عادل نعمان
ليس نكاحا بل اغتصابا بل أقسى وأمر، وليست «روان» بالطفلة الممتلئة لحما ودهنا دون التاسعة، لتتحمل مضاجعة الرجل الخمسينى الذى يغرس أنيابه وأظافره فى لحمها كما أقر مشايخنا، ولم تكمل التاسعة لتدفع دفعا للفحل لنكاحها والاستمتاع بها كما أفتانا علماؤنا، وليس سكوتها يعنى الموافقة والرضا والقبول فربما ظنت أنها لعبة «عريس وعروسة» لدميتها ففرحت واشتاقت، ومشايخنا وأئمتنا جميعا أجازوا زواج الطفلة حتى الرضيعة دون استئذانها، ومن زادنا منهم فضلا وكرما فأجاز عقد النكاح حتى على الجنين فى بطن أمه متى كانت أنثى، ولا تعرف الصغيرة المسكينة من أمور الوطء والدهس والحمل وحتى أمور دينها ودنياها شيئا فلم تبلغ الرشد أو البلوغ، وهو يا مسكينة عندهم ليس شرطا للدخول بك ووطئك. المهم بلوغك التاسعة. إنه يا سادة اغتصاب طفولة تحت دعاوى مشايخ السبى والوطء والرسغ .الطفلة «روان» اليمنية ذات الثمانية أعوام، ماتت ليلة دخلتها على يد فحل فى بداية الخمسينيات، هجم عليها يفترسها كالضبع فتهتك مهبلها الصغير، لم يكن يا ولداه يتحمل هذا الدهس وهذا الفرك، كم من «روان» فى تاريخنا العامر متن تحت وحشية هؤلاء المرضى، وكم من «روان» دُفنّ سرًّا وهمًّا وكمدًا، كان الله فى عون كل «روانات» المسلمين من الأطفال حتى الرضائع.
قلنا يا مشايخنا اخرجوا لنا قليلا، وتجولوا معنا، ربما تسمعون ما لم تسمعوه من قبل، وتلمسون ما يعانيه العباد، وتشعرون معنا بالحرج من عيون الناس، أن الرسول تزوج السيدة عائشة عند ست سنين وعقد عليها فى مكة، ودخل بها عند التاسعة فى المدينة فى السنة الأولى للهجرة، ليس تشريعا سماويا بل شكلا اجتماعيا مقبولا فى حينه لظروف اجتماعية واقتصادية، فكان يجوز للكهل الزواج من الصغيرة، والكهلة من الأصغر منها، فتزوج أبو جهل وأبو سفيان وعمر وكذلك كل رجالات الجزيرة من الصغيرات، ولم يكن هذا بعيب، فتزوج الرسول عائشة وهو أسن منها، وتزوجت خديجة من النبى وهى أسن منه، فليس زواج النبى من عائشة أو من خديجة سنة أو تشريعا إلهيا، مطلوبا الاهتداء به وتشريعه. أما حديث زواج الرسول منها فى البخارى حين جاءه جبريل فى صورة عائشة وقال له «زوجتك فى الدنيا والآخرة» فظنى أنه حديث موضوع، وضعه الوضاعون مجاملة لها، لتتساوى بزينب بنت جحش التى نزلت الآية الخاصة بزواجها من النبى.
وقلنا عن الآية «وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ» هن النساء البالغات دون أن يأتيهن الحيض، أو جاء وانقطع قبل سن اليأس لأسباب صحية. والعبرة من الزواج تكوين أسرة من ناحية، ومتعة للطرفين الزوج والزوجة من ناحية أخرى، فأى أسرة هذه عمادها طفلة تحمل وتلد وترضع وتربى وتعلم؟، وأى متعة تبادلها طفلة لم تبلغ بعد؟ فإذا انعدمت المصلحة بطل هذا الزواج، وهذا ما قاله الشوكانى «أما مع عدم وجود المصلحة المعتبرة، فليس للنكاح انعقاد من الأصل، ويجوز للحاكم بل يجب عليه التفرقة بين الصغيرة ومن تزوجها» وهذا ما شرعته الدولة برفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة. بقى الأهم هو منع الزواج من الصغيرات بالتحايل والتزوير، وتجريم هذا التحايل وهذا التزوير وتشديد العقوبة على مرتكبهما. هؤلاء يا صغيرتى لا يتمسكون بالشريعة، فلم تكن مصطلحا محمديا حتى نرثه عنه، وإنما الهدف الهيمنة على عقول الناس، وفرض هيبتهم على أفكارهم، وسلطانهم على مقدرات ومصائر العباد، ومحاربة العلم وتمكين الجهل والخرافة، حتى يساق القطيع إلى حظائرهم يباعون فيها بيع الإبل فيربحون ويتكسبون، فتزوج الرضيعة، وتضاجع الميتة، ويرضع الكبير، وترجم الزانية، وتزنى المتعطرة، وتحمل المرأة حتى خمس سنوات من غياب الزوج، ونتداوى ببول الإبل، ويقتل تارك الصلاة، ويزنى الرجل بأمه فى حجر الكعبة إذا دخل بنكا، ويعذب فى القبر من بال واقفا ومن بكى عليه أهله، ويحرم على المرأة اللباس الأبيض، فنكون قد تركنا مصيرنا تحت سلم الخرافة يبلى، وعقولنا تسحبها البهائم إلى الحظائر تفنى، ومستقبلنا فى يد مشايخنا يهلك. يا طفلتى الصغيرة لا تحزنى على كل «الروانات» المقبلات من بنى جنسك وديانتك، كما حزن أمثالك من الصغيرات منذ قرون على «الروانات» الرائحات، فربما تحن قلوب مشايخنا عليهن، ولعله تموت إحدى «رواناتهم» بتهتك فى المهبل من اغتصاب فحل من فحولهم الأشاوس فيتراجعوا، هؤلاء لا يهتدون إلا إذا كانت المصيبة فى حجرهم، والخسارة من جيوبهم، والموتى من أبنائهم، عجّل الله لنا هذا الأمر؛ إنه نعم النصير.
نقلا عن المصرى اليوم