بقلم : إيهاب شاكر
منذ خطاب التنحي في الحادي عشر من شهر فبراير الماضي، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، يدير شئون البلاد، ويقوم بأعمال رئيس الجمهورية، وأيضا بدور السلطة التشريعية، وعلى مدار ما يقرب من عام كامل هي عمر ثورة يناير، حدثت الكثير من الأحداث، التي في وجهة نظرنا، أخفق المجلس في التعامل مع معظمها، وربما نجح في البعض الآخر.
من ضمن هذه الأمور مثلاً، موضوع الانتخابات بالقائمة النسبية، وبالرغم من أن العديد من القوى السياسية ومعظم الأحزاب قدمت عدة اقتراحات للمجلس، إلا أنه لم يعرها أي اهتمام، والدليل أنه لم يأخذ بأي منها. وطرح مشروع النصف بالقائمة النسبية، والنصف بالانتخاب الفردي، بالرغم من رفض معظم القوى.
ومع مرور الوقت، تتأكد التكهنات القائلة بأن هناك صفقة بين المجلس العسكري، وبين التيار الإسلامي بشقيه، الإخواني والسلفي، والدليل منذ بداية قرارات المجلس، من لجنة التعديلات الدستورية، والتي ظهر من رئيسها نية وميله للتيار الإسلامي، وما جاء بعد ذلك مثل: "وضع دائرة خضراء في ورقى الاستفتاء على التعديلات، لمن سيقول "نعم" ووضع دائرة سوداء لمن سيقول "لا"!!!" وما تبعها من "غزوة الصناديق"، تعامل المجلس مع الأعمال الإرهابية التي وقعت على الكنائس، وعلى المسيحيين، والاستعانة بشيوخ السلفية، الذين هم أنفسهم السبب في الحرائق وما تبعها من اضطهاد، ثم نأتي إلى المواقع الدموية بحق، موقعة ماسبيرو، موقعة ش محمد محمود، وأخيرا وليس آخرا، موقعة ش مجلس الوزراء، والنهاية المأساوية من سفك دماء الشهداء، وحرق تاريخ مصر، بحرق المجمع العلمي، وقلت آخرا، لأنه من المتوقع المزيد طالما هذا المجلس العجيب والمريب يدير، أو بالحري يحكم البلاد.
وما زاد الطينة بلة، الفيديوهات التي انتشرت كالنار في الهشيم، التي تدين المجلس من إطلاق ضباطه وجنوده النار على المتظاهرين والمعتصمين، بل وسحلهم، بل سحل البنات وتعريتهم أمام العالم أجمع، مما يعد وصمة عار في جبين العسكرية المصرية، لن تمحى من تاريخ هذا البلد، ربما إذا قدموا من أصدر هذه الأوامر للمحاكمة والقضاء الناجز العادل، وليس كمحاكمات قتلة النظام السابق، والذي يبدو أن "سابق" ليست صحيحة بعد كل ما جرى.
كثرت اقتراحات القوى السياسية، لحل هذه الأزمة التي تعيشها مصر، خصوصا بعد ثبات فشل المجلس تماما سياسيا في لعب دور الرئيس. وفشل المجلس الاستشاري، في عمل دور الوسيط، وربما بل ومؤكد أن سبب فشل الاستشاري يكمن في اسمه. فاقتراح بتعجيل الانتخابات الرئاسية وجعلها في 25 يناير، ومقترح بنقل السلطة لرئيس مجلس الشعب المنتخب بعد انعقاده ....إلخ.
وأنا مع وجهة النظر الأولى لما فيها من دلالة رمزية على ميعاد الثورة، وربما من المفيد أن يكون الرئيس القادم المنتخب في 25 يناير يكون لمدة عام واحد فقط، لاستقرار البلاد.
أما المقترح بنقل السلطة الرئاسية لرئيس مجلس الشعب، فتقترحه قوى معينة، وبالطبع أثق في فراسة القارئ في التكهن بها، ومعرفة ما وراء ذلك.
إن لم يساعد المجلس في نقل السلطة سريعا، كما تطلب القوى السياسية والثوار الآن، فسنقول له بعد كل ما حدث، عفوا نفد رصيدكم، بل وأصبحتم مدينون بما فعلتموه من مجازر يندى لها الجبين.
ندعو الله، العلي العظيم، الحي القيوم، المتسلط في مملكة الناس، أن يتم ما بدأه منذ أمر ببداية السلطة، حتى يتمم مشيئته الكاملة لمصرنا الغالية لما فيه خيرها وخير أولادها، وليجعل لدماء شهداء ثورتنا ثمنا غاليا يستحق ما دفعوه من أجلها.