رفض محمد نجيب اعتقاله.. واعتقله الضباط الأحرار بطريقة مهينة

كتب - نعيم يوسف

لا يُذكر حزب الوفد، وتاريخه، إلا ويُذكر واحدا من الشخصيات المؤثرة ليس فقط في تاريخ الحزب -الذي ظل لفترة طويلة مهيمنًا على الحكم في مصر- ولكنه كان مؤثرًا في تاريخ مصر الحديث بشكل عام.. إنه "مصطفى النحاس"، الذي يعد أحد أبرز السياسيين المصريين في القرن العشرين.

من عائلة ميسورة الحال
ولد مصطفى النحاس باشا، في أسرة ميسورة الحال، في 15 يونيو عام 1879، وكان والده أحد التجار المشهورية في تجارة الأخشاب، وتعلم في كتاب القرية، ثم أرسله والده إلى العمل في مكتب التلغراف المحلي، وكان عمره في ذلك الوقت 11 عامًا فقط، إلا أنه استطاع إتقان طريقة الإرسال والاستقبال، ونتيجة لذلك أرسله والده لاستكمال دراسته في القاهرة، حيث التحق بالمدرسة الناصرية الابتدائية بالقاهرة، وحصل منها على الشهادة الابتدائية، ثم التحق عام 1892 بالمدرسة الخديوية الثانوية، ثم التحق بمدرسة الحقوق -وهي كلية الحقوق الآن- عام 1896 وتخرج فيها عام 1900.

العمل في القضاء
بعد تخرجه من التعليم رفض العمل وكيلا للنيابة، وفضل العمل محاميًا في مكتب أحد الساسة المشهورين وهو محمد فريد الذي ترأس الحزب الوطني بعد وفاة زعيمه مصطفى كامل، وفي عام 1903 تم تعيينه قاضيا في محكم قنا الأهلية، وخلال عمله السياسي تولى العديد من المناصب، أهمها رئاسته لمجلس الوزراء، ورئاسته للبرلمان، وقد ساعد على تأسيس حزب الوفد وعمل زعيماً له من 1927م إلي 1952 عندما تم حل الحزب بعد حركة الضباط الأحرار، كما ساهم كذلك في تأسيس جامعة الدول العربية.


بداية العمل السياسي
بداية عمله وطريقه السياسي لم تكن مبكرة، بل جاءت بعد إعلان الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، حق الشعوب في تقرير مصيرها، وكان سعد زغلول وقتها يحاول توصيل صوت مصر للعالم، وحينها تحدث "النحاس" الذي كان يعمل قاضيا وقتها مع بعض أصدقائه في إمكانية العمل مع سعد زغلول، وبالفعل تواصل النحاس معه وأقنعه بذلك، وسافر "النحاس" وحافظ عفيفي، ضمن الوفد الذي سافر للخارج.

دوره في ثورة 1919
بدأ مع سعد زغلول في تشكيل حزب الوفد وعُين سكرتيرًا للحزب الجديد، ولعِب النحاس دورًا هامًا خلال ثورة 1919، فكان حينها يعمل قاضيًا بمحكمة طنطا وكان يحمل المنشورات داخل ملابسه ويقوم بتوزيعها هو ومجموعته على أفراد الشعب، ولذلك فُصل النحاس من منصبه كقاضٍ نتيجة لنشاطه السياسي، وأصبح سكرتيرًا عاماً للوفد في القاهرة حتى عاد من باريس، حيث افتتح مكتبا للمحاماة، وأصبح النحاس الساعد الأيمن لسعد زغلول، وتولى رئاسة "الوفد" بعد وفاته.

العمل الحكومي.. والصراعات السياسية
خلال رئاسته للحكومة، كانت هناك صراعات سياسية في المجتمع المصري، ما بين حزب الوفد، والقصر، بالإضافة لدخول جماعة الإخوان المسلمين في خط العمل السياسي، ورغم المواجهات بينهما، لدرجة أنه قيل إن "النحاس" استدعى حسن البنا وطلب منه عدم الترشح للبرلمان، وقال له: "لا يا حسن ليست مصر دولة كهنوتية .. وعليك أن تسحب ترشيحك فورا وإلا سأقتلك"، ولكنه لم يصدر قرارًا بحل الجماعة، كما أنه خلال رئاسته للحكومة كان مسئولا عن المعاهدة المصرية البريطانية عام 1936م إلا أنه لاحقاً ألغاها. الأمر الذي أشعل اضطرابات مضادة للإنجليز، مما أدى إلى حل وزارته في يناير 1952م. وبعد ثورة يوليو 1952 سـُجن هو زوجته، زينب الوكيل، من 1953م إلى 1954م حيث قام مجلس قيادة حركة 1952 باعتقال النحاس بطريقة مهينة وبدون علم الرئيس محمد نجيب والذي كان معارضا لذلك، حيث قام بشطب اسمه من كشوف الاعتقال، والتي قدمت إليه من الضباط الأحرار، ثم تقاعد من الحياة العامة، إلى أن توفي في منزله بجاردن سيتي 23 اغسطس 1965م وشيعت جنازته من مسجد الحسين بالقاهرة.