الأقباط متحدون | ساويرس: الجيش المصري هو الملاذ الأخير.. ومدنية الدولة وديمقراطيتها خط أحمر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٢٩ | الاربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١١ | ١١ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦١٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

ساويرس: الجيش المصري هو الملاذ الأخير.. ومدنية الدولة وديمقراطيتها خط أحمر

هدى الحسيني - الشرق الأوسط | الاربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١١ - ٤٨: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

رجل الأعمال مؤسس حزب «المصريين الأحرار» في حوار مع «الشرق الأوسط» : الحل في سوريا أن يرحل الأسد إلى أي بلد يرتاح فيه وأن يتنازل مع العفو

منذ بدء الثورة، كان لرجل الأعمال المصري العالمي نجيب ساويرس دور، إن كان في الاجتماعات الأولية قبل استقالة الرئيس حسني مبارك أو لاحقا في لجنة الحكماء مع المجلس العسكري.

ومع الإعلان عن موعد لبدء الانتخابات البرلمانية، أسس ساويرس حزب «المصريين الأحرار» مؤكدا على صفات الليبرالية والعلمانية والديمقراطية لهذا الحزب، ومع نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات بدأت حملة الإسلاميين على ساويرس وهي حملة شرسة يصر هو على مواجهتها، كما يتبين من خلال هذا الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في لندن.
يقول نجيب ساويرس في تعليق على ما تقدم: إن الأحزاب غير الدينية لم تعط الفرصة كأحزاب وليدة لتنظيم نفسها استعدادا لخوض الانتخابات على قدم المساواة مع أحزاب دينية لها ثمانون سنة من الخبرة والوجود.
ويضيف: كان هناك خطأ السماح بعودة الجهاديين والمتطرفين إلى مصر وإعادة تكوين كوادرهم, إذ ليس هناك ضمانة بألا يعودوا إلى العنف. ويرى أن خطأ آخر ارتكب، إذ كان يجب كتابة الدستور أولا قبل اتخاذ أي إجراءات سياسية أخرى، حتى نضمن ونكرس مدنية الدولة. لأنه عندما تتحول مصر إلى دولة دينية، فسوف تقع المنطقة كلها في فخ النموذج الإيراني، وهو كارثة على المنطقة. لأن مصر ليست أي دولة، فهي ليست تونس وليست ليبيا أو البحرين أو اليمن أو سوريا. إن مصر هي العمود الفقري للأمة العربية، وبالتالي لو وقعت في براثن النموذج الإيراني «فيا ويلاه».


* هل أنت عاتب على بعض الدول لموقفها من الثورة في مصر؟
- نعم، إذ للأسف أن دولة مثل قطر تقود الثورة الإسلامية في المنطقة العربية، وتدعمها من أجل أن تدعم موقعا استراتيجيا لها على حساب مستقبل هذه الدول.

* موقع استراتيجي لقطر؟
- نعم، فقطر اليوم تعتبر مركزا جديدا من مراكز القوى في المنطقة العربية، واختطفت هذا المركز من دولة عظيمة مثل مصر ومن دول أخرى كان يمكن لها المنافسة عليه مثل سوريا. على كل، هذا أمر لا يؤخذ على قطر، إنما يؤخذ عليها أنها دعمت هذا التيار المعروف عبر تاريخه أنه ينقلب على مؤيديه، والعبرة بما فعله أنور السادات وما فعلوا به، وأمامنا مثال الرئيس جمال عبد الناصر في ثورة 1952 عندما انقلبوا عليه. وبالتالي، حسب رأيي، فإن هذا التيار سينقلب يوما ما على قطر، لأنني لا أعتقد أن الشيخ حمد أو الأسرة الحاكمة في قطر هما مع التيار الإسلامي المتطرف أو مع النموذج الإيراني. لا أعتقد هذا، لكن للأسف اللعب بالنار يحرق صاحبه.
هناك أيضا أفراد سعوديون يدعمون التيار السلفي، ويعتقدون أن السلفية في مصر هي امتداد لفكرهم. كذلك ما يقوم به الداعية الشيخ يوسف القرضاوي من جمع الأموال وإرسالها إلى «الإخوان المسلمين» في مصر.

* أنت أشرت في حديث لك، إلى أن «الإخوان المسلمين» في مصر تسلموا مبلغ 100 مليون دولار؟
- والله هذه واقعة مسجلة. فقد اتصل بي رئيس دولة عربية شقيقة، عبر أحد أقاربه، وطلب مني أن أبلغ رئيس المخابرات العامة في مصر أننا «رصدنا مبلغ 100 مليون دولار تم تحويله من قطر إلى تنظيم الإخوان المسلمين». كان ذلك أثناء الثورة. وقمت من جانبي بإبلاغ هذه المعلومة.
هناك فرق أن تقوم ثورة من داخل شعبنا، وأن يتم تمويل أحد التيارات داخل هذه الثورة من دولة أخرى.

* هل كان هذا هو الدافع وراء الحديث الذي أدليت به لإحدى الصحف الكندية وأثار عاصفة من النقد ضدك، لأنك طالبت بتدخل الدول الغربية لإنقاذ الثورة المصرية؟
- بالفعل، أنا طالبت بتدخل الدول الغربية لوقف تدفق الأموال القطرية بشكل خاص والخليجية بشكل عام. قلت للغرب إنك تقف موقف المتفرج مما يحدث، وإذا كان الغرب يريد ديمقراطية فاعلة في مصر فعليه أن يمنع هذا التدخل المادي الخطير، وإلا فستكون هناك شرعية لتدخل الغرب أيضا، وهذا ما لا نريده. فأنا كمصري وطني ضد أي تدخل أجنبي في بلدي، لكنني أيضا، لا استطيع أن أقف موقف المتفرج من التدخل المادي، لأن المعادلة الانتخابية حاليا تحتاج إلى مبالغ مالية ضخمة، ونحن لا نستطيع أن نجاريها.
هناك مواقع إلكترونية تابعة للتنظيمات الإسلامية (الإخوان المسلمين) تقوم بتشويه كافة الأحاديث التي أدلي بها واستخدامها كمثال «ولا تقربوا الصلاة» من حيث الاقتطاع والقص، وللأسف هناك الكثير من الشباب الذين لم يقرأوا أحاديثي، يصدقون فتصبح الأكذوبة حقيقة. لكن هذا لا يعنيني ولن يحيد بي عن هدفي.

* هل هناك خطر على حياتك؟
- هناك خطر دائم على حياتي، لكنني أتركها دائما في يد الله، فلكل إنسان وقته، وأنا اعتقد أن حياة الآخرة أحسن من هذه الحياة وبالتالي فإن التعجل بالوصول إلى هناك ليس مشكلة. هذا مذهبي وفلسفتي في الحياة. إن ولائي هو لبلدي الذي أحبه، ولست على عداوة أو في خصام ديني مع التنظيمات الإسلامية، لكن أنا في خصام مع منهج هذه التنظيمات. أنا رجل أومن بالليبرالية ولا أعتقد أنها كلمة سيئة، كما تحاول هذه التنظيمات أن تروج وأومن بفصل الدين عن الدولة، مع العلم بأنني رجل متدين جدا، وعلاقتي بربنا قوية جدا، ولا أعتقد أن هناك كثيرين يعيشون مثل هذه العلاقة العميقة.

* بعض المراقبين السياسيين يعتبر أن المجلس العسكري ارتكب عدة أخطاء. بنظرك هل هناك مثل هذه الأخطاء فعلا؟
- أنا أعتقد إضافة إلى مسألة الدستور الذي كان من المفروض أن يكتب قبل أي إجراء آخر، ما أعلنه المجلس عن المبادئ فوق الدستور التي تقاعس عن إصدارها، ثم وثيقة «السلمي» التي لم تصدر، وتراجعه عن ضمان مدنية الدولة رغم أن الفريق سامي عنان صرح بأن مدنية الدولة خط أحمر، أيضا هناك إجراءات يتخذها وتتم تحت الضغوط. لكن لا يمكنني إلا أن أدافع عن أعضاء المجلس العسكري، لأنهم غير متمرسين سياسيا، ولأنهم في الحقيقة لم يطلبوا هذه المهمة إنما أوكلها إليهم تطور الأحداث وبالتالي لا نستطيع أن نلومهم.

* هناك من يقول إن الهجوم على من الدولة كان تبريرا مسبقا من قبل «الإخوان المسلمين» والجماعات الإسلامية لضرب مؤسسة الجيش لاحقا!

- ما تعرضت له مراكز أمن الدولة كان انتقاما بسبب التجاوزات التي ارتكبها هذا الجهاز في زمن الرئيس حسني مبارك. لكن في نفس الوقت لم تكن مهام هذا الجهاز الملاحقة والتعذيب فقط. مهامه الأساسية حماية أمن الدولة، مثل مراقبة التجسس والمؤامرات الداخلية، ومحاولات الاستيلاء على الحكم من التيارات المختلفة، والتدخلات الخارجية المتمثلة بإيران وأميركا الخ... ثم هناك منظومة حماية الأمن الداخلي هذه أيضا انهارت. لذلك كان المفروض أن يتم تحديث هذا الجهاز بطريقة تدريجية لا أن يتم هدمه بتلك الطريقة.

* ألا تعتقد أن الجيش يمكن أن يتعرض لما تعرض له الجهاز الأمني في مصر؟
- لا أعتقد، لأن الجيش يتمتع باحترام المصريين، ثم إنه مسلح تسليحا فائقا ومن الصعب جدا تدميره، يضاف إلى ذلك أن الجيش لا يرغب في أي مواجهة مع أي فصيل من فصائل الشعب. وهناك قطاعات كثيرة من الشعب وأنا من بينهم، نرى أن الجيش هو الملاذ الأخير.

* قل لي ما الذي حصل في «ماسبيرو» وهل صحيح أن هناك قلة اندست وتسببت في تلك الأحداث التي أودت بحياة العشرات من الأقباط؟
- لا أعتقد ذلك أطلاقا. فالبلطجية والذين يزعمون اندساس مجموعات ما، يظهرون ويختفون دائما بطريقة مريبة. وبالتالي حسب رأيي، لا أعتقد أنه كانت هناك قلة اندست في أحداث «ماسبيرو».

* إذن، الجيش فعلا أطلق النار وسار بمدرعاته فوق الناس!

- في رأيي، كانت مسيرة «ماسبيرو» سلمية، إذ زهق الأقباط و«قرفوا» من مسلسل إحراق كنائسهم وعدم ملاحقة الجناة، خصوصا أن هناك أسلوبا متبعا في مصر وهو إلقاء اللوم على المجني عليه. هذا أمر دائم، لأنه لم يحصل في أي مصادمة طائفية أن ألقي اللوم على الطرف المعتدي، كان يقال دائما إن الطرفين كانا على خطأ. هذا أسلوب متبع منذ عهد حسني مبارك ومستمر حتى اليوم.
ما حدث مع الأقباط في «ماسبيرو»، تجاوز كل المقاييس، ولا أعتقد إطلاقا بصحة ما أشيع عن دور لقلة مندسة، لقد فلتت الأحداث من تحت أعين الجيش، رغم اعتقادي بأنه لم يكن يرغب في هذه النهاية، إنما وقعت هذه الأحداث السوداء، وبالتالي كون الجيش مسؤولا عن أمن الوطن فإنه مسؤول عما حدث في «ماسبيرو».

* اليوم، هناك مقال في «الوول ستريت جورنال» عن الأقباط في مصر وعن الإحباط الذي يشعرون به، وكيف أن الكنيسة تطلب منهم التزام الهدوء والانتظار..
- هذا صحيح، فالكنيسة لم تتطور مع تطور الأحداث، طريقة تفكيرها لا تزال كما كانت. وأنا كإنسان علماني أرفض تدخل الكنيسة في السياسة. لكن من جهة أخرى، لأن الأقباط لم يجدوا لنفسهم أي قيادة توجههم، لجأوا إلى الكنيسة كقيادة بديلة، وهذا أمر، حسب رأيي الشخصي، غير مستحب وغير موفق.

* لنتكلم عن الاقتصاد، فالوضع الاقتصادي في مصر سيئ ويتجه إلى أسوأ! - الوضع الاقتصادي كارثي. منذ عام تماما السياحة شبه متوقفة، والإنتاج كذلك
لعدم الإقبال على الشراء، ومعظم المصريين حاليا متوقفون عن الاستهلاك لإحساسهم بعدم الاطمئنان، حركة النشاط العقاري توقفت نتيجة عدم الإقبال وأيضا لأن معظم رموز النشاط العقاري ملقى بهم في السجون أو يتعرضون للملاحقة.

* هل يستحقون أن يكونوا في السجن؟
- أنا لا أستطيع أن أتدخل في محاكمات تجري، لكن برأيي أن هذه المحاكمات تمت في عجلة وفيها ظلم. واثق أنه في المرحلة المقبلة من القضاء المصري؛ أي في الاستئناف أو النقض، فإن هذه الإحكام كلها ستلغى، لأنه من غير المعقول أن تعاقب مستثمرا في البلد لأنه اشترى أرضا.. وأعتقد أن حكومة الدكتور كمال الجنزوري ستكون أمام تحد لإصدار قوانين بسرعة بحق هذه الملاحقات التي لم تفعل أي شيء لمصر إلا وقف الاستثمار الخارجي.

* سفارة الولايات المتحدة في مصر قالت إن هناك مستثمرين أميركيين يستعدون للمجيء إلى مصر للاستثمار.. هل تصدق هذا؟
- هل هناك مستثمر في العالم سيأتي ويرى بلدا غير آمنة، وغير مستقرة وليس فيها حكومة منتخبة ديمقراطيا أو رئيس منتخب ديمقراطيا.. صعب.

* كيف ترى تطور الأحداث في مصر على المستوى السياسي، انتخابات ثم دستور ثم رئيس جمهورية؟
- للأسف، للأسف، هذا هو الطريق الذي نسير عليه الآن، في حين أن الطريق الصحيح كان يجب أن يكون: دستور، ثم انتخابات رئاسية وأخيرا انتخابات تشريعية. نحن اتجهنا عكسيا، توجهنا نحو الانتخابات التشريعية، ثم دستور ثم انتخابات رئاسية.

* أي إننا سنصل إلى طريق مسدود؟
- ليس مسدودا إنما معوج، لأننا أسرعنا في العملية الانتخابية البرلمانية، ولم نعط فرصة للأحزاب الوليدة كي تكون نفسها، وأعطينا فرصة للتيار الإسلامي كي يتسلق بسرعة إلى السلطة، لكنني أعتقد أن الانتخابات الرئاسية ستكون نقطة فاصلة، لأنه بوجود رئيس، ضمن نظام رئاسي معتدل، ممكن أن ينجح في إعادة الاستقرار ويعيد تشكيل حكومة وطنية تعكس العصر الجديد.

* هل تعتقد أن الدستور سيعطي الرئيس صلاحيات؟
- أعتقد ذلك.

* أي إن «الإخوان المسلمين» لن يُسمح لهم بكتابة الدستور؟
- الدستور لا يكتب على يد فئة سياسية معينة، لا بد أن يمثل، بعد توافق، كل تيارات المجتمع، وما يسعى إليه تنظيم «الإخوان المسلمين» و«التيار السلفي» الآن، هو دفع القوى الأخرى للإذعان لكتابة الدستور على أرضية دينية، وهذا ينذر بكارثة، ولن نوافق عليه ولن نسمح به كتيارات ليبرالية على الإطلاق.

* ماذا أنتم فاعلون؟

- والله ميدان التحرير موجود، والعصيان المدني موجود، لن نسمح بهذا على الإطلاق خصوصا أن الجيش كان قد أكد على مدنية الدولة، ولا بد لتيار «الإخوان المسلمين» إذا أراد أن يتحقق نوع من الوفاق الوطني، من أن يتنازل عن غرور القوة أو بطش الأكثرية، كما يقولون، من أجل التوافق على هذه النقطة. نحن على استعداد للحوار وللتوصل إلى توافق منعا للصدام.

* هل تتوقع حربا أهلية في مصر، سمعنا عن وصول أسلحة من إيران عبر السودان وعبر غزة إلى مجموعات إسلامية في مصر لأن هناك تكديسا للأسلحة؟
- لا أملك هذه المعلومات، لكن الشعب المصري ليس دمويا، ولم تقع في تاريخه أي حرب أهلية وبالتالي هذا مستبعد. إنما المؤكد أننا كقوى مدنية على استعداد للشهادة من أجل الحفاظ على مدنية الدولة.

* هناك كلام عن احتمال تقسيم مصر لاحقا؟

- هذا غير موجود، فالنسيج المصري الإسلامي والقبطي عميق، وفي الحقيقة لا يمكن أن تفرقي المسلم عن المسيحي، لا على أساس الشكل، أو حتى حسب اسمه. وبالتالي فإن مسألة التقسيم غير واردة وبالتالي فإن الأقباط المصريين أيضا لا يرغبون في التقسيم. أنا كشخص قبطي جميع أصدقائي مسلمون، ثقافتي إسلامية، وبالتالي لا أريد أن أعيش في دولة قبطية. هذا أمر غير مستساغ وغير مطلوب أيضا، وبالتالي هذه نظرية بعيدة التحقيق.

* هل التدخل الإيراني واضح في مصر؟

- كلا، لأننا لا نعرف بالتحديد من هم ممثلو إيران في مصر، باستثناء بعض الكتاب الصحافيين المعروفين بزياراتهم المتكررة لطهران، وباتصالاتهم بالإيرانيين، وقد تكون للإيرانيين اتصالات مع بعض فلول «القاعدة» الذين أمضوا سنوات في إيران وعادوا أخيرا إلى مصر، وهذا أمر غير مستبعد ووارد.

* كيف ترى الدور التركي؟

- أنا شخصيا في غاية السعادة بهذا الدور، فتركيا هي مثال الدولة الإسلامية التي نصبو إليها ونتمنى الوصول إلى ما وصلت إليه سواء على المستوى المدني أو على المستوى العلماني أو على المستوى الاقتصادي. لقد جعلت الإسلام يظهر في صورة الإسلام العصري المستنير وقد ضرب رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، الإسلام المتطرف في مصر ضربة قوية جدا، عندما قال في القاهرة: أنا رئيس مسلم لدولة علمانية، ونصحهم باتباع هذا النموذج الذي يريدون اليوم الابتعاد عنه، وحسب رأيي الشخصي هم يحاولون الاتجاه نحو النموذج الإيراني وهو إقامة دولة دينية في مصر، وكما قلت لك، لن يسمح أحد بهذا.

* هل تعتقد أنهم يفكرون في دولة دينية وتدعمهم قطر، على أساس أن يكون القرضاوي بمثابة «الولي الفقيه» لهذه الدولة؟
- إن ظهور القرضاوي في يوم الجمعة الشهير، كان ضربة للثورة المصرية، وكما نقول، وضع الختم على سرقة الثورة.

* هل تعتقد أن القرضاوي يتطلع إلى حكم مصر؟

- لا أعتقد أن هذا ممكن، ولا أعتقد أن الشعب المصري سيقبل هذا خصوصا بعد الذي رآه من حكم آية الله الخميني لإيران والمآسي التي تعرض لها هذا الشعب الإيراني الجميل، والتخلف الذي وصل إليه وهو شعب غني ويمتلك ثروة كبيرة جدا. لقد عاث الملالي هناك في الأرض فسادا. أنا متابع عن كثب للشأن الإيراني وأعلم تماما فضائح ومصائب السرقات والنهب هناك التي أقدم عليها نظام الملالي، ولا أعتقد أن شعبنا سيقبل أن يأتي أحد مثل محمود أحمدي نجاد كي يقوده، في حين أنه يلقي بالشباب الإيراني في غياهب السجون ويختطفهم من منازلهم ويقوم بالبحث عن نشطاء الإنترنت ويعتقلهم دون أن يعرف أهاليهم ما حل بهم، هذا واقع قد لا يعرف به العالم، لكنني كمتابع لما يجري هناك، أتوقع قريبا جدا أن يمتد الربيع العربي إلى إيران، لأن الإيرانيين شعب عظيم وأنا كان لي الشرف أثناء دراستي في سويسرا أنني عشت مع كثير من الشباب الإيراني أثناء الثورة الأولى، كنا جميعا سعداء بتلك الثورة كشباب طموح يكره القمع والديكتاتورية، ورأينا بعد ذلك ما حدث من مأساة.
المشكلة أننا جميعا نكون ضد النظم الديكتاتورية والاستبدادية، فنقوم بهذه الثورات لتأتي نظم أكثر ديكتاتورية وأكثر استبدادا تسرق الثورة وتستغل الدين في فرض ديكتاتورية من نوع جديد.

* وهذا ما سيحصل في مصر؟
- نعم، هذا ما سيحصل في مصر.

* الدور التركي الذي ترحب به وتتطلع إليه كنموذج، ينظر إليه السوري نظرة مريبة، هل أنت قادر على القيام بدور بين سوريا وتركيا؟
- أنا من؟ مصر؟

* كلا.. نجيب ساويرس

- طبعا لا أستطيع. أولا الرئيس بشار قابلته كشخص أكثر من مرة، وعندما يقابله المرء لا يستطيع إلا أن يحترمه، فهو شاب شديد الأدب، منفتح التفكير ومستنير. للأسف، هناك فئة المنتفعين حوله، وهذا كان قريبا من وضع الرئيس مبارك، هذه الفئة التي نهبت الثروات وأفسدت في الأرض وأقدمت على هذه التجاوزات، فوضعت الرئيس في موقف من لا يستطيع إلا أن يدافع عن هذه التجاوزات، لأن القائمين بها بعض أفراد عائلته. كان أمام الأسد فرصة تاريخية، أن يوقف مسلسل الدماء في سوريا، لأنه متى سال الدم الوطني انتهى النظام. الحديث عن دور تركي، أو دور مصري أو دور أميركي، لا ينفع. النهاية صارت واضحة المعالم. ما يستطيعون فعله الآن في سوريا هو أن يقرروا: هل يريدون أن يراق المزيد من الدم، بما فيه دمهم هم، أم يمكن الوصول إلى صيغة توافقية بحيث أن تكون هذه الثورة هي الوحيدة التي وافقت على إعطاء حماية وعفو عام لرموز هذا النظام بشرط أن يرحلوا فورا ويتوقفوا عن إراقة الدماء. وحسب رأيي الشخصي هذا هو الحل الوحيد.

* إلا يوجد حل آخر؟

- كلا. لأن الرئيس الذي أدار البلاد بمنطق ديكتاتوري، بسلطات لا حدود لها، بعدم مساءلة لا حدود له، بنظام قضائي يتحكم فيه، بنظام قمعي يتحكم فيه، بنظام أمني يتحكم فيه، لن يقبل أن يتم المساس بطريقة إدارته لهذا النظام، وبالتالي لا يصلح. لذلك ليس أمامه أن يصل إلى صيغة توافقية، بل يذهب إلى أي بلد يرتاح فيه ويعيش حياة رغدة وهادئة، وأن يتنازل مع العفو، مقابل وقف إراقة الدماء، لا أرى حلا آخر.

* هناك سوريون ومن بينهم النظام يقولون، إذا رحل هذا النظام فالبديل مجيء «الإخوان المسلمين»؟
- هذا سيحصل، لكن لسوريا تكوين مختلف عن مصر، فالتيارات الطائفية هناك متعددة. في مصر هناك فصيلان فقط. سوريا متعددة الطوائف، وبالتالي فالمنظومة فيها أصعب، لكن، كما قلت لك، أوصلونا إلى هذه القناعة: إما حكمهم أو حكم الإخوان. لأنهم منعوا عبر السنين بروز قوى أخرى ليبرالية علمانية وطنية، تستطيع أن تنتظم سياسيا، بحيث عندما يأتي هذا اليوم الذي ننتقل فيه إلى الديمقراطية تبقى البلاد هادئة. وهذه جريمة تضاف إلى جرائم هذه الأنظمة.

* هل تعتبر أن حسني مبارك أخطأ إلى درجة أن يوضع في قفص ويحاكم؟
- أعتقد أنه أخطأ، وأعتقد أنه لا يوجد أي إنسان فوق المحاكمة، ولكن ما أستطيع أن أقوله، رغم ما سيسببه لي هذا الكلام، من الكم من الشتائم من الشباب وغيرهم، هو أنني شعرت بإهانة شديدة له ولوطني، عندما رأيت هذا المنظر أعتقد أن دولة بتاريخ وعراقة مصر كان يمكنها أن تتجاوز ذلك، خاصة فيما يخص مبارك بالذات. لأن ليس كل ما أبلاه كان سيئا، رغم كل أخطائه فقد تنحى من دون أن يستمر في مسلسل سفك الدماء وهذا يُحسب له.
عندما قامت ثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952، وقف الضباط وأدوا التحية العسكرية للملك فاروق قبل أن يرحل، ودارت حركة التاريخ، وكان يمكن أن نكرر هذا اليوم.

* ألا تعتقد أن ثورة 1952 لا تزال قائمة في مصر.. بمعنى أن الجيش هو الذي يحكم في مصر؟
- إلى أن يتم تسليم الحكم إلى أول برلمان منتخب وأول رئيس جمهورية منتخب ديمقراطيا، هذه المقولة صحيحة.
* متى سيحصل هذا؟
- إذا سرنا حسب وعد المشير طنطاوي، فإن هذا سيتم في منتصف العام المقبل.
* لكنك قلت إن الجيش هو الضمان الأخير، والبرلمان الذي يجري انتخاب أعضائه اليوم لا توازن فيه حسب قولك أيضا.
- لأن تدخلات مادية حصلت أثناء الانتخابات وحصلت تجاوزات، وحصل تزوير لصالح هذه التيارات. لكن رضينا أم أبينا، هذا هو الواقع وعلينا التعامل معه.

* ألا تنتظر مثلا انتخاب برلمان آخر بعد أربع سنوات؟
- كلا، ليس أربع سنوات، لأنه دستوريا لا بد أن يُحل هذا البرلمان.. عندما يأتي رئيس جمهورية جديد ويكلف حكومة جديدة لا بد أن يحل البرلمان. هذا رأيي بعد دراسة قانونية.
على كل، نحن كتيار ليبرالي لن نتوقف عما حققناه، سنواصل العملية الديمقراطية، وسنطلب من الرئيس المنتخب أن يؤكد على ضرورة شفافية الانتخابات وأن تتم بنزاهة أكثر، وسنكمل هذا المشوار.
انتبهي، المصيبة الكبرى التي حصلت أن 50 في المائة فقط من الناخبين ذهبوا وأدلوا بأصواتهم، والذين لم يذهبوا هم من حزب «الكنبة» الذي كان سيصوت للتيار الليبرالي.

* ماذا تعني بحزب الكنبة؟
- أي الذين يفضلون الجلوس أمام التلفزيون.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :