الانضباط والنشاط وحب العمل والكثير من الصفات المتميزة التي يتسم بها الشعب الياباني في كل مجالات الحياة، جعلت الكثيرين يؤكدون أن ذلك البلد يمثل كوكبا آخر غير الذي نعيش عليه وهو ما جعل نظم الحياة والتنشئة محط أنظار الكثير من الخبراء في العديد من الدول، ولا يوجد هناك أهم من قواعد تربية الأطفال اليابانيين فتلك القواعد هي من جعلت هذا الشعب يتميز بتلك الصفات عن غيره من الشعوب، ويحقق ذلك التطور الإنساني العظيم قبل أن يحقق التطور العلمي والتكنولوجي.

قواعد تربية الأطفال اليابانيين والتي جعلت من هذا البلد كوكبا آخر
في اليابان العلاقة بين الأم وطفلها قوية للغاية ينامون معا وتحمل الأمهات أطفالهن دائما معهن، في الماضي على سبيل المثال كانت الأمهات يستخدمن شيئا يشبه الحامل المصنوع من القماش للأطفال، العلاقة بين الأم والطفل عاطفية للغاية حيث تقبل الأمهات كل ما يفعله أطفالهن فلا يوجد هناك عصبية مع الطفل مهما كان تصرفه حيث يرون أطفالهن مثاليين في أعينهن.

تنص القاعدة الأساسية على أنه قبل أن يبلغ الطفل 5 سنوات، يُسمح له بالقيام بما يريده وفي الوقت الذي ينظر فيه الأجانب إلى هذا على أنه أسلوب غير صحيح وفيه حرية مفرطة للطفل في عمر لا يسمح له بذلك، نجد أن دراسات علماء التربية أكدت أن ذلك اعتقاد خاطئ فتلك القاعدة اليابانية تجعل الأطفال بالفعل جيدين وعلى مستوى عال من المسئولية، كما أن ذلك يقلل من السلوكيات غير الاجتماعية لدى الأطفال.

تربية الأطفال اليابانيين تتم على قدم المساواة
 وفقا لقواعد تربية الأطفال اليابانيين فالجميع يتم تنشئته بدون أي فوارق اجتماعية تميز الأغنياء عن الفقراء، أو أبناء المسئولين عن أبناء عامة الشعب، فنجد الأمراء والأميرات الصغيرات يشاركن في جميع الأنشطة مع زملائهن من نفس الفئة العمرية دون أي فروق بينهم، بينما في حالة تفوق أحد الأطفال عليهم في إحدى الأنشطة تكون له الأسبقية سواء في قيادتها أو البدء به في ممارستها.

كما أنه وفقا لتلك القواعد فإن الأطفال في سن من 5 إلى 15 سنة يتم قبول أي تصرفات منهم فهم مثاليون من وجهة نظر الآباء والمجتمع، وبعد أن يتخطوا سن الخامسة عشر يتم معاملتهم بالتساوي في الحقوق والواجبات مع الكبار في المجتمع.

العائلة في اليابان أهم شيء في حياتهم
يتم تنشئة الأطفال في اليابان على مبدأ مهم جدا وهو أن العائلة أهم شيء في الحياة الاجتماعية اليابانية، لذلك لا تقوم الأمهات أبدا باستئجار حاضنات للأطفال أو لا يقمن بإرسال أبنائهن للحضانة قبل سن الرابعة، ولا تطلب الأم من أحد أقاربها مساعدتها في رعاية طفلها حتى تعود من العمل أو تنتهي من أعمال المنزل، فالأم هناك رعاية أطفالها أهم من أي شيء لديها وهو ما يصل للطفل ويدركه من خلال تلك المعاملات.

وبرغم من ذلك يسمح للأطفال بقضاء وقت طويل مع الأجداد والأقارب الآخرين، ليس بغرض الرعاية ولكن بغرض التقارب والترابط، حيث ذلك يكون في ظل تواجد الأم والأب حتى يدرك الطفل مدى قوة العائلة والتقارب بين أفرادها.

الآباء هم القدوة في قواعد تربية الأطفال اليابانيين
كانت هناك تجربة اشتملت على أمهات يابانيات وأوروبيات لقد طلب منهن بناء هرم، بنى الأمهات اليابانيات الهرم من تلقاء أنفسهن ثم طلبن من أطفالهن تكرار ذلك، وإذا فشل الأطفال في بنائه بدأوا في بناء الهرم من جديد حتى يستطيعوا فعل ذلك بأنفسهم ودون مساعدة من أي شخص، أما على الجهة الأخرى أوضحت الأمهات الأوروبيات كيفية بناء الهرم لأطفالهن وطلبن منهم فعل تلك المحاولة.

في التجربة السابقة اتبعت الأمهات من اليابان القاعدة “افعل ذلك بالطريقة التي أعمل بها”،  في الوقت الذي عرضت فيه الأمهات من أوروبا على أطفالهن أن يفعلوا كل شيء بأنفسهم ولم يقدموا مثالا لكيفية بناء الهرم من خلال قيامهن بذلك، أي أن القاعدة اليابانية هي أنه “لا تجعل الأمهات اليابانيات الأطفال يفعلون أشياء يطلب منهم القيام بها بل يقدمون مثالاً أولا من خلالهن ويظهرون الطريقة التي يجب أن تتم بها الأشياء”.

الاهتمام بمشاعر الأطفال
الاهتمام بالمشاعر لتعليم الطفل العيش في مجتمع جماعي، من المهم تعليمه “رؤية” واحترام مشاعر الآخرين ومصالحهم، حيث تحترم الأمهات اليابانيات مشاعر أطفالهن، فهم لا يدفعونهم أو يجعلونهم يشعرون بالخجل أو الإحراج، بل يعلمونهم لفهم مشاعر الآخرين حتى في التعامل مع الأشياء غير الحية، فعلى سبيل المثال إذا كان طفل ما يحاول كسر سيارة لعبة فإن إحدى الأمهات من اليابان سوف تقول: “سيارة مسكينة، إنها ستبكي”، بينما في أي دولة أخرى سوف توبخ الأم طفلها وقد توقفه بشكل عنيف دون أن توضح له سبب ذلك، وبرغم كل ذلك لا يدعي اليابانيون أن أساليبهم هي الأفضل، وبرغم أن بعض القيم الأوروبية بدأت في الزحف عليهم لكن المفاهيم الرئيسية لليابان مثل موقف الهدوء والمحبة تجاه الأطفال لا تتغير.