدر بيانًا يكون عليه "اللوجو"، ثم يُمهر بتوقيع البابا وبختمها وبيوم وتاريخ التصديق. والسؤال الذي يطرح نفسه: من المستفيد من وراء هذه الاتهامات؟
وأنا أقول، كفاية ظلم للكنيسة المصرية المعروفة بين كنائس العالم بمواقفـها الوطنية، ولا ننسى أن الكنيسة وأقبـــاطها هــم أكثر الضحايا منذ أحــداث 25 يناير 2011م وحتى كتابة هذه السطور، حيث تعرَّضت الكنيسة المصرية لهدم أديرتها وكنائسها، وتعرَّض شعبها للقتل والاعتـــــــداءات والخطف والنهب والسلب، وحادث "ماسبيرو" 9 أكتوبر 2011م- أحــد الأحداث- شاهد على العصر. والســـؤال الذي يطرح نفسه: ماذا جنى الأقباط بعد 25 يناير 2011م؟
وأخيرًا، أتمنى من كل شخص مصري أصيل الإخلاص في عمله، وتحري الدقة قبل توجيه الظلم للآخر، والبعد عن العنصرية أو الطائفية إيًا كان نوعها أو شكلها، ومساندة قوات الشرطة والجيش والقضاء؛ لأنهم "مثلث الأمـن والأمـــان لمصرنا العزيزة".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :