الشباطيون يعودون لانقلاب دموي جديد
بقلم : د.عبدالخالق حسين
حصل الانقلاب البعثي الأول، يوم 8 شباط 1963 الأسود، والذي أغرق العراق في بحر من الدماء، يعاني من كوارثه لحد الآن. واليوم تخطط الجهات ذاتها لإعادة نفس السيناريو والمجازر، لإغراق البلاد والعباد مرة أخرى في حمامات دم، وإدخاله نفقاً مظلماً جديداً لعشرات سنين قادمة، فما أشبه اليوم بالبارحة، إذ ما يجري اليوم من تحضيرات وتمارين إحماء لمجزرة قادمة، تشبه ما كان يجري من تحضيرات للمجزرة الأم التي ارتكبها الجناة في 8 شباط عام 1963الدموي الأسود، فالصبيان الذين كانوا في الحرس القومي في الانقلاب السابق يمارسون القتل، كبروا وصاروا قادة لكتلة "العراقية"، وعلى نفس النهج سائرون في ممارسة الإرهاب. والغريب أن استطاع الشباطيون استدراج البعض من اليساريين الذين كانوا ضحايا مجازر الأمس إلى مواقفهم، فاستغلوا انتفاضات الربيع العربي لرد الاعتبار لشباط، تمهيداً لشباط جديد عملاً بالمبدأ القاتل: (عدو عدوي صديقي).
أجل، أخبار مقلقة من بغداد عن توتر الأوضاع الأمنية والسياسية عبر تصعيد الصراع بين "كتلة العراقية" بزعامة رئيس الوزراء السابق، الدكتور أياد علاوي، و"التحالف الوطني" بزعامة رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي. مقلقة، لأنها تهدد بنسف العملية السياسية، وإغراق البلاد في صراعات دموية بعد انسحاب القوات الأمريكية، تهلك الحرث والنسل، وتؤكد مرة أخرى، أن العراقيين غير مؤهلين لحكم بلادهم بأنفسهم في نظام ديمقراطي، وإنما، إما بمساعدة وإشراف دولة أجنبية قوية تحميهم من بعضهم البعض، أو حكم ديكتاتوري لمكونة واحدة تحكم بقية مكونات الشعب بالنار والحديد، كما كان الحال قبل 2003.
أصدرت السلطات العراقية مذكرة توقيف بحق طارق الهاشمي، نائب الرئيس العراقي، على خلفية اتهامات "تتعلق بممارسة الإرهاب"، وإعلان أياد علاوي، زعيم كتلة "القائمة العراقية" مقاطعة جلسات الحكومة، وتجميد نشاطها في البرلمان يوم الأحد، احتجاجا على "تهميشها"، واصفاً نوري المالكي بأنه يتصرف مثل الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بمحاولته قمع المعارضة. نسي علاوي أن كتلته "العراقية) مشاركة في الحكومة بتسعة وزراء، ورئاسة البرلمان، ونائب رئيس الجمهورية، ونائب رئيس الحكومة، فالمفروض به وبكتلته أنهم في السلطة وليسوا في المعارضة.
كما وطلب رئيس الوزراء منع نائب رئيس الوزراء صالح المطلك من الدخول إلى مجلس الوزراء لأنه اتهم المالكي بأنه "دكتاتور أسوأ من صدام حسين".
لم يفاجأ العراقيون بهذه الأخبار المؤسفة، خاصة عن قيام حماية قيادات "كتلة العراقية" بأعمال إرهابية من تفجيرات، وقتل شخصيات سياسية، وحروب إبادة الجنس ضد الشيعة. فمنذ سقوط حكم البعث عام 2003، ومشاركة شخصيات من "كتلة العراقية"، وغيرها تحت تحالفات بأسماء مختلفة، كانوا جميعاً ذا خلفية بعثية، دخلوا العملية السياسية، لا لإنجاحها وفق المصالحة الوطنية، بل كان غرضهم الرئيسي هو، أولاً، إفشال العملية السياسية من الداخل عن طريق تنفيذ العمليات الإرهابية وعرقلة تنفيذ قرارات الحكومة والقوانين التي صوت عليها البرلمان، وثانياً، لأغراض مالية، إذ ينالون الرواتب الضخمة، لهم ولحمايتهم، وغيرها من الامتيازات.
فالمئات من أفراد حماية هؤلاء يتمتعون بالحصانة من التفتيش، إذ يحملون بطاقة المرور إلى أخطر الأماكن في البلاد، ولهم مشاركة حتى في نقاط التفتيش (يعني حاميها حراميها)، وهذا يسهل لهم إدخال الشاحنات المحمولة بكميات ضخمة من المتفجرات وزرع العبوات الناسفة، إلى داخل المنطقة الخضراء، مثل تلك التي تم تفجيرها قرب وزارات: المالية، والخارجية، والداخلية والدفاع، وغيرها على فترات مختلفة، والتي أودت بحياة المئات من المواطنين الأبرياء. كذلك حصل تفجير داخل مطعم البرلمان قبل عامين، من قبل النائب البعثي محمد الدايني، وشارك أسعد الهاشمي، وزير الثقافة السابق، وهو بن أخت طارق الهاشمي، في اغتيال نجلي السيد مثال الآلوسي، وكلاهما هاربان الآن من وجه العدالة. وأخيراً التفجير الذي حصل قرب البرلمان قبل أسابيع.
فمنذ البداية كان يعرف المخلصون المشاركون في العملية السياسية أن قبول معظم قيادات "كتلة العراقية" في المشاركة، وسكوتهم عن جرائم المرتبطين بهم، كانت مجاملة، ويعرفون أنهم جاؤوا لغرض التخريب. ولكنهم لأغراض المصالحة الوطنية، و"عفا الله عما سلف"، غضوا الطرف عن جرائمهم، وكذلك بسبب الضغوط الخارجية، وخاصة الأمريكان بعدم عزل ممثلين عن أية مكونة من مكونات الشعب العراقي في العملية السياسية، وليتحلوا بالصبر، والحكمة، وضبط النفس في سيبل إنجاح الديمقراطية، وتحقيق الأمن والاستقرار في العراق. ولكن مع الأسف الشديد، أثبت هؤلاء أنهم لا يريدون الخير للعراق، وإنما هدفهم الأهم، إما أن ينفردوا هم وحدهم بحكم العراق كما كانوا قبل 2003، أو يحرقوه ويحققوا بذلك نبوءة صدام حسين الذي قال: "أن من يحكم العراق من بعده سيستلمه أرضاً محروقة بلا بشر".
ففي الدورة البرلمانية السابقة، كان كل هَّمْ المشاركين في الحكومة من قائمة "العراقية"، هو شل الحكومة، ومنعها من تنفيذ قراراتها، وخاصة في مجال توفير الخدمات، كما وساهموا في نشر الفساد في أجهزة الدولة لإثارة تذمر وسخط المواطنين على العراق الجديد، والترحم على صدام وعهده. وقد ظهر دورهم التخريبي جلياً في أول جلسة للبرلمان الحالي في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، فما أن تم انتخاب أحد قياديهم (أسامة النجيفي) رئيساً للبرلمان، حتى وغادر رئيس الكتلة، أياد علاوي، ومعه معظم أعضاء كتلته "العراقية" من أجل تعطيل البرلمان من مواصلة تنفيذ المواد الأخرى في الاجتماع، ومنها انتخاب رئيس الجمهورية، وقيام الرئيس المنتخب بتكليف المالكي لتشكيل الحكومة، ولكن فشلت محاولتهم، إذ بقيت أغلبية الأعضاء في الجلسة، وتحقق النصاب، وواصل المجلس جلسته حتى النهاية.
كما ولاحظنا دفاع قادة "العراقية" المستميت عن الإرهابيين المعتقلين، ونفي تهمة الإرهاب عنهم، ومحاولة تبرئة ساحتهم، ومطالباتهم المستمرة بإطلاق سراحهم، وإلغاء قانون اجتثاث البعث.
أبعاد المخطط التآمري
يبدو أن ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية من تصعيد للأعمال التخريبية، كان مخططاً بمنتهى الإحكام والدقة، وذا أبعاد عديدة، بالتزامن مع انسحاب القوات الأمريكية، لإرباك الوضع ونشر الفوضى العارمة في ربوع البلاد ليشلوا السلطة، تمهيداً لتنفيذ انقلابهم الجديد، إذ حصلت الأعمال التالية:
أولاً، إثارة موضوع أقلمة المحافظات العربية السنية، وهذه المطالبة جاءت مفاجئة، خاصة وأن ممثلي هذه المحافظات اعتبروا الأقلمة خطاً أحمراً يرقى إلى مرتبة الخيانة الوطنية، لأنه يهدد بتمزيق العراق والوحدة الوطنية. فلماذا هذا الانقلاب المفاجئ إذنْ؟
ثانياً، تصاعد الأعمال الإرهابية من قبل أفراد من حماية طارق الهاشمي، كما ظهر ذلك من خلال اعترافاتهم التلفزيونية. والجدير بالذكر، أن نائب رئيس الوزراء الأسبق، سلام الزوبعي، قال أن ما أعلن عن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي من اتهامات اعترف بها أفراد من حمايته أمام لجنة تحقيقية لا يشكل سوى 1% من حجم الجرائم التي ارتكبها الهاشمي بالفعل. وأضاف الزوبعي ان القائمة العراقية التي تتمشدق بأنها ضد التوجهات الطائفية هي في الواقع غارقة في الوحل الطائفي بل وطائفية حد النخاع (الرابط في الهامش)*
ثالثاً، التصريحات الاستفزازية التي أطلقها العضو القيادي في كتلة "العراقية"، صالح المطلق، نائب رئيس الوزراء، يصف فيها رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي بأنه "دكتاتور أسوأ من صدام حسين". فلو كان المالكي حقاً دكتاتوراً، ناهيك عن كونه "أسوأ من صدام"، فهل تجرأ المطلك إطلاق مثل هذه التصريحات الاستفزازية؟
رابعاً، إعلان القائمة العراقية في (16 كانون الأول 2011)، عن تعليق عضويتها في مجلس النواب احتجاجاً على "منهجية" رئيس الوزراء نوري المالكي في إدارة البلاد، مؤكدة أن وزراءها وضعوا استقالاتهم تحت تصرف قياداتها. لا شك أن الغرض من هذا الإجراء هو شل الحكومة وتعطيل نشاطها.
خامساً، كشف النائب عن حزب الفضيلة المنضوي في التحالف الوطني، محمد الهنداوي، عن مؤامرة تستهدف اغتيال رئيس الوزراء نوري المالكي، والسيطرة على المنطقة الخضراء من قبل مجموعات مسلحة جرى تدريبها بإحدى دول الجوار، مرتبطة بطرف من أطراف القائمة العراقية للقيام بعملية انقلابية.
سادساً، سبقت هذا التصعيد، حملة صحفية مكثفة ومستمرة إلى الآن، من قبل كتاب بعثيين سابقين، من السنة والشيعة، مؤيدين لقائمة العراقية، وبالأخص في الإعلام السعودي، تؤكد على أن الذين يحذرون من خطر البعث يفتعلون هذه الحملة ليتخذوا من البعث (خراعة خضرة)، وأن الخطر الحقيقي الداهم هو الخطر الإيراني، ويركزون على أن العراق صار مستعمرة إيرانية، وأن معظم الزعماء الشيعة هم إيرانيون، وألصقوا لقب (ملة روزة خون) بكل وزير شيعي، وأسموا كل سفارة فيها سفير شيعي بالحسينية...الخ
سابعاً، وهناك تقرير، لم نتأكد بعد من صحته، (السومرية نيوز، الثلاثاء، 20/12/2011) بغداد – جاء فيه: "كشف مصدر سياسي مطلع، الثلاثاء، أن قائد القوات الأميركية السابق في العراق، ديفد بترايوس، حضر اجتماع القائمة العراقية الذي عقد أمس، فيما أكد مصدر في مكتب زعيم القائمة أياد علاوي أن السفير الأمريكي السابق في العراق، جيمس جيفري وقائد عسكري سابقاً...وصلا إلى مقر القيادي في القائمة رافع العيساوي قبل بدء اجتماع العراقية بدقائق".
فلو صحت هذه الأنباء، خاصة مشاركة إثنين من كبار المسؤولين الأمريكيين في هذا اللقاء، فهذا يعني أن هناك طبخة خطيرة لا تقل خطورة عن تلك التي حصلت يوم 8 شباط 1963.
وبمناسبة ذكر شباط 1963، كان هناك من يقلل من خطر البعثيين خلال استعداداتهم للانقلاب، وحتى الزعيم عبدالكريم قاسم نفسه، الذي استلم قائمة بأسماء المتآمرين، ولكنه تساهل معهم وتركهم يسرحون ويمرحون إلى أن وقع الفأس بالرأس، فأغرقوا العراق في حمامات دم لم يصحو منها لحد الآن. لذلك نرى كتاب المقالات من البعثيين السابقين، ومعهم عدد غير قليل من اليساريين، يرددون نفس النغمة الآن في التقليل من خطر أية مؤامرة بعثية أو غير بعثية، وأن هذه الاتهامات مفبركة لأغراض طائفية-إيرانية من قبل عملاء إيران!!
وبعد كل الاعترافات التي أدلى بها أفراد من حماية طارق الهاشمي بأن الأعمال الإرهابية التي قاموا بها، وخططوا لغيرها لتنفيذها في المستقبل، هي بأوامر مباشرة من الهاشمي نفسه، لذلك أعلن مصدر قضائي عراقي رفيع المستوى أن "هيئة قضائية خماسية أصدرت مساء الاثنين (19/12/2011) مذكرة اعتقال بحق الهاشمي وفق المادة الرابعة من قانون الإرهاب".
وكالعادة، فر طارق الهاشمي إلى كردستان، وصرح من هناك أنه بريء، وأنه يتذرع بالصبر والحكمة، وأن كل هذه الاتهامات ضده مفبركة. كذلك "اعتبر رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، عرض اعترافات بعض حمايات نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بصمات صريحة للخطاب الطائفي وترويجه". يعني يقومون بالإرهاب ويطالبون الحكومة السكوت عن الإرهابيين، وإلا فإن فضح الإرهابيين يحمل بصمات طائفية!!
وأنا أكتب مسودة هذا المقال، وصلتني رسالة من صديق، وهو كاتب كردي معروف برصانته وحرصه على العراق ووحدته، خاطبني فيها قائلاً:
"أنا على يقين بأنك ستكتب كما عودتنا في قضية مذكرة القبض على طارق الهاشمي. ولأني غير قادر على لملمة أفكاري، وليس بإمكاني كتابة المقالات على الأقل في الوقت الحاضر، لذا أرجو منك تضمين مقالتك حول قضية الهاشمي بما يلي: "في المؤتمر الصحفي الذي عقده في أربيل، أقسَمَ الهاشمي بأنه لم يرتكب جريمة قتل بحق أي عراقي !!!!.
"ونحن نعرف أن كل الذين قتلوا بتوجيهات الهاشمي، هم من الطائفة الشيعية، وبما أن من أدبياته وإيمانه بمذهب يعتبر كل شيعي هو إيراني، لذلك فإن الهاشمي لم يكذب في نفيه للاتهامات التي تدينه في قتل العراقيين، لان السنة في عرفه هم فقط العراقيون .."
ويضيف الصديق: "عجبي للجوء الهاشمي إلى ألأكراد لحمايته، وهو الذي كان يصر على عدم الاعتراف بكردي لرئاسة جمهورية العراق .. الأكراد الآن يحموه". انتهى.
أتفق كلياً مع ما قاله الصديق الكاتب الكردي، فالهاشمي، ومعه كتّاب من تلامذة ساطع الحصري، يعتبرون جميع الشيعة عجم إيرانيين، صفوييين، أحفاد ابن العلقمي، الرتل الخامس، أجانب...الخ. وبما أنه لا يحق للأجنبي المشاركة في حكم بلد يقيمون فيه، لذلك لا يحق للشيعة المشاركة في حكم العراق على قدم المساواة مع بقية مكونات الشعب العراقي. ولذلك فقتل حمايته للشيعة يعني أنه لم يقتل أي عراقي، لأن الشيعة ليسوا عراقيين في عرفه وأدبياته حتى ولو كانوا من نفس العشائر العربية السنية.
ما العمل؟
أولاً، المطلوب من كل عراقي شريف، وحريص على مصلحة وطنه العراق، بغض النظر عن انتمائه القومي والديني والمذهبي، أن يضع العراق نصب عينيه أولاً وأخيراً، ويتبنى مشروع إنقاذ العراق من أولئك المغامرين الذين يريدون تدميره، وإغراق شعبه في بحر من الدماء، وإبادته من أجل جنونهم بالسلطة.
ثانياً، على المسؤولين العراقيين عدم المجاملة على مصير العراق، إذ نسمع تصريحات بعض القادة، وخاصة من الكورد، بنوايا حسنة في محاولة منهم لتهدئة الوضع، ولكنها مثبطة للعزائم، مفادها أنه ما كان المطلوب نشر تصريحات حماية الهاشمي، حرصاً على الوحدة الوطنية!! فأية وحدة وطنية ترجى من وراء أياد علاوي، وطارق الهاشمي، وصالح المطلك، وكل همهم التآمر على سلامة العراق ووحدته الوطنية؟ ألا يعتبر غض الطرف عن الإرهابيين تنكراً لحقوق عشرات الألوف من الضحايا الذين زهقت أرواحهم على أيدي هؤلاء القتلة؟ فأين العدالة والإنصاف أيها السادة؟ ألا ترون أن السكوت عن قادة الإرهاب المشاركين في السلطة يزيدهم إمعاناً وتمادياً في ارتكاب المزيد من الإرهاب، طالما اطمأنوا أنهم يفلتون من العقاب، وأن هناك من يدافع عنهم ويتخلصوا من التهم، بل وحتى إلقاء تهمة الإرهاب على الحكومة نفسها؟
ثالثاً، نهيب برئاسة إقليم كردستان، أن لا تأخذهم في الحق لومة لائم، وأن لا يضحوا بمصلحة العراق في سبيل طارق الهاشمي وأمثاله، بل عليهم أن يعيدوه إلى بغداد مخفوراً كأي متهم آخر، لتقديمه إلى محاكمة عادلة، إما أن يبرئ نفسه إن كان بريئاً حقاً، أو ينال جزاءه العادل. وليتذكر قادة كردستان غلطتهم الكبرى عندما تحالفوا مع البعثيين عام 1963 وساهموا في اغتيال أشرف حكومة وطنية، وبعد ثلاثة أشهر فقط تنكر البعثيون لوعودهم وشنوا حرباً شعواء على الكورد، ومنها مجزرة حزيران 1963 التي ارتكبها الجيش هناك بقيادة اللواء صديق مصطفى في السليمانية. فهؤلاء لا ذمة، ولا ضمير، ولا أمانة لهم، ويجب على العاقل أن لا يلدغ من جحر مرتين.
رابعاً، يجب أن يعرف العراقيون، ومن جميع أطيافهم، أن أي دعم ينالوه من دولة أجنبية ضد مصلحة العراق، ومهما كانت مصلحتهم الآنية كبيرة، ففي النهاية ستكون النتائج وبالاً عليهم وعلى الجميع.
خامساً، ليس المطلوب من العراقيين أن يحب بعضهم بعضاً ليعيشوا معاً بسلام، فالحب والكراهية والعداء والبغضاء أمور عاطفية لا إرادية غير خاضعة للعقل والمنطق، إذ أثبت الشعب العراقي أنه شعب غير متصالح مع نفسه، وفي حالة عداء واقتتال فيما بينهم منذ قرون، لذلك ندعوهم أن يتعلموا العيش بسلام حتى مع عدائهم لبعضهم البعض، لأن استمرار الصراع والقتال سيبيدهم جميعاً، ومثلهم كمثل مجموعة من البشر في سفينة تمخر عباب البحر، وهم متعادين فيما بينهم، لكن سلامتهم تتطلب حفاظهم على سلامة السفينة من الغرق. فالعراق هو سفينتكم جميعاً وهو مليء بالخيرات التي تكفيكم جميعاً أن تعيشوا برفاه إذا ما استخدمتم العقل والمنطق وتعايشتم بسلام.
قد تبدو هذه الوصايا طوباوية، فلتكن، ولكن أرى من واجبي أداء ما عليَّ من واجب وطني وإنساني قبل أن يحصل الطوفان الذي إن حصل فسوف يهلك الحرث والنسل.
فهل من يسمع؟
ــــــــــــــــــــــــ
* سلام الزوبعي :لم يعلن عن جرائم الهاشمي سوى 1% فقط
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :