بقلم : مايكل مجدى

أعتذر للقراء علي توقف قلمي عن الكتابة الأشهر القليلة السابقة بسبب تفرغي للمشاهدة والتحليل ، والأن أخرج عن صمتي مدفوعاً بإلحاحي روحي وعقلي وقلبي شديد بداخلي لا أستطيع مقاومته، أعلم جيداً كيف سيختلف معي الكثيرين ولكن أرجوك عزيزي القارئ أنظر بموضوعية للقضية، إذا شعرت بشئ من الصدمة والغضب فأعلم انك علي الطريق الصحيح، وإذا كنت قد سمعت إحدي هذه المواضيع التالية خلال الأسابيع الماضية فإعلم أيضاً أن هذا المقال قد كُتب خصيصاً لك، وبنظره موضوعية تامة لمنابرنا المسيحية بمختلف طوائفها هذه الأيام نجد ثلاث إسطوانات مشروخة هي ( كيف تجد الله في الألم – علامات نهاية الأيام – تفسير أشعياء 19 ) ، فستخرج من مخازنها العتيقه وبعد مسح الأتربة من عليها ودهانها بتاريخ اليوم وإضافة تطورات الحدث نضعها للتشغيل ونبدأ غسيل أذهان الجالسين فيخرجون بتعبير الشارع " عاملين دماغ " او واخدين حقنة مسكنة تكفي فقط لحد باب الكنيسة فقط ، ويشعر المسيحي بعدها بالإحتياج لحقنة أخري ليشعر بالأمان فيأتي القداس او الإجتماع التالي، وفي هذه الحالة ينطبق قول كارل ماركس "الدين أفيون الشعوب"، وبالطبع هذه التوجهات لها خلفية كتابية لكن المشكلة تكمن إستخدامها فقط لنقل المستمعين لحاله من التغييب عن الواقع المؤلم وليس علاج للواقع بصدق وحتي لو الواقع يصعب علاجة فمن الأمانة الروحية والعلمية التصريح بذلك، ولي مثال يوضح ما أبتغي قوله،


جاء علي هذا الرابط في موقع مسيحي نبوة عن الأيام القادمة وعلي حد قول الموقع أنه قال كلام غاية في الأهمية وصاحب الموضوع يؤكد أن كل ما كتبه مسجل علي تليفونه المحمول ولكن الصوت غير واضح وكان نص ما نشر " بعد أربعين يوم مع بداية السنة الجديدة . راجة لأقباط كصر مش حيكون ليهم مشاكل تاني مع حمادة وقال كمان إن الإخوان والسلفيين مش حيمسكوا الحكم أبداً وقال مبارك حيموت موتة ربنا. طبيعي يعني وقال حسني كان زعلان أوي وبيعيط جامد بعد أحداث القديسين فالعذرا جاتله وقالتله إبني يسوع بيقولك ولادي إللي في مصر أنا مش حسيبهم والثعبان الكبير إللي دخل مصر انا حخرجه منها زي ما دخل وكان في ناس بيصلوا مع أبونا قداس في رمضان إللي فات فبعد القداس قالهم ده أخر رمضان حيحتفلوا به" هذا هو نص ما نشر ويمكن التأكد من الرابط التالي :
http://www.senksar.com/vb/showthread.php?t=211681


وإنتشرت هذه النبوة أسرع من خبر تنحي مبارك بين المسيحيين علي صفحات الأنترنت وتبادلوها علي ال Face Book بل وذاعتها إحدي القنوات المسيحية كبشري سارة وبعد أيام قليلة خرج القمص أنجيلوس الأنطوني ليكذب ما حدث وينفي قوله كل هذا الكلام وقال "أنني لم أقل هذا بالضبط لكنني فقط حينما أجد هناك ناس متعبة من الأحداث المتتالية أقول لهم إن بلدنا سوف تكون أحسن، ولكني لم أحدد عدد أيام" وأيضاً النفي في الرابط التالي :
http://www.sg-es.net/vb/showthread.php?p=334084
بغض النظر عن مدي صدق أي رواية من الروايتين، هكذا يفعل الكثير من القسوس فقط لطمأنه الشعب حتي ولو بخرافة ووهم غير حقيقي ويستخدمون وسائل لا تبرر أبداً سوء الوسائل، فإن ما تشهده كنائسنا من إنتكاسه تعليمه علي المستوي الكتابي ينحدر بنا إلي هذا النفق المظلم، ويفتح باب الفوضي والشعوزة والدجل، والإنسان يهرب إلي الكنيسة ليس لأنه يحب الرب ولكنه يسعي لشئ يسكن مشاعر خوفه، ويهرب المسيحيين إلي البحث عن الإظهارات فوق الطبيعية وعلي من يكشف لهم المستقبل، ومع الأسف يكون الله إحدي هذه الوسائل ليس لأنهم يحبونه بل لأنهم يرغبون في تسكين خوفهم الشديد داخلهم، وأمام هذا الإحتياج يخرج القس او الخادم برسالة من الله لرعيته وكأن الله لم يكن يعلم أن الأحداث سوف تتجه لهذه الأمور وكأنه تفاجأ مثلنا !!!
وأختم مقالي بالإجابة علي هذا السؤال الذي أعتقد أنه يطرأ علي ذهن القاري : وما المشكلة أن يستخدم القس كلمات من الكتاب المقدس لتعزية شعب الرب وقت الضيق ؟ ، سؤال هام جداً وسوف أجيب عليه في بعض النقاط :

1. إستخدام أيات مبتوره خارج السياق والقرينة العامة للمقطع الكتابي المأخوذه منه الأية وهذا يفتح الباب للتأويل والفلسفة اللانهائية من التفسيرات الخرافية، بعيدة تماماً عن ما يريد الله قوله في المجمل.
2. التحدث دائماً علي بنظرية المؤامرة علي المسيحيين من الدولة والأخوة المسلمين وهذا يزرع الحقد والضغينة الداخلية ويصنع تزييفاً أسوء وهو الرياء حيث يجامل ويلاطف رجال الدين بعضهم بعضاً بدعوي الوحدة الوطنية وعلي منابرهم لا تخلوا عظاتهم من التنبير والإشارة للأخر بالدونية والتحقير، فمضمون رسالة المنبر وقتها هي الخبث والمكر ومستخدمين الأية الشهيرة "كونوا بسطاء كالحمام وحكماء كالحيات" ولا أعتقد أن هذا ما يريدنا تعلمه سيدنا المسيح له المجد.

3. قتل كل روح وطنية داخل الشعب المسيحي بدعوي الوطن السماوي وأننا غرباء في هذه الدنيا، ونترك كل الأيات التي تتحدث عن مصر في إنقاظ رجال الله أكثر من مرة من المجاعة ولا نذكر غير " أنا الرب الهك الذي اخرجك من مصر من بيت العبودية " خر 20 :2 وكأن الله يتكلم عننا الأن ومصرنا هذه !!!، وكل ذلك جميل وحقيقي ولا أشك فيه البته ولكن هذا يحدث في حالتين أما بمجئ رب المجد يسوع او بإنتقالنا من الحياة علي الأرض، ولكن ماذا عن ما قبل موتنا ؟؟؟ هل نعيش في ظلال الأبدية من هنا ؟ هل لهذا تركنا الرب في العالم فقط للنتظر المجئ الثاني ؟ هكذا فعل التلاميذ أيضاً بعد صعود الرب يسوع "وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقاً إِلَى السَّمَاءِ». " أعمال الرسل 1 : 11، وكأن التلاميذ أعتقدوا مجئ يسوع فورياً وظلوا شاخصين للسماء وفأرسل الرب الملاك ليُفهمهم أن يسوع سوف ياتي يوماً ما ولكن إلي أن يأتي عليهم دور يقومون به وبالفعل التلاميذ نفسهم ماتوا جميعاً ولم يأتي المسيح يسوع في مجيئه الثاني، فهل كانت مشيئة الرب لهم أن يجلسون علي الجبل باقي حياتهم منتظرينه حتي يجيئ ؟ بالطبع لا وهكذا نحن أيضاً كنيسة المسيح عليها أن تدرك دورها وتعمل عليه ليلاً ونهاراً حتي يجئ يسوع المسيح في أي زمن وأي عصر، وتدرك أن دورها هو ملح للأرض ونور للعالم وليس البحث عن السلام فقط ولكن لتكن صلواتها هي لمجد الله اولاً.


4. الكنيسة الأنانية ! نعم أقصد هذا المعني فقد تعجبت كثيراً عندما إنتفضت الكنيسة وخرج الشعب المسيحي إلي الشوارع والميادين، لنددوا بهدم كنيسة صول وخرجوا مرة أخري لهدم كنيسة المريناب ودفعوا العشرات من الشهداء والجرحي، وقلت في نفسي هذا جيداً أن تكسر الكنيسة ريائها للحاكم الذي توارثته علي مر عقود، وتطالب بحقوقها بصورة صريحة ومشروعة، وهكذا فعلوا بعد هدم أي حجر من سور دير او كنيسة وكانت الحكومة تعرف كيف تساومهم مادياً بإعادة بنائها مرة أخري ووقتها يشعر المسيحيين بنشوة النصر!!!، وشعرت بفرحة في قلبي لإعتقادي بشفاء الكنيسة من هذا الداء، ومع سخونة الأحداث بميدان الحرير وجدت المسيحيين في صمت مبين !!! العشرات من القتلي المقابل صمت، إحتياج لأطباء وأدوية لإسعاف المصابين المقابل صمت، البنات يتم تعريتهم وضربهم في الشوارع المقابل صمت، كشف العذرية والمقابل صمت، وللأمانة هناك كنيستين في ميدان التحرير فتحوا أبوابهم لإسعاف الجرحي وهذا تصرف روحي ووطني حقيقي، وأنا أنظر للكنيسة العامة وأتسائل هل لهذه الدرجة من أنانية نصرخ لمصلحتنا وبناتنا فقط ؟!؟! ، أننا أقولها وبكل تأكيد لو كان السيد المسيح بالجسد في وقتها الحالي بمصر لكان موجوداً في ميدان التحرير يتلقي الضربات عوضاً عن البنات ويحملهم علي كتفه، كان ليشفي الجروح ويقيم الموتي، صلاتي من كل قلبي أن تدرك الكنيسة دورها الذي أوجدها المسيح له كل المجد لأجل تسعي فيه حتي مجيئه الثاني وهذا فعلاً معني الإستعداد.