ارتسمت مرة أخرى الابتسامة وعلامة الرضا على وجه المصريين، بعد فوز الناشئين فى كرة اليد بكأس العالم فى مونديال مقدونيا؛ وذلك للمرة الأولى فى تاريخ كرة اليد المصرية. كتبوا تاريخاً كبيراً فى كرة اليد المصرية؛ بتحقيق الميدالية الذهبية. فباسم كل مصرى نشكر هؤلاء الأبطال الذين أخرجونا من اليأس برياضتنا بسبب كرة القدم. وخيراً فعل السيد الرئيس بتكريم هؤلاء الشباب الذين وصفهم بأنهم قدوة للشباب فى التفوق وقوة العزيمة وبذل الجهد وصولاً للهدف، مشيداً بالإنجاز العالمى الذى حققه أبطال مصر وإسهامهم فى تعزيز مكانتها على الساحة الرياضية.
ووجه أيضاً السيد الرئيس بتوفير كل الدعم والإمكانات لجميع الفئات العمرية من الأبطال الرياضيين فى كرة اليد ليواصلوا الاستعداد لكأس العالم لكرة اليد المقرر أن تقام فى مصر عام 2021 والذى أصبح على الأبواب. وخيراً فعلت جموع الجماهير التى احتشدت بكثافة لاستقبال الأبطال بمطار القاهرة وغيرها من أماكن تواجدهم كذلك حفاوة أجهزة الإعلام المصرية والدولية بهم. وأصبح المنتخب حديث كل بيت فالكل فرحان ويشعر بالفخر والزهو بأن تجربة المنتخب يمكن تعميمها فى جميع الألعاب وخاصة كرة القدم حيث إن منتخب كرة اليد للناشئين أعطى درسا جديدا بأنه لا توجد محاباة أو مجاملة لأى فريق وأن المدرب الوطنى استطاع أن يحقق إنجازا كبيرا معهم.
الإنجاز لم يكن وليد الصدفة؛ فالوصول إلى منصات التتويج احتاجت لأكثر من 25 عامًا، فالجهاز الفنى لمنتخب مصر لكرة اليد للناشئين الذى حقق بطولة العالم على حساب نظيره الألمانى يملك تاريخا مشرفا يمتد جذوره لأكثر من ربع قرن اختتمه بتتويج تاريخى مع منتخب الناشئين، ويتحقق الحلم بالحصول على بطولة العالم للناشئين. نحن دائماً نركز على اللعبة الأم وهى كرة القدم، وللأسف يأتينا منها إحباطات كثيرة بسبب لاعبيها تارة والجهاز الفنى تارة وتصرفات رؤساء الأندية تارة أخرى مما يشتت ذهن اللاعبين. بينما أبطال رياضيون ناشئون فى رياضات أخرى نكاد لا نعرف عنهم شيئاً ولعبة كرة اليد أكبر مثال لذلك، كذلك أبطال فى كرة السلة وألعاب القوى والاسكواش والسباحة وغيرها من الألعاب التى لا تأخذ الاهتمام الكافى لا من الأجهزة الرياضية فى مصر ولا من الإعلام ولا من الجماهير العريضة. إن الإهتمام بالشباب وتشجيعهم خاصة الناشئين من الرياضيين أهم عناصر النهضة الرياضية التى نصْبو لها وأيضا الاهتمام بقطاعات الناشئين لأنها القاعدة الأساسية للرياضة، كما يجب الاعتماد على مدربين أصحاب خبرات فى كل الفرق والمنتخبات والاهتمام بهم لتقديم أفضل ما لديهم. فهؤلاء هم الأمل لإظهار القوى الناعمة لمصر أمام العالم، كذلك هم قدوة للمستقبل؛ لذا علينا توسيع قاعدة اكتشاف الموهوبين عبر النوادى الرياضية ومراكز الشباب والمدارس. يعتبر قطاع الناشئين فى كل نادٍ «ثروة قومية». نجد اللاعب يتمتع بموهبة حقيقية، ولا يتم تصعيده للفريق الأول، ويتم الاستغناء عنه. ويتفاجأ الجميع بعد عدة سنوات بانضمامه لأحد أندية القمة بالدورى الممتاز، وتظهر الموهبة التى كانت ستجلب لهم الفوز. على كافة الجهات الرسمية والخاصة وأولياء الأمور إعطاء الناشئين مساحة واسعة من الاهتمام، وتشجيع المؤسسات والأندية الرياضية التى ترعاهم، وتقديم الحوافز لهم للمضى قدما نحو الأمام. هذه المسؤولية جماعية تقع على عاتقنا جميعًا. فأبرز الدروس المتحصلة من هذا الانتصار الرياضى هو أن الرياضة لا تعرف الإحباط ولا المستحيل. إذا تم التخطيط والجهد والتدريب والالتزام والانضباط فى ظل دولة تؤمن بالشباب، وتعمل أقصى ما فى وسعها لتدعيمه، وفى ظل جماهير واعية متشوقة للانتصارات ويجب أن تتكاتف الجهود والتعاون من أجل الوصول إلى النجاح لهذا الوطن الذى نسعى جميعًا من أجل رفعة مكانته ورفع علم مصر خفاقا فى المحافل الرياضية العالمية. كرة القدم مع احترامنا لها وللاعبيها وفنييها ليست أول وآخر لعبة رياضية فى مصر ولكن علينا أن نوسع جماهيرياً وإعلامياً وحكومياً قاعدة الاهتمام بألعاب رياضية أخرى أسوة بكرة القدم.
نقلا عن المصري اليوم