إعداد/ماجد كامل
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الفترة من 7 -22 أغسطس بصوم السيدة العذراء ؛ ولهذا الصوم قدسية خاصة عند جميع الأقباط نظرا للمكانة السامية التي تحتلها السيدة العذراء في قلوب جميع الأقباط . ولهذا السبب هي القديسة الوحيدة في تاريخ الكنيسة التي يوجد لها سبعة أعياد هي :-
1-عيد البشارة بمبلادها ويقع في 7 مسري .
2-عيد ميلادها ويقع في 1 بشنس .
3- عيد دخولها طفلة إلي الهيكل ويقع في 3 كيهك .
4- عيد دخول العائلة المقدسة إلي أرض مصر ويقع في 24 بشنس .
5- عيد نياحتها (وفاتها ) ويقع في 21 طوبة .
6- عيد بناء أول كنيسة علي أسمها ويعرف أيضا بعيد السيدة العذراء حالة الحديد ويقع في 21 بؤونة .
7- عيد صعود جسدها الطاهر محمولا علي أجنحة الملائكة إلي السماء وسقع في 16 مسري .
والجدير بالذكر أنه أضيف عيد ثامن لها هو عيد ظهورها في كنيسة الزيتون ويقع في 24 برمهات الموافق 2 أبريل .
وفي هذا المقال سوف نركز علي تاريخ حياة السيدة العذراء ؛ فلقد ولدت العذراء من أبوين تقيين ؛أسم الأب يواقيم ومعناه (يهوة يقيم ) أما أسم الأم فهو حنة ومعناه بالعبرانية حنان . ولقد كانت حنة عاقرا لم يرزق لها نسلا ؛ مما كان سبب ألم ومرارة نفس لها ؛فشرعت تصلي إلي الله ستنين عديدة لكي يرزق لها نسلا . ويروي القديس مار افرآم السرياني ( 306- 373م ) في ميمر شهير له فيقول ( بينما كانت حنة تندب نفسها كل وقت قائلة : أي شيء تساوي حياتي من الدنيا مع تجردي من الثمر ؟ وهوذا البهائم والطيور وكل المخلوقات ترزق نسلا ؛ أما أنا فلم أرزق ؛الويل لي أنا وعظيم هو حزني وألم قلبي .أسألك أيها الإله الدائم وحده ؛الذي سمع صوت سارة زوجة أبينا |إبراهيم وأعطاها إسحق بعد الكبر ؛ وسمع لراحيل وأعطاها يوسف وبنيامين .... أن تسمع صوت دعائي أنا المسكينة الخالية من النسل ؛وتعطين زرعا يسر به قلبي ؛لأ|ني صرت مرذولة بين أهلي وعشيرتي .... وها أنا أنذر بين يديك يا إلهي أن النسل الذي تعطيني إياه لا أدعه يمشي علي الأرض حتي أقدمه لهيكلك المقدس . وذات ليلة وبينما هي تصلي ظهر لها الملاك جبرائيل بنور سماوي وقال لها "يا حنة أن الله قد سمع لدعائك وصلواتك .وها أنت ستحبلين وتلدين أبنة مباركة ؛وسيكون لها الطوبي في جميع الأجيال ؛ وفي جميع أقطار المسكونة ؛فأجابت حنة الملاك جبرائيل وقال له : حي هو الرب ؛لو أنني رزقت بمولودة كما قلت لي ؛ لسوف أقدمها قربانا للرب الإله ؛لتخدمه كل أيام حياتها في هيكله المقدس ) وتعيد الكنيسة القبطية الآرثوذكسية بتذكار البشارة بميلاد العذراء في يوم 7 مسري بينما تعيد له كنائس الروم الأرثوذكس والكاثوليك في اليوم التاسع من شهر ديسمبر .
وبعد تسعة أشهر ولدت الطفلة المباركة مريم ؛ وتعيد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيوم مولدها في 1 بشنس بينما يعيد له الروم الأرثوذكس في يوم 8 سبتمبر .ولقد برت حنة بوعدها ؛فما أن بلغت مريم سن ثلاث سنوات ؛حتي حملتها حنة إلي الهيكل لتكون خادمة للرب ؛ وحسب شهادة التقليد الكنسي ؛ فلقد توفي يواقيم الأب عندما كانت مريم في السادسة من عمرها ( أي بعد ثلاث سنوات من دخولها الهيكل ) بينما توفت أمها حنة عندما كانت مريم في الثامنة من عمرها ( أي بعد خمس سنوات من دخولها الهيكل ) وهكذا صارت مريم يتيمة الأبوين ولم تكمل بعد عامها الثامن .
وعندما وصلت مريم إلي سن البلوغ ؛تشاور الكهنة في الهيكل في أمرها ؛ حيث أنه لا يجوز لها أن تقيم في الهيكل بعد بلوغها سن الثانية عشر ؛فأوعز ملاك الرب إلي رئيس الكهنة أن يجمع عصي رجال المدينة كلها ؛ ويكتب علي كل عصا أسم صاحبها ؛ وفي اليوم التالي لوضع العصي في الهيكل ؛أخرجت العصي التي كان مكتوبا عليها أسم يوسف النجار براعم زهور ؛وكان وقتها شيخ في التسعين من عمره ؛ فلقد توفي يوسف النجار عندما كان سن السيد المسيح 16 سنة بينما كان عمر يوسف 111 سنة ( سنكسار يوم 26 أبيب ) بالإضافة إلي ذلك ظهرت حمامة بيضاء وأستقرت فوق رأس يوسف النجار ؛ فعلم الكهنة أن هذه هي مشيئة الله أن يكون يوسف النجار هو الرجل المختار من السماء والذي يحق له أن يأخذ مريم العذراء معه إلي البيت . وبالفعل تمت خطبة العذراء إلي القديس يوسف النجار بموجب عقد خطبة رسمي ؛ وعندما حبلت بالسيد المسيح بالروح القدس ؛ شك في أمرها فأراد تخليتها سرا ؛غير أن ملاك الرب ظهر له وبشره بأنها حبلي بالروح القدس ؛ وبعد ولادتها للسيد المسيح ؛جاء هروبها إلي أرض مصر كما وردت في أنجيل متي الأصحاح الثاني أن ملاك الرب قد ظهر في حلم ليوسف وقال له خذ الصبي وأمه وأهرب إلي أرض مصر ؛ ويذكر المؤرخون أن العائلة المقدسة مكثت في أرض مصر حوالي ثلاث سنوات ونصف ؛ مرت فيها بعدة محطات رئيسية نذكر منها (الفرما – تل بسطا- بلبيس – مسطرد – المطرية حيث توجد شجرة مريم – منطقة مصر القديمة حيث توجد كنيسة أبو سرجة – المعادي ومنها |إلي الصعيد – جبل الطير – المحرق – الدرنكة ... الخ ) . أما المصادر التي أعتمد عليها المؤرخون في فأشهرها ميمر البابا ثاؤفيلس (385- 412 م) بابا الإسكندرية رقم 23 ؛ وأيضا ميمر الأنبا زاخارياس أسقف سخا (693- 723 م) وهناك أيضا ميمر الأنبا قرياقس أسقف البهنسا . وتستمر حياة السيدة العذراء بالجسد وتشاهد معجزات السيد المسيح كما شاهدت صلبه وآلامه وكانت متواجدة تحت الصليب وكان يقف بجوارها يوحنا الحبيب ؛فأوكل السيد المسيح السيدة العذراء إلي يوحنا الحبيب حتي يرعاها من بعده ؛ وتعيش العذراء في بيت يوحنا لمدة حوالي 15 سنة ؛
وكانت تداوم علي زيارة قبر السيد المسيح ؛كما كانت دائمة التعبد في جبل الزيتون ؛ ولقد أتخذت مجموعة من العذاري السيدة العذراء أما ومرشدة لهن ؛ وكن يتعبدن في جبل الزيتون ؛ولقد تنيحت (توفت) السيدة العذراء يوم 21 طوبة ؛ وكانت مدة حياتها علي الأرض 58 سنة و8 أشهر و16 يوما . وأثناء الجنازة حاول مجموعة من اليهود الأشرار معاكسة الموكب وحاول واحد منهم أن يطرح التابوت الذي يحوي جسدها الطاهر إلي الأرض ؛ فأنفصلت يداه عن جسده وتعلقت بالنعش ؛ فأخذ يصرخ ويبكي بدموع حارة طالبا التوبة والسماح ؛ وبتوسلات الآباء الرسل عادت يداه إلي جسده . ولقد ظل الآباء الرسل يسمعون صوت ترانيم تصدر من القبر لمدة ثلاثة أيام وبعدها أنقطع الصوت ؛ وعند لحظة نياحة العذراء لم يكن توما الرسول موجودا وقتها ؛ وعندما عاد وعلم بنياحتها طلب من الآباء الرسل زيارة قبرها المقدس ؛ وعندما فتحوه لم يجد التلاميذ شيئا ؛ففزعوا لأول وهلة وظنوا أن اليهود قد سرقوا الجسد ؛فقال لهم توما لا تنزعجوا ياأخوتي لقد رأيت جسد العذراء صاعدا إلي السماء محمولا علي أجنحة الملائكة ؛ وسمع صوت أحد الملائكة يقول له "ما بالك هكذا مذهولا مبهوتا ؛تقدم وتبارك من جسد العذراء البتول فأسرعت وقبلت جسد الجسد المقدس ؛ ونلت كرامة عظمي أني حصلت علي الزنار (الحزام) الذي كانت تلف به وسطها ؛ والجدير بالذكر أن هذا الزنار محفوظ حاليا في أحدي الكنائس بحمص في سوريا ؛ وتعرف بكنيسة الزنار المقدس ؛ ولقد شهدت وزارة الآثار السورية بصحة هذا الزنار وأنه يرجع إلي حوالي 2000 سنة . فصام التلاميذ وصلوا حتي يعلمهم الرب بمكان جسد العذراء .وفي نهاية مدة الصيام ظهرت لهم السيدة العذراء وهي علي يمين السيد المسيح وكان ذلك يوم 16 مسري ؛وهو اليوم المحدد لعيد صعود جسد العذراء ونهاية صومها وهو يوافق حاليا 22 اغسطس