كتبت – أماني موسى
قال الكاتب والباحث د. ثروت الخرباوي، القيادي السابق بجماعة الإخوان، أن البعض يطالب بتنقية التراث، ولكنني لا أطالب بذلك أبدًا، ففي تقديري أن التراث أصبح تاريخًا منذ أن انتهت أزمانه.
مستطردًا في تدوينة عبر حسابه بالفيسبوك، لا توجد أمة تستطيع تنقية تاريخها، ولكن الأمم الراشدة تضع لنفسها ضوابط تساعدها على كيفية التعامل مع تراثها، والتراث الذي أعنيه في هذه السطور هو التراث المرتبط بالدين، وهو يوازي عندي التراث المرتبط بالأدب والشعر وعلوم الفلك والكيمياء والفلسفة وغيرها.
موضحًا، أول شيء أقوله هو إن هناك فارقًا بين الإسلام وتراث المسلمين، الإسلام مقدس بقرآنه وسنته الصحيحة لا شك في ذلك، ولكن التراث هو ذلك الذي وصلت إليه عقول بعض المسلمين الأوائل في فهمها للقرآن والسنة النبوية سواء كانت عملية أو قولية، فإذا انحرف فهم بعض الأوائل لهذه النصوص، أو فهموها وفق ثقافاتهم وخبراتهم وزمنهم وواقعهم الذي يعيشون فيه، فليس معنى هذا أن باقي المسلمين على مدى العصور مُجبرون على أن ينتظموا في نفس هذا الفهم، وإلا لكان معنى هذا أن الله لم يخلق إلا بضعة عقول ثم استنسخ منها نسخًا بقدر عدد البشر إلى أن تقوم الساعة!
ولذلك فإن التراث قد يلقى تقديرًا من المسلمين ومن غير المسلمين بحسب أنه جهد بشري إبداعي مرتبط بزمنه، ولكنه لا ينبغي أبدًا أن يلقى تقديسًا أو تنزيها، هو مجرد صورة من صور ثقافات الأزمنة التي أنتجت هذا التراث.
وتابع، هذا تراث ينبغي أن نستخدمه كمفتاح من مفاتيح فهم ما حدث من قبل، لا أن يكون منهجًا نسير عليه في حاضرنا ومستقبلنا، ومن ناحية أخرى فإننا لا يمكن أن نُضيف طريقة تفكير المسلمين الأوائل إلى العلم، ولكن نضيفها إلى تاريخ العلم، فلا شك أن ما أبدعوه وقتها كان علمًا ولكنه الآن بمقاييسنا وبما وصلنا إليه من حداثة وعلوم لا يمكن أن نعتبره علمًا.
فمناهج التفكير وطرقه تغيرت مئات المرات، وتقدمت تقدما مذهلا، ولذلك لا يمكن أن نركن إلى طرق الاستدلال التي أبدعها الفقهاء الأوائل وإلا نكون أمام رجل يحمل الدكتوراه وقد جلس أمام فصول محو الأمية ليعرف مبادئ القراءة.