د. مينا ملاك عازر
الدخنة التي تراها سيادتك ليست منبعثة من حرب طاحنة تجري على الأراضي السورية، ولا من كر وفر وانقلابات بأيدي أجنبية تجري على الأرض اليمنية ولا من تصارع قوى اقليمية على أرض ليبية، ولا حتى من تصاعد المواقف السياسية والأمنية والقانونية والدستورية باقليم كشمير مما ينذر بصدام هندي باكستاني، ربما يكون فيه الجانب الصيني وبوجود جماعات متطرفة تقوم بتنفيذ عمليات نوعية مشهود بدمويتها في أرض الهند بسبب تصريح انتخابي يحاول رئيس وزراء الهند تنفيذه الآن من سلب الإقليم ذو الأغلبية المسلمة واحدة من المميزات بل الامتيازات التي ينفرد ويتفرد بها، وهي ما يشبه حالة الحكم الذاتي، وبالطبع تلك الدخنة ليست من احتكاكات المدنيين في هونج كونج مع الشرطة الهونج كونجيية الصينية بسبب الخلافات القانونية والتي لها خلفية سياسية التي اندلعت على خلفية مقتل فتاة هونج كونجية على يد صديقها وتحاول حاكمة هونج كونج محاكمته على أرض صينية، ما يرفضه الهونج كونجيين الذين لا أعرف ماذا سيفعلون وأنجالهم حين يحين انضمام هونج كونج للصين وفقدها لوضعها المميز، كما أن الدخنة المنبعثة هذه لا علاقة بها من تأزم الموقف بين بريطانيا والاتحاد الأوربي، وتوتر الوضع واتجاهه للتصعيد بسبب الحدود الأيرلاندية، هذا أمر خطير يمكن أن ينجم عنه حرب يموت فيها الآلاف لكنها لا تتسبب في تلك الدخنة التي تعتقد سيادتك أن العالم يدخن، وهو عنوان المقال، سببها يعود لهذا العنوان.
العالم يدخن حقيقة واقعة، فماذا يفعل التدخين برئة المدخن؟ يحرقها حسناً، هذا ما يحدث في رئة العالم، غابات الأمازون تحترق تلبية لأفكار سياسية رعناء من رئيس البرازيل الذي يشجع في خطاباته على أن يفعل المزارعون مثل تلك الأفعال، وزير البيئة البرازيلي يحاول أن يعيذ هذا لجفاف الطقس وحالة الرياح، ربما هذه أمور صحيحة، لكن الأقرب للصدق أن الأراضي المنزرعة غابات يقطعها المزارعين ليزرعونها وليرعون بها مواشيهم، وينتظرون وقت مناسب لحرقها، ولا انسب من هذا الوقت فيحرقونها، ويمتد هذا للغابات، فقطع الغابات سبب في حرق الغابات ورئة الأرض، والعجيب أن احد دول قمة السبع الذين حاولوا إقناع البرازيل بمساعدتها في مكافحة الحرائق لا يهتم أصلا بالمناخ ولا الاحتباس الحراري الذي ربما له دور في حرائق الأمازون، وربما يتأثر بحرق الغابات.
العالم حقا يدخن من تصرفات ساسته وقادته سواء التي تقود لحروب أو صراعات أو تكاد تؤدي لهذه الحروب أو بالفعل من موقفهم المخزي حيال البيئة والمناخ ولامبالاتهم التي قد تسفر عن كارثة كونية حين لا نجد الأكسجين، والمفارقة الإنسانية أن ثمة دول تزرع الأشجار وأخرى ربنا حاباها بهذا فتقطعها وتحرقها في سبيل بيعها أخشاب أو استفادة بعض المزارعين أو الرعاة بالأرض، هذه هي مصيبة العالم أنهم مبلي بقادته الذين إما يحرقون مصادر الطبيعة لتوفير الراحة للإنسان أو يحرقون الإنسان بحروب وسلاح وصراعات لا حاجة لعاقل لتلك الأعمال إلا هم كي ما يبقوا أنفسهم قادة.
المختصر المفيد انقذوا رئة العالم ،واجعلوه يكف عن التدخين.
