بقلم: يوسف سيدهم
لغط مثار منذ أسبوعين حول فرض ضريبة علي ملاك وحائزي وحدات منتجعات الساحل الشمالي نظير استغلال الشواطئ الخاصة التي تتبع هذه المنتجعات.. وأنا أفضل تسميتها ضريبة استغلال الشواطئ حتي لا أنجرف وراء تسميات أخري أطلقها البعض وأجدها غير منطقية -بل مستفزة- مثل ضريبة التمتع بهواء الشاطئ ومنظر البحر (!!).. فلا يستقيم أن تفرض ضريبة علي ظواهر الطبيعة كالهواء والمنظر الطبيعي ولكن قد تفرض ضريبة علي الاستئثار بشواطئ تم تخصيصها لمنتجعات بعينها بحيث أصبحت مقصورة علي مرتادي تلك المنتجعات ومحظورة علي عموم المواطنين.
وأقول قد تفرض ضريبة في إطار مناقشة المبدأ وليس في إطار التسليم بمايتردد من شائعات, لأن المبدأ الأزلي السائد في جميع المجتمعات المنظمة والدول التي يحكمها القانون هو لا ضريبة بدون تشريع, وفي موضوعنا هذا لم نسمع عن صدور أي تشريع برلماني ينص علي فرض ضريبة نظير استغلال الشواطئ الخاصة التابعة لأية منتجعات سواء في الساحل الشمالي أو الساحل الشرقي أو سيناء أو غيرها.
كما أن من الغريب أن يثار مع هذا اللغط أن الضريبة المطلوبة متراكمة منذ ما يزيد علي خمس عشرة سنة ويتوجب سدادها بأثر رجعي, وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل: إذا كانت تلك الضريبة منصوصا عليها في عقود الملكية المبرمة بين وزارة الإسكان والتعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة -وهي السلطة المسئولة عن تخطيط وتقسيم وبيع أراضي منتجعات الساحل الشمالي -وبين ملاك المنتجعات المثار حولها ذلك اللغط, فلماذا تأخر تحصيل الضريبة حتي اليوم؟.. ولماذا يزعم ملاك وحدات تلك المنتجعات أنهم فوجئوا بمطالبتهم بالوفاء بضريبة لا يعلمون عنها شيئا؟.. أما إذا كانت تلك الضريبة غير منصوص عليها في عقود البيع فهي بالتالي تتطلب صدور تشريع بشأنها علاوة علي أن سريانها يكون لاحقا لصدور التشريع وليس بأثر رجعي, وإلا كان ذلك إجراء غير دستوري, فلا تشريع بأثر رجعي إطلاقا.
إذا من المرجح أن اللغط المثار حول فرض ضريبة علي شواطئ تعتبر خاصة هو أمر لا أساس له من الصحة, ولعلي في هذا الصدد أقول إنه كان من الواجب علي مجلس الوزراء أن يصدر بيانا عاجلا لنفي هذا الأمر ووضع الأمور في نصابها الصحيح, فالساحة الداخلية لا تتحمل وزر الشائعات التي قد تعصف بها بين الحين والآخر.
لكن يتبقي أمر أود مناقشته علي ضوء فتح ملف شواطئ الساحل الشمالي -أو حتي أية شواطئ تعد شواطئ خاصة تابعة لمنتجعات واقعة علي سواحلنا- إنه أمر عبء صيانة الشواطئ وتجديدها وما يتطلبه ذلك من مشروعات هندسية بعضها تقليدي وبعضها الآخر يتجاوز قدرة المنتجعات الخاصة علي تصميمه وتمويله.. فجميع مرتادي المنتجعات الخاصة يلاحظون مع مرور السنين أن صيانة الشواطئ التابعة لمنتجعاتهم غير مقصورة علي أعمال النظافة الدورية وتطهير أعشاب البحر التي تقذفها الأمواج بشكل موسمي, بل يتلاحظ لهم تآكل وانكماش عمق الشاطئ الرملي علاوة علي ما ينتج عن تيارات المد والجذر من سحب طبقات رملية من قاع البحر وظهور تكوينات صخرية يعاني منها مستخدمو الشاطئ والمستحمون في البحر.. هذا بالإضافة إلي ما هو أكثر أهمية وخطورة في حالة المنتجعات التي لا تطل علي شواطئ شبه مغلقة أو خلجان, بل تطل علي شواطئ مفتوحة معرضة لشتي تيارات السحب والنحر والأمواج العاتية.. كل هذه الظواهر تتطلب وجود هيئة مسئولة عن صيانة الشواطئ تابعة للدولة تهتم بوضع وتنفيذ المشروعات اللازمة للحفاظ علي الثروة الطبيعية لشواطئنا, وذلك يشمل مشروعات حواجز وكواسر الأمواج لترويض حركة السحب والنحر, كما تشمل مشروعات إعادة ردم الشواطئ الرملية للحفاظ علي عمقها وحيويتها.. وتلك مشروعات تتجاوز في اعتباراتها الهندسية وتكاليف تنفيذها قدرة ودراية المنتجعات الخاصة, وفي هذه الحالة تتولاها الهيئات التابعة للدولة, ويحق لها إزاء ذلك المطالبة بإصدار تشريع بفرض ضريبة لتغطية قيامها بتلك الأعمال.
إذا تم تفعيل هذه الرؤية تكون ضريبة استغلال الشواطئ قانونية ومقبولة وتفرض من تاريخ صدور التشريع الذي ينظمها.. أما عدا ذلك وما نحن بصدده من لغط فهو غير مفهوم وغير مبرر ويستوجب صدور بيان رسمي لوضعه في نصابه الصحيح.