في ظاهرة بيئية غريبة وربما تكون فريدة من نوعها، أو تحدث للمرة الأولى في الأراضي الزراعية، ويواجهها الفلاح المصري، فمن المعروف أن طائر «أبو قردان» هو صديق الفلاح، والذي يعيش دومًا في المساحات الخضراء لحماية المحاصيل من الآفات.
إلا أن ذلك الطائر ذو اللون الأبيض، بدأ يبتعد عن تلك المساحات الخضراء، ويستوطن خلال الأيام الحالية المناطق السكنية، في ظاهرة بيئية غير مبررة من البعض، لاسيما أن له أهمية ضخمة في تواجده بالأراضي الزراعية، لتنقية المحاصيل ومساعدة الفلاحين.
فما هو سبب هجرة «أبو قردان» للأراضي الزراعية؟. «الدستور» في التقرير التالي أجابت على ذلك التساؤل من خلال الفلاحين ونقيبهم، إلى جانب بعض الدراسات والآراء المُفسرة لتلك الظاهرة.
الحاج حسين عبدالرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، يقول إن أبو قردان من الطيور المفيدة للأراضي الزراعية، فهو يقضي على الحشرات والديدان الضارة بالتربة كافة، كما أنه ملازم للفلاح في أرضه طوال النهار إلى المساء.
ويوضح أن من طبيعة أبو قردان أنه يبني أعشاشه في أماكن آمنة فوق الأشجار قريبة من الأراضي الزراعية، تاركًا فضلاته على أفرع الأشجار؛ ما يؤدى إلى انتشار الروائح الكريهة التي تسبب انتقال الأمراض بين سكان المنطقة.
يؤكد أن تلك الفضلات تقضي على الأشجار، وتعمل على جفافها، كما أنها تؤذي المواطنين بالمناطق السكنية القريبة من الأراضي الزراعية، موضحًا أن اختفاءه يصيب المحاصيل بالآفات المختلفة ما يقل إنتاجها.
«وجود طيور أبو قردان في مثل هذه التجمعات، بأعداد كبيرة يسبب إزعاجا للمواطنين، فيجب التغلب على تلك المشكلة بعمل دراسة متأنية؛ لإبعاده عن المناطق السكنية بطريقة لا تؤذيه حتى لا نفقده بشكل نهائي»، بحسب نقيب الفلاحين.
«نكاد نختنق من الروائح الكريهة»، يقولها «سعد مرزوق»، 42 عامًا، من سكان منطقة "موط" في محافظة الوادي الجديد، وأحد المتضررين من استيطان أبو قردان في المناطق السكنية.
ويوضح أن تواجده يسبب لهم الأرق والإزعاج، كما أنها تشوه المنظر الجمالي للمدينة، مضيفًا أنهم لا يمكنهم استنشاق هواء نقي، ولا حتى فتح نوافذ المنازل؛ لأن الهواء ذو رائحة كريهة ويحمل الكثير من الملوثات، كما أنه يؤدى إلى انتقال العدوى بين المواطنين.
محمد عبدالله، أحد الأهالي المتضررة بمركز الداخلة في الوادي الجديد، يقول إن طيور أبو قردان تنتشرفي التجمعات بأعداد كبيرة للغاية، بشكل لا يطاق مُسببة الفزع في قلوب الكثيرين، لاسيما الأطفال، مضيفًا أنه لجأوا إلى حلول كثيرة لكن لم تحل المشكلة.
يضيف: "قامت الوحدة باقتلاع الأشجار كافة، التي كانوا يستظلون بها وأصبح الجو بالمنطقة لا يحتمل من شدة ارتفاع الحرارة".
أما حسن أحمد، أحد المواطنين بنفس المنطقة، فيرى أن السبب في مهاجمة طيور أبو قردان المناطق السكنية، رغبة بعض المزارعين في جعل أراضيهم غير صالحة للزراعة؛ حتى يتمكنوا من الحصول على التراخيص للبناء عليها، فقاموا بإضرام النيران بتلك الأراضي الزراعية حتى تفحمت أشجار النخيل كافة وهرب أبو قردان.
تابع أحمد، أنه بعد تفحم أشجار النخيل من الطبيعي قيام طيور أبوقردان بالبحث عن أماكن بديلة ليستوطن بها ويبني أعشاشه، فلم يجد أمامه إلا حي سكنى قريب من الأرضى به أشجار زينة.
استطرد أحمد، أنهم قاموا بإبلاغ المسئولين وكل الجهات المعنية، بخصوص المشاكل والأضرار التى سببتها تجمعات أبو قردان، فقامت الجهات باستخدام طرق بدائية للتخلص منها، مثل رشها بالمياه عن طريق عربات المطافئ، وتقطيع الأشجار ولكن فشلت المحاولات كلها.
الدكتور سميرة سنوسي، مدير معهد بحوث صحة الحيوان بالوداي الجديد، تقول إن أبو قردان يترك فضلاته التي تحتوى على نسبة عالية من الحمضيات والأمونيا على أوراق الأشجار، فيؤدى إلى جفاف وحرق الورق، كما يسبب رائحة كريهة تؤدي إلى أمراض تنفسية للسكان.
تضيف، أن طيور أبو قردان حاوطت المنطقة بالكامل، واستعمرت كل الأشجار المتواجدة داخل المنطقة، مُسببة إزعاجا للسكان بالمناطق القريبة من الأشجار التي استوطنتها، تجمعات الطيور، مشيرة إلى أنه يصدر أصوات صاخبة طوال الفترة المسائية مزعجة.
سنوسي تؤكد أن الوحدة المحلية بذلت جهود مضنية؛ من أجل تهجير أبو قردان من المنطقة السكنية، إذ قاموا بتجريد الأشجار، واقتلاعها كاملة ولكن تلك الطيور لم تهاجر من المنطقة.
كمال إبراهيم، رئيس مركز ومدينة الداخلة التابعة لمحافظة الوادي الجديد، سبق وصرح بأن الجهات المعنية تبذل جهودا ضخمة لحل المشكلة، وتم اقتراح عدة حلول غير تقليدية لتهجيرها، أفضل من قص الأشجار وتقليمها.
يضيف: "من بين الحلول تركيب كشاف إنارة مقابل لكل شجرة، حيث أن أبو قردان يغادر الأماكن التي بها أشعة وهاجة، وبالتالي يتم القضاء عليه دون المساس بالأشجار".
وتابع: "يمكن كذلك رش تلك الأشجار التي يقطن بها أبو قردان بالمياه بعد غروب الشمس، كل ثلاثة أيام وبصفة مستمرة، حيث يهرب ويترك المكان خوفًا على صغاره من المياه".