مأزق الإسلاميين والخروج من الخندق
بقلم : عادل جرجس
يخطئ الكثيرون حينما يتخوفون من تنامى التيار السياسى الدينى وإقترابة من الإستئثار بمقاليد الحكم فى مصر ويعتبرون هذا التنامى والتعاظم الدينى السياسى ما هو إلا بداية ومقدمات للإنقضاض على الدولة المدنية وإحلالها بدولة دينية، ولعل هؤلاء معذورون فلقد ساعدت الآله الإعلامية لهذا التيار فى تكريس هذا الخوف بما تم ترويجةمن تصريحات لرموز هذا التيار تخيف وترعب ولا تطمئن، ولكن المتمعن للمشهد السياسى فى مصر جيداً يدرك أن هناك واقعاً مغايرا لهذا التخوف بل لعله يكتشف أن هؤلاء الدينيين فى مأزق سياسى كبير وضعوا أنفسهم فيه ولا يجدون سبيلاً للخروج منه وهذا يرجع الى عدة عوامل من أهمها :
1 ـ إن الاسلاميين ليسوا فصيلا واحداً أو جماعة متعددة التكتلات يربط بينها مشروع سياسى واحد أتفقوا عليه ويدفعون من ورائه جميعاً بل على العكس هم فصائل وجماعات متعددة ومتفرقة لكل منهم مشروعة السياسى الخاص به والذى يحمل فى طياتة إقصاء باقى الفصائل وإفشالها
2ـ هناك صراع بين تلك الفصائل الاسلامية الجزء الأكبر منه مكتوم وغير معلن وهو قائم على خلاف دينى كبير ويتدرج هذا الخلاف ويتعاظم حتى يصل الى حد تكفير تلك الفصائل لبعضهاا البعض ويتم تغليف هذا الصراع بما هو معلن من إدعاء بإن الخلاف سياسى وأن الجميع متفقيين فى الأصول والخلاف فى الفروع فى حين ان الاختلاف بينهم قد أستشرى ليصل الى الجذور
3ـ تعجل كل الفصائل الدينية الوصول الى الحكم منفردة وغلب الظن عليهم جميعاً بان صناديق الانتخابات هى أسرع الطرق لهذا الوصول دون أن يكون لديهم آليات للإستقرار فى هذا الحكم وسلكوا نفس مسلك الحزب الوطنى المنحل فى الفاعليات الانتخابية المختلفة ونسوا أو تناسوا أن هناك شعبا قد قرر عدم الرضوخ لأى أى ديكتاتور قادم ولا يدرون أن هذا الشعب يمكن أن يثور فى وجههم ويقصيهم عن الحياة السياسة كلها وليس الحكم بين ليلة وضحاها
4ـ الإدراك المتأخر للإسلاميين بأن الثقل السياسى لهم أصغر بكثير مما حصدوا من مكاسب سياسية فى الانتخابات الأخيرة وأن الوقت صار قريباً جداً ليحققوا
لناخبيهم وعودهم التى زعموا انهم قادرين على تنفيذها وأن هؤلاء الناخبين فى انتظار تحقيق تلك الوعود بمجرد إنعقاد أولى جلسات البرلمان الجديد ولم يعد هناك لديهم صبرا لقبول سقف زمنى طويل الاجل لتحقيق المطالب وهو ما يهدد الاسلاميين بإنهيار مشروعهم قبل ان يبدأ فلجئوا الى الخارج للإستقواء به ولا يخفى على أحد الحوار بين أمريكا والإخوان وترحيب الامريكان بهم والاصرار على مسانداتهم ولأن مفاتيح كثيرة لأستقرار الحكم فى مصر يقبض عليها الأمريكان دفع السلفيين لمغازلة أولاد العم سام من على بعد وأعلنوا أنهم على أستعداد للحوار مع أسرائيل وهو ما رحب به الإسرائيلون فى رسالة غير مباشرة للأمريكان لا تخلو من غزل سياسى غير عفيف
وهكذا يتكشف على أرض الواقع مدى هشاشة المشروع السياسى الدينى فهو يحمل فى طياتة عناصر فشلة ، ولكنغريب الأمر أن القوى الليبرالية لم تتنبة بعد لهذا وتصر على ان تعزى فشلها السياسى للتوحش الدينى دون أن تحاول ان تحلل هذا التوحش وتضعة فى حجمة المناسب أو حتى تحاول تلعب على المضمون السلبى لهذا التوحش فى ظل غياب مشروع حقيقى لتلك القوى الليبرالية وذهب بعضها للهرولةوالارتماء فى أحضان تلك القوى الدينية وهوما يحتاج منا الى وقفة للتحليل نفرد لها حديثاً أخر .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :