أمينة خيري
وقع المثقفون والمتنورون والمترفعون فى حيص بيص. استيقظوا من نومهم ذات صباح ليفتحوا صفحاتهم الفيسبوكية لتتصاعد صيحات الغضب ما هذا الكائن؟ محمد رمضان «نمبر وان تكاتك مصر» «الأسطورة» حديث الساعة.
صالت وجالت صور «الفنان» أثير مواقع التواصل الاجتماعى ليلقى جزاءه الذى يستحقه من المثقفين والمتنورين والمترفعين. منا من غرق فى الترحم على زمن الفن الجميل، وقت كانت الآهة تبدأ اليوم وتنتهى بعد غد. ومنا من تساءل عن سبب ظهور رمضان رغم ثراء مصر بمواهبها. ومنا من طالب بتدخل النقابات الفنية لوقف هذه المهزلة. بل منا من كتب مخاطبًا السيد رئيس الجمهورية للتدخل وإصدار قرارات لعودة الاحترام واستعادة الأخلاق وتعديل السلوكيات!!
ويبدو أن جميعنا أخذته الجلالة، فلم يكلف خاطره بفتح النافذة والنظر إلى الشارع. بل ربما أغرقنا فى الجلوس أمام شاشاتنا ونسينا أن وقائع وتفاصيل وأحداث وحوادث وظواهر ومظاهر لا حصر لها تدور رحاها منذ سنوات، ونحن عنها غافلون أو متجاهلون أو منشغلون.
انشغالاتنا حالت دون النظر إلى المكون الديموغرافى المصرى الذى انقلب رأسًا على عقب. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن نسبة خصوبة نسائنا زادت لتصل إلى 3.2 طفل بعد ما أبلت جهود تنظيم النسل بلاء حسنًا نسبياً فى ثمانيانيت وتسعينيات القرن الماضى. ومعدلات الهجرة من الريف إلى المدينة ترتفع بينما نتحدث. هؤلاء المهاجرون أو النازحون من الريف ذات الأرض الزراعية المتقلصة تحت وطأة البناء هم «العيال التى تأتى برزقها». وكما أخبرنا الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وصل المعدل إلى 32.5 فى المائة.
هذه الملايين تجد فى «الفنان» محمد رمضان ما يشبع حواسها ويشفى غليلها ويدغدغ أحلامها ويرفع سقف طموحها. من جهة أخرى، ليس جديدًا أن يعتنق سكان قمة الهرم الفن الذى يصنفه المثقفون بـ«الهابط» أو «المسف» لبعض الوقت على سبيل الصرعة.
صرعة «الفنان» محمد رمضان ستستغرق بعض الوقت، ثم تذهب لحالها، لتأتى صرعة أخرى وهلم جرا.
هذه الكلمات ليست نقدًا أو اعتراضًا على رمضان، لكنها محاولة للنظر إلى المشهد بعين مختلفة. مرة أخرى، لا المنع أو الحجب أو السجن أو العجرفة تطرح حلولاً. لكن الحل يكمن فى التعليم غير الدينى، والتثقيف المدنى، وفرص العمل الحقيقية، وتطبيق القانون عن حق، والتربية الأخلاقية على العيب وليس الحرام فقط (لاحظ أن رمضان يسجد بملابسه المثيرة للجدل محققًا كل ما يدغدغ مشاعر الطبقات المشار إليها سابقًا حيث غناء وفلوس كثيرة وغرابة وقيم الشارع فى البلطجة والقوة مكللاً بسجدة الشكر).
نقلا عن المصرى اليوم