بقلم: عادل جرجس
فجأة خرجت علينا كل القوى السياسية الغير دينية تلطم وجهها وتهيل التراب على رأسها لأنها أكتشفت فجأة أن مصر تم تدينها بمد دينى صحراوى خلط الدين بالسياسة وأستغل قدراتة المادية فى إستقطاب قواعد شعبية عريضة مغررا بها للدفع وراء مشروع سياسى متردى يهدف الى إرجاع مصر الى عصور سحيقة مضت فى مقابل إقرار أتباع المد الدينى بأن الشعب المصرى بعد رحلة عناء حضارية مرورا بحقب سياسية متعاقبة قد وجد ضالتة المنشودة فى المشروع السياسى الدينى  ولعلنا فى هذا الصدد يتوجب علينا فحص إدعاءات كل من الطرفين  وهل هى حقيقة أم محض إفتراء .

 
وواقع الأمر يخبرنا بأن المد الدينى قد أستشرى فى كل جنبات المحروسة وأصبح يسيطر عليها وللوقوف على أسباب ذلك لدينا خيارين هما:
ــ الأول هو انه تم التغرير والتدليس على الشعب المصرى من قبل التيار الدينى وتم خداع هذا الشعب  
ــ والثانى هو أن الشعب قد أستقر على المشروع السياسى الدينى عن إقتناع بعد فحص وتمحيص 
وهنا لا نستطيع ان نقبل الفرض الثانى لعدة أسباب من أهمها ان الشعب المصرى لم يصل بعد الى مرحلة النضج السياسى والتى تمكنة من الفرز بين المعطيات السياسية المختلفة وعلى الرغم من وعى هذا الشعب الذى لا يستطيع ان ينكرة أو يزايد علية أحد إلا ان هذا الوعى دون نضج سياسى لا يحصن الشعب سياسياً ضد محاولات خداعة والتغرير بة كما أن المد الدينى لم يتبلور بعد ليقدم لنا مشروعاً سياسياً كاملا ومازال يقبع فى حضانة الدين وهو ما يجعلة قاصراً على تحقيق المصالح المختلفة وتفضيلة كإختيار سياسى.
 
 
ونأتى الى الفرض الثانى وهو الذى يمكن قبولة وتصديقة ولكن بتحفظ وليس على طريقة العلمانيين والليبراليين واليساريين وغيرهم من التيارات الغير دينية فخداع الشعب لم يتم عن طريق أطنان من السكر والأرز والزيت واللحم التى تم توزيعها فكل ذلك كان عامل حفاز يزيد من تسريع وتيرة قبول المد الدينى شعبياً  تلك المرحلة سبقتها مرحلة أهم وهى إستغلال المقدس الدينى كمكون أساسى فى الشخصية المصرية وتحويلة الى تابو سياسى لا يجوز نقدة أو نقضة أو حتى مناقشتة والتعامل مع هذا التابو بنعرة دينية ترفض قبول الآخر وتم ذلك بعدة أشكال منها
ــ إعتماد الخطاب السياسى الدينى على خلط النص الدينى بالرأى السياسى ودمج الأثنين معاً لإضفاء قدسية على التوجهه السياسى ومع تعاظم هذا الخطاب تم هيكلة المقدس الدينى وتلوينة ليصبح سياسياً مع إستمرار قدسيتة 

 
ــ إستباحة المد الدينى السياسى للدين والتعامل معة كوكيل حصرى وتأويل النص الدينى ولى زراعة وإستنطاقة بما يخدم إنتشار هذا المد شعبياً
ــ إضفاء القداسة على رموز المد الدينى وتحويلهم الى أنبياء وأنصاف آلهه لا يجوز الأقتراب منهم وأى هجوم سياسى يتعرضون له يتم توصيفة على انه هجوم على الدين لإستنفار قواعدهم الشعبية ضد الآخر
ــ إنسحاب المؤسسات الدينية الغير مسيسة وعلى رأسها مؤسسة الأزهر الشريف من مواجهة الفهم الخاطئ والإستغلال السياسى للدين وهوما أعطى براحاً للمد الدينى للإنتشار.
 
ـ التردى الأقتصادى للمواطن المصرى والذى فتح الباب على مصرعية لدخول المد الدينى فى أدق خصوصيات هذا الشعب وإحتياجاتة وتدبير تلك الإحتياجات من مصادر التمويل المختلفة للتيار الدينى من جهات تضخ أموالاً ضخمة تدفع من وراء المد الدينى والعمل على إنتشارة 
ولكن هل يستطيع المد الدينى ان يصمد بعد ان حول المقدس الدينى الى تابو سياسى ؟ وهل يتعاظم هذا المد أم ينحصر مستقبلاً ؟ أرى ان السنوات القليلة القادمة سوف تكون مرتعاً خصباً لهذا المد حتى يصل الى قمة المنحنى الجرسى له وبعدها يبدأ فى الأفول مثلة مثل كل الموجات السياسية التى تعتمد الأيدلوجيا مرجعاً لها .. وأقرأوا التاريخ