تبدأ البنوك رد حصيلة شهادات قناة السويس خلال شهر سبتمبر المقبل، التى مر على طرحها 5 سنوات، حيث استثمر المصريون فيها نحو 64 مليار جنيه لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة.
ومع حلول أجل استحقاق شهادات قناة السويس تستعد البنوك لرد هذه الأموال للمكتتبين فيها، وسط الكثير من التساؤلات حول سبل استغلال هذه الأموال، وهل ستبقى داخل القطاع المصرفى أم سيتم توجيهها إلى قطاعات اقتصادية أخرى؟
ويتنافس عدد من القطاعات الاقتصادية لاجتذاب السيولة المرتقبة من شهادات قناة السويس، حيث تعمل البنوك على ألا تخرج هذه الأموال من تحت عباءتها، وأن تدور فى فلك شهادات أخرى، سواء من المطروحة حالياً أو عبر أوعية ادخارية جديدة قد يتم إصدارها بعوائد مغرية لاستيعاب هذه السيولة، فيما تعتبر العقارات وسوق الأوراق المالية إلى جانب الذهب والدولار أحد أبرز الخيارات المطروحة أمام أصحاب الشهادات.
90 % حصة الأفراد من إجمالى قيمة الشهادات و10٪ للشركات والمؤسسات
واستطاعت شهادات قناة السويس جذب نحو 27 مليار جنيه من خارج القطاع المصرفى، حيث بلغ العائد عليها 12%، ثم ارتفع إلى 15.5% بعد تحرير سعر صرف الجنيه فى نوفمبر 2016 وإصدار البنوك الحكومية شهادات بعوائد ارتفعت إلى 20%، حيث يستحوذ الأفراد على نحو 90% من حصيلة الشهادات، مقابل 10% فقط للمؤسسات والشركات.
وأوقفت البنوك الاكتتاب على شهادات قناة السويس بعد أن وصلت الحصيلة إلى 64 مليار جنيه فى 8 أيام من الإعلان عن طرح الشهادات، التى بلغت حصيلة المكتتبين فيها نحو 1.1 مليون عميل، بينما كان المبلغ المستهدف 60 مليار جنيه فقط.
وشارك فى إصدار شهادات استثمار قناة السويس الجديدة 4 بنوك، وهى «الأهلى المصرى»، و«مصر» و«القاهرة» و«قناة السويس»، على أن تقوم هذه البنوك بتوزيع عائد شهادة الاستثمار البالغ 12% سنوياً كل 3 أشهر، ويبدأ عائدها من اليوم التالى لشراء الشهادة التى تبلغ مدتها 5 سنوات.
مما لا شك فيه أن ضخ هذه الأموال مرة واحدة داخل شرايين الاقتصاد سوف يحدث آثاراً متباينة على مستويات عدة، وبالرغم من أن توقعات العديد من المحللين تذهب إلى أن البنوك ما زالت تمتلك القدرة على امتصاص هذه الأموال من خلال طرح أوعية ادخارية جديدة، إلا أن هذه التوقعات لا يمكن الوثوق بها بصورة كبيرة، خاصة بعد تخفيض لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى يوم الخميس الماضى أسعار العائد على الإيداع والإقراض بواقع 150 نقطة أساس، إلى جانب الارتفاع الذى تشهده أسعار العقارات والذهب، الذى قد يجعل منها فرصاً استثمارية مميزة أمام أصحاب الشهادات، فضلاً عن عدم القدرة على التنبؤ بسلوك الأفراد المستثمرين فى هذه الشهادات وتعاملهم مع القطاع المصرفى.
وعلى الرغم من كل الاحتمالات السابق ذكرها، إلا أنه من المؤكد أن خروج هذه القيمة الكبيرة من الأموال والمقدرة بـ64 مليار جنيه من شهادات الاستثمار إلى السوق مباشرة، قد يؤثر على الخطط الرامية إلى خفض التضخم، ما يتعارض مع توجهات خفض الفائدة.
وبالنظر إلى القطاعات الاقتصادية المتاحة أمام أصحاب الشهادات للاستثمار بها، نجد أن هناك 5 قطاعات أساسية تتنافس على اجتذاب هذه الأموال، وتعد البنوك هى صاحبة الموقف الأقوى بين هذه القطاعات، وذلك لإتاحتها منتج شهادات الادخار التى تتمتع بعوائد مرتفعة وآجال متعددة، فيما يأتى الاستثمار فى القطاع العقارى كثانى أنسب الحلول لجذب هذه السيولة إليها، خاصة فى ظل طرح العديد من الأراضى والوحدات السكنية.
فيما يرى مصرفيون ومحللون أن الاستثمار فى البورصة ثالث الخيارات المطروحة أمام مستحقى هذه الشهادات، خاصة فى ظل التوقعات المتفائلة باستعادة سوق الأوراق المالية للسيولة خلال الفترة المقبلة، بينما يأتى الذهب والدولار كخيار رابع أمام أصحاب الشهادات.
البنوك.. الوعاء الادخارى الآمن
تعد الأوعية الادخارية لدى البنوك دائماً هى الملاذ الآمن لاستثمار الأفراد، باعتبارها خالية المخاطر ومضمونة بشكل كبير مقارنة بخيارات الاستثمار الأخرى، خاصة أنه مع تغير قيمة العملة يتدخل البنك المركزى بأدوات السياسة النقدية ويخفض أو يرفع من أسعار الفائدة للحفاظ على القدرة الشرائية للنقود والحد من معدلات التضخم، وبذلك سيكون الاستثمار فى البنوك هو البديل الأمثل لوضع الأموال المستحقة للعملاء من شهادات قناة السويس.
وعلى الرغم من قرار البنك المركزى الأخير بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1.5% إلى 14.25% على الإيداع و15.25% للإقراض، إلا أن تراجع معدلات التضخم خلال الفترة الماضية يحافظ على القيمة الحقيقية للأموال المودعة لدى البنوك.
وتقدم البنوك الكثير من الأوعية الادخارية التى ستنافس وبقوة شهادات قناة السويس المستحق أجلها فى الأسبوع الأول من سبتمبر المقبل، التى تقسم إلى الودائع البنكية التى تتيح إيداع مبلغ من المال على فترات زمنية متنوعة تتراوح بين أسبوع و7 سنوات كحد أقصى، على أن يتم إيداع العائد فى أى من حسابات العميل، سواء الحساب الجارى أو التوفير تلقائياً بناء على طلبه، وعائد مناسب يتمتع به المودِع طيلة وجود المبلغ النقدى فى البنك، وتتيح البنوك عوائد ثابتة تتراوح بين 0.5% كحد أدنى و14.5% كحد أقصى.
كما تقدم البنوك شهادات الادخار، التى تسمح للعميل بالاقتراض أو إصدار البطاقات الائتمانية بضمانها، وتعتبر شهادات الادخار الثلاثية بالعملة المحلية والأجنبية من أهم الشهادات الادخارية على الإطلاق والأعلى عائداً بينها، حيث يصل العائد على هذا النوع من الشهادات فى بعض البنوك إلى 15.50% للشهادات ثابتة العائد، و16% على أنواع الشهادات متغيرة العائد، فيما يتراوح معدل الفائدة على هذه الشهادات بالعملة الأجنبية بين 4.25% و4.5%، كما تقدم البنوك شهادات خماسية لمدة 5 سنوات تتراوح أسعار الفائدة بها بين 9% كحد أدنى و13% كحد أقصى.
4 بنوك شاركت فى إصدارها.. وقيادات مصرفية: ما زلنا الخيار الأمثل أمام المستثمرين
وعلى وجه الأخص تقدم البنوك الـ4 التى أصدرت شهادات قناة السويس، وهى «الأهلى المصرى ومصر والقاهرة وقناة السويس» شهادات ذات عوائد مميزة، حيث تقدم لك الشهادة البلاتينية لأجل 3 سنوات ذات العائد الشهرى 15% والعائد الربع سنوية %15.25، إضافة إلى الشهادة البلاتينية متغيرة العائد بفائدة 16% أسبوعياً، التى تنخفض بها الفائدة فور تغيير الفائدة بالبنك المركزى.
كما يقدم بنك القاهرة شهادة بعائد ثابت لأجل 3 سنوات تقدم فائدة 13.25% ويصرف العائد نصف سنوى، كما يقدم شهادة لأجل 5 سنوات بعائد شهرى 11% وعائد ربع سنوى 11.25%، وعلى مستوى الشهادات متغيرة العائد يقدم البنك شهادة متغيرة العائد بفائدة 15% تصرف ربع سنوى و14.75% تصرف سنوياً، وشهادة بعائد متغير 15.5% سنوياً لأجل 5 سنوات.
فيما يقدم بنك مصر الشهادات متغيرة العائد، التى تقدم عائداً ربع سنوى بواقع 16% سنوياً والتى تنخفض بها الفائدة فور تغيير الفائدة بالبنك المركزى، وشهادة القمة لأجل 3 سنوات، التى تقدم عائداً ثابتاً 15% يصرف كل شهر.
ويطرح بنك قناة السويس شهادة الحصاد ذات العائد الثابت لأجل 3 سنوات بفائدة 14.5% تصرف شهرياً و14.75% تصرف بشكل ربع سنوى و15% تصرف كل ستة أشهر، كما يطرح البنك شهادة ثلاثية بعائد تراكمى، بحيث يحصل العميل على 42% فائدة مع نهاية الفترة بواقع 12.4% سنوياً، بينما فى حالة الحصول على عائد شهرى تكون الفائدة 12%، وعائد كل 3 أشهر فائدة 12.25% وعائد كل 6 أشهر الفائدة 12.5% وفائدة سنوية 13%، كما يقدم البنك شهادة لأجل 5 سنوات بعائد تراكمى يصل إلى 80% فى نهاية المدة بواقع 12.47%.
وتعد البنوك الأكثر استفادة بالأموال المستحقة من شهادات قناة السويس البالغة 64 مليار جنيه قبل احتساب الفوائد، خاصة أن إجمالى الودائع فى الجهاز المصرفى وصلت إلى 3.9 تريليون جنيه بنهاية مارس 2019، فيما بلغ إجمالى محفظة القروض للقطاع العام والخاص 1.9 تريليون جنيه خلال نفس الفترة، فى المقابل بلغ إجمالى السيولة لدى البنوك نحو 1.431 تريليون جنيه موزعة إلى نقدية، والتى بلغت 56 ملياراً وأرصدة لدى البنوك فى الداخل بلغت 1.1 تريليون جنيه وأرصدة لدى البنوك فى الخارج وصلت إلى 275 مليار جنيه بنهاية مارس الماضى.
فى حين أن معدل التوظيف للودائع فى منح القروض يبلغ نحو 48.7%، وتصل هذه النسبة فى أوروبا ودول آسيوية إلى 85%، وإذا تم توظيف هذه السيولة لدى الجهاز المصرفى (المتمثلة فى إجمالى السيولة وإجمالى القروض) فى الإقراض سيصل معدل التوظيف للودائع إلى 87%، الذى سيرفع من أداء القطاع المصرفى وربحيته، كما يتيح للبنوك ضخ المزيد من التمويلات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والذى بدوره سيؤثر على الاقتصاد إيجابياً ويزيد من الإنتاجية ويوفر كثيراً من السلع فى السوق المحلية ويحد من معدلات البطالة.
العقارات.. وسيلة الاستثمار التقليدية
يعد قطاع العقارات إحدى القنوات الاستثمارية المتاحة أمام أصحاب شهادات قناة السويس، خاصة لدى الشريحة التى تبحث عن الاستثمار، باعتبار أن الوحدات العقارية تعد الملاذ الآمن، حيث إنه من المتوقع أن يستحوذ القطاع العقارى على نسبة تصل إلى نحو 25% من السيولة المتاحة فى السوق، ما يوازى نحو 15 مليار جنيه، سيتجه أصحاب هذه المبالغ لتحويلها إلى العقارات وشراء الوحدات السكنية.
وبدأت الشركات العقارية فى الاستعداد للحصول على أكبر نسبة من هذه الأموال خلال عروض جديدة لتحفيز المواطنين على شراء العقارات، منها عروض بدفع 5% مقدم، ومد فترة التقسيط لفترات أكبر تصل لـ10 سنوات، بالإضافة إلى زيادة عدد العمارات السكنية فى المشروعات العقارية مقابل الفيلات.
وشهدت سوق العقارات، خلال موسم الصيف، زيادة مستمرة فى الطلب بنسبة ٢٢٪ خلال شهر يونيو، وأيضاً 7% إضافية خلال شهر يوليو الماضى، لتصل قيمة مؤشر عقارماب إلى ٣.1 ألف نقطة، كما تدرس هيئة المجتمعات العمرانية خطة طرح الوحدات والأراضى السكنية فى المدن الجديدة خلال الفترة المقبلة، لتوفير معروض فى القطاع يجذب السيولة التى ستتوافر لدى عملاء شهادات قناة السويس، حيث تتضمن الطروحات الجديدة وحدات فى الحى السكنى الثالث بالعاصمة الإدارية ووحدات مشروع «جنة» للإسكان الفاخر و«سكن مصر» للإسكان المتوسط فى عدد من المدن الجديدة.
الذهب.. ارتفاع أسعار المعدن الأصفر يُدخله السباق
يعتبر الذهب أحد أبرز الملاذات الآمنة التى يمكن أن تفوز بجزء من السيولة التى ستتاح فى السوق من شهادات قناة السويس، حيث من المتوقع أن تلجأ فئة معينة من الأفراد إلى الاستثمار فى الذهب وهى الفئة التى لا تتعامل مع البنوك بشكل مستمر، لأنهم يعتبرون الذهب أحد الملاذات الآمنة التى يمكن الاعتماد عليها بشكل مكثف كمصدر آمن للقيمة بعيداً عن تذبذبات الأسواق المالية فى الفترة الأخيرة.
وشهد سعر جرام الذهب خلال آخر عامين انخفاضاً طفيفاً، حيث بلغ معدل نمو سعر الذهب عيار 21 الذى يعد الأوسع انتشاراً فى عملية البيع والشراء خلال الـ8 أشهر الأولى من 2019 حوالى 7%، والذى سجل سعر جرام الذهب 691 جنيهاً خلال الشهر الجارى مقارنة بتسجيله 641 جنيهاً فى بداية يناير الماضى.
فيما سجل معدل نمو سعر جرام الذهب عيار 21 فى العام الماضى حوالى 3% خلال العام الماضى، والذى بلغ سعر جرام الذهب فى ديسمبر 2018 حوالى 642 جنيهاً مقارنة بتسجيله 640 فى يناير 2018.
الطلب الاستهلاكى.. السلع المعمرة على مائدة الاختيار
من المرجح أن يشهد الطلب الاستهلاكى زيادة طفيفة خلال الفترة المقبلة خاصة عند استحقاق عملاء شهادات قناة السويس أموالهم من الجهاز المصرفى المصرى، حيث إنه من المتوقع أن يلجأ الأفراد لشراء السلع المعمرة والترفيهية وغير الضرورية مثل السيارات وأجهزة الهاتف المحمول وبعض السلع الغذائية، الأمر الذى قد يؤدى إلى زيادة معدلات التضخم فى الاقتصاد، خاصة بعد أن شهد انخفاضاً خلال الفترة الماضية، حيث سجل معدل التضخم فى الشهر الماضى حوالى 7.8% مقارنة بوصوله إلى مستوى 8.9% فى يونيو 2019.
البورصة.. الطروحات تدعم سوق المال فى السباق
تعتبر البورصة المصرية أحد الخيارات المطروحة أمام أصحاب شهادات قناة السويس للاستثمار بها بعد الحصول على مستحقاتهم، خاصة أن رد هذه الأموال يأتى بالتزامن مع توقعات الخبراء بحدوث موجة تنشيط لسوق الأوراق المالية فى ظل الطروحات الحكومية لكثير من المؤسسات من ضمنها كيانات كبيرة كبنك القاهرة، إنبى، مصر للتأمين، والطرح الفعلى لشركة «فورى» مؤخراً، مما ينعكس إيجاباً على أداء البورصة المصرية.
كما يتسم الاستثمار فى البورصة بعدة مزايا إضافية عن باقى خيارات الاستثمار المطروحة التى تتمثل فى إمكانية الاستثمار لفترات زمنية طويلة الأجل والذى بدوره سيحد من التعرض للتقلبات الاقتصادية قصيرة الأجل، كما تتيح البورصة لعملائها سهولة بيع الأسهم وتسييل الأموال فى أى وقت، دون الحاجة لمزيد من الوقت والجهد، والذى قد يكون دافعاً كبيراً لكثير من الأفراد للاستثمار بها.
ويتيح الاستثمار فى البورصة أيضاً تنوع الأوراق المالية التى تستثمر بها للحد من المخاطر التى قد تتعرض لها الأسهم من انخفاض أو خسائر فيكون لدى المستثمر محفظة متنوعة من الاستثمارات، تضمن له تحقيق أقصى معدلات ربحية.