الأقباط متحدون | الحريات ضوابط الديمقراطية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٥٢ | الخميس ٢٩ ديسمبر ٢٠١١ | ١٩ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الحريات ضوابط الديمقراطية

الخميس ٢٩ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى- لوس انجلوس
 
الحريات هبة إلهية خلقها الله في الكيان الإنساني، ولذلك فهي حق طبيعى للإنسان وليس لآخر أن يمنعها عنه. أما الديمقراطية فهى اختراع بشري لنظام الحكم. وليس فى هذا انتقاص من قيمة الديمقراطية، ولكن تحذير من أن الديمقراطية يمكن أن تشط لو لم يكن هناك ضوابط، وأهم هذه الضوابط المساس بالحريات. الديمقراطية بدون حريات يمكن أن تصبح "ديمقراطية الذئاب" حيث يأكل القوي الضعيف، وهو أمر مرفوض طبقًا لمقولة جيمس بوفارد "الديمقراطية هي شيء أكبر من ذئبين وحمل يقترعون على من يأكلون في وجبة الغداء".
 
واستكمالا للموضوع وقعت عينى على مقولة لبنيامين فرانكلين يؤكد فيها حق الحمل فى الحريات التى، تحمى الحملان الضعيفة وتصون حقوقها، ضد ظلم صندوق الانتخاب. يقول:
Democracy is two wolves and a lamb voting on what to have for lunch. Liberty is a well-armed lamb contesting the vote.”
                                         Benjamin Franklin
وترجمته باللغة العربية:" الديمقراطية هى ذئبين وحمل يقترعون على من يأكلون فى وجبة الغداء. الحريات هى حمل مسلح يعترض على هذا الاقتراع".
 من المؤكد أن ديمقراطية الذئاب غير مشروعة حتى وان اقرها صندوق الانتخاب لأنها محسومة لصالح الذئاب وضد الحمل الذى سيصبح مأكلًا للذئاب لا محالة. ولكن كما قال بنيامين فرانكلين أن الحمل الحر لا يجب أن يرضخ لقدره بقبول الموت، بل ككائن حر من حقه أن يقاوم ويتحدى الذئاب ويطالب بحقه في البقاء.
 
 والحرية حالة معنوية قبل أن تكون واقعًا ماديًا. فالحرية ليست بالضرورة خلو اليدين من القيود أو الحياة خارج القضبان. الحرية إحساس داخلى ينبع من الذات ولا يتأثر بالخارج. الحرية ليست تحرر الجسد ولكن انطلاق الروح. الحرية هى أن تحس بكرامتك الإنسانية حتى فى وجه من يكيل لك الإهانات، لأنه لا يستطيع إنسان أن يهينك إن لم تعطه أنت الإحساس أنه نجح فى إهانتك. الحرية هى ان تقف مرفوع الرأس موفور الكرامة دون غرور وكبرياء، وأن تكون متواضعا دون أن تصبح وضيعا.
 الحرية هى التى تمتع بها بولس وسيلا اللذين ضربا بقسوة ووضعت أقدامهما فى المقطرة فى السجن الداخلى، ولكن روحاهما كانت طليقة تحلق في السماء،"وفى نصف الليل كانا يصليان ويسبحان الله" أعمال 16: 25 . والتى تمتع بها بولس عندما كان مسجونا ثم وقف مكبل اليدين أمام فيلكس الوالى و تكلم معه عن التخلص من عبودية الخطيئة والتمتع بحرية البر والتعفف والتحرر من الدينونة العتيدة أن تكون فارتعب الحاكم أمام كلمات السجين (أعمال 24). وهى التى تمتع بها السجين بولس وهو يتكلم مع الملك أغريباس (أعمال 26 ) ويقول له "إننى أحسب نفسى سعيدا أيها الملك أغريباس". 
 الحمل الحر يجب أن يعتمد على نفسه أولًا في التصدى لديمقراطية الذئاب كما يقول بنيامين فرانكلين "الحرية هى حمل مسلح يعترض على هذا الاقتراع". فالحمل له الحق أن يدافع عن نفسه من أن يصبح وجبة غذاء للذئاب. أن الديمقراطية التى تأتى عن طريق صندوق انتخاب معيب، هى ليست أمر إلهي مقدس لا يجوز معارضته. ليس هناك مقدس فى السياسة كل شيء قابل للفحص والنقاش والاعتراض والتصحيح. والأسلحة التي يستخدمها الحمل للاعتراض على ظلم الديمقراطية ليس معناها العنف مثل القنابل والبنادق والسيوف التى ينتج عنها القتل وإراقة الدماء، لأن هذه كلها ليست أساليب مشروعة وهى ليست من طبيعة الحمل. ولكن على الحمل أن يتسلح بما يأتي:
 
1-  عليه أن يفهم حدود حقوقه وحدود حقوق الغير. وأن يعرف أن المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات هى المقياس المشروع الذى يجب أن لا يتنازل عنه.
2- عليه أن يعرف آليات الاحتجاج التى يقرها المجتمع الدولى الحديث ويحق له ممارستها حتى يأخذ حقوقه كاملة. الوطن الذي يظلم أبنائه لا يحق له منعهم من الاحتجاج المشروع ضد الظلم.
3-  عليه أولا أن يتسلح بالإيمان بالله ويكون دائمًا واثقًا أنه فى حماية الله القادر على كل شيء.
4- عليه أن يدرك أن إيمانه بالله ليس معناه التكاسل والتواكل، بأن يقف مكتوف الأيدي لا يعمل هو شيئًا. أعمال الله ومشاركة الإنسان يسيران جنبًا إلى جنب، لا يلغي الواحد الآخر.
 
 
لقد آن الوقت للحمل الوديع أن يشعر بأنه قوي وليس أن يكون دائمًا الضحية. عليه أن يودع المسكنة الزائفة والتواكل المقيت وان يدافع عن نفسه وعن بقائه. على الحمل أن يعرف أن يسوع قدوة لنا فى كل شىء وأن يسوع لم يكن يوما ضعيفا. حتى وان ظن الناس عنه ذلك لأن الناس يخلطون بين المحبة والضعف. 
 من أجمل ما قرأت ما كتبه جبران خليل جبران عن المسيح فى رائعته "العواصف": حيث يقول "منذ تسعة عشر جيلا والبشر يعبدون الضعف بشخص يسوع. ويسوع كان قويا ولكنهم لا يفهموا معنى القوة الحقيقية. ما عاش يسوع مسكينا خائفا ولم يمت شاكيا متوجعا بل عاش ثائرا وصلب متمردا ومات جبارا. لم يخف يسوع مضطهديه ولم يخش أعداءه ولم يتوجع أمام قاتليه".
 
 لقد قال السيد المسيح لأتباعه "فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" يوحنا 16: 33  ولكن ليس معنى هذا ان الضيق قدرنا الذى كتب علينا أن نتجرعه دون مقاومة. مع الضيق هناك وعد بالغلبة. ولكن حتى فى وسط الضيق والاضطهاد وكل آلام الحياة فان هذه لن تسلبنا حريتنا ولن نصبح سجناء الارهاب كما قال الرسول بولس "مكتئبين فى كل شىء لكن غير متضايقين، متحيرين لكن غير يائسين, مضطهدين لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين" 2 كورنثوس 4: 8 - 9.
 
 خلاصة القول أن الديمقراطية ناقصة بدون الحريات. الحريات تحمى الديمقراطية ضد استغلال الغالبية الظالمة وتصحح مسارها عند الشطط. يجب الاتفاق أولًا على أن البشر جميعا مولودون أحرارا ومتساوون فى الحقوق والواجبات. هذا لايمكن إلغائه بصندوق الانتخابات.
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :