يقول الشاعر الفرنسي "أناتول فرانس": يظل جزء من قلب الإنسان غير حي، إلى أن يتعلم كيف يحب حيوانا"، ولو سألت أي شخص قام بتربية حيوان أليف من قبل، فسيخبرك عن مشاعر الحب والطمأنينة التي يشعر بها عندما يجلس بعض الوقت مع حيوانه الأليف، أو حتى يراقبه، وقد دفعت العلاقة القوية بين الإنسان والحيوانات الأليفة بعض العلماء لدراسة أثر تربية الحيوانات على حياة الإنسان.

 
ربما تكون الفائدة الكبرى التي تعود على الإنسان من تربية الحيوانات الأليفة هي تحسين الصحة العقلية والنفسية، فالحيوانات تتميز بشيء مهم جداً، لا يكاد يكون موجوداً بين البشر، وهو قدرتها على منح الحب والاهتمام بدون أي شروط، كما أنها تتقبلنا على علاتنا، ولا تنتقدنا أو تحاول التقليل من شأننا، وهي كلها مزايا قد يفتقدها الكثيرون في تعاملاتهم مع معارفهم، كل هذه الطباع جعلت للحيوانات الأليفة قدرة كبيرة على تحسين حالات القلق التي يمر بها بعض الناس، وهذه الفائدة ليست قاصرة على الحيوانات التي يمكن اللعب أو التفاعل معها.
 
في دراسة أجريت على بعض مرضى ألزهايمر، وجد الباحثون أن الجلوس أمام أحواض السمك أدى لتحسن بعض الوظائف الإدراكية للمرضى وتحسن شهيتهم.
 
في دراسة أخرى أجريت على بعض الأطفال، أعطى الباحثون بعض الأطفال قصة وطلبوا منهم أن يقرأوا هذه القصة لكلاب حقيقية، بينما أعطوا أطفالاً آخرين نفس القصة وطلبوا منهم أن يقرأوها لدمى كبيرة على شكل كلاب، وكانت النتيجة أن الأطفال الذين قرأوا القصة على الكلاب الحقيقية أظهروا قدرة أكبر على التركيز من الفريق الآخر، كما كانوا أقل عرضة للتوتر والخجل.
 
تربية الحيوانات أيضاً يمكن أن تكون مفيدة لهؤلاء الذين يعانون من مشكلة عدم الثقة في النفس، فالحب والاهتمام الذين يقابل بهما الحيوان الأليف صاحبه قادرة على تعزيز حب الإنسان واحترامه لنفسه، تربية الحيوانات الأليفة أيضاً لها دور في زيادة إحساس الإنسان بالمسؤولية، فالتكفل باحتياجات الحيوان الأليف، مثل التنظيف والأخذ للطبيب وإعطاء الأدوية وغيرها، ستنمي من رغبة الإنسان في أداء مسؤولياته في الحياة بشكل عام، وقد وجد العلماء ان الأشخاص المصابين بمرض السكري الذين يمتلكون حيواناً اليفاً، كانوا أكثر حرصاً على قياس مستوى السكر في الدم وأخذ الأدوية في موعدها، كما أظهروا اهتماماً أكبر بالأنظمة الغذائية المفيدة لحالتهم الصحية، ولاحظ العلماء أيضاً تحسناً كبيراً في الحالة النفسية لدى كبار السن الذين تم إعطاؤهم حيوانات أليفة ليعتنوا بها.
 
وبجانب الصحة النفسية، فإن الحيوانات الأليفة لها العديد من الفوائد للصحة الجسدية للإنسان، فغالبية الحيوانات تحتاج إلى حد أدنى من الجهد للاعتناء بها، وهو ما يساعد على خفض مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية، كما أن قضاء وقت ولو قليل مع حيوان أليف، يساعد على خفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون أصلاً من ارتفاع ضغط الدم.
 
وعلى الرغم من اعتقاد نسبة كبيرة من الناس أن البيت الذي يتم فيه تربية حيوان أليف، خاصة الحيوانات ذات الفراء، يعتبر سكانه أكثر عرضة للإصابة بالحساسية، فإن الدراسات قد أثبتت أن غالبية الأشخاص الذين يربون مثل هذه الحيوانات يكونون فعلياً أقل عرضة للإصابة بالحساسية، كما يتمتعون بمناعة أقوى بشكل عام، وهو ما أرجعه الأطباء لتعرض مربي الحيوانات لنسبة أكبر من الفطريات والبكتيريا.
 
ويرى البعض أيضا أن تربية حيوان أليف في المنزل تعتبر غالباً من الأمور المرهقة، وربما المكلفة بالنسبة لبعض الناس، إلا أن المزايا الصحية التي تعود على مربي هذه الحيوانات، تجعل من تربية الحيوانات الأليفة أمرا نافعا جداً بشكل عام.