بقلم ميلاد منير
مع نهاية كل عام نصف هذا العام إما انه كابوسًا مخيفًا نشكر الله اننا استيقظنا منه، أو انه حلماً جميلاً لا نريد أن نستيقظ منه. ويرتبط وصف العام بانه حلم جميل أو كابوس مخيف بما حدث معنا او مررنا فيه من مواقف أو أحداث أو إما محزنة أو مفرحة.

وفي الواقع فإن وصفنا للعام المنتهي يؤثر علي نظرتنا وانطباعنا الذي ندخل به عالمنا الجديد.
والحقيقة المؤكدة عن الماضي انه هو ما مضي وانتهي وكتب في التاريخ ولا يمكن استرجاعه أو حتي اصلاحه. ولكن ما انتهي وكتب في التاريخ سواء كان علي المستوي الفردي او الجماعي أو الوطني لا يعني اطلاقا أنه ليس مفيد ولا نحتاج اليه بل احتياجنا اليه ضروري واساسي لان منه نستخرج العبر والدروس للمستقبل. وهذا الامر يحتاج إلي وقفة تقييم صريحة مع النفس فيها يحث مواجه متزنة عاقلة الا يكون فيها اشفاق علي الذات أو جلد الذات انه التقييم العلمي الذي يجعل الانسان يبدع في المستقبل لان تعلم من أخطاء الماضي
كما ان هذا هو الاحتياج الشديد لمجتمعنا المصري فالعام الماضي حدث فيه نجاحات مثل ثورة 25 يناير وكان فيه اخفاقات اخرها حرق المجمع العلمي الذي يحوي تراث مصر الثمين. ومع الاسف فإن البعض افرادًا وشعوبًا يمضي عام ويجيئ آخر دون الاهتمام بالتعلم من خبرات الماضي وربما يقولون ان ما مضي انتهي ولا يمكن تغيره وما سياتي لا نعرفه فلماذا نتعب انفسنا.

ومن أهم فؤائد التقييم هو تكرار نجاحات الماضي وتطويرها وتجنب أخطاء وفشل الماضي لكي لا تلاحقنا في المستقبل. ولعل ما يجب ملاحظته عندما نقوم بالتقييم هو أن نحتذر منه هو نظرتنا لنجاح الماضي فمرات يجعلنا فرحين – وهذا ليس عيباً- لكن ربما يقودنا إلي التغني به مغرورين ونحكي عنه طويلاً فيضيع الوقت ويمر الحاضر ونفقد الكثير في المستقبل أو إذا كنا مررنا بخبرات اخفاق أو فشل نجلس نبكي فشلنا أو كما يقولون نبكي علي اللبن المسكوب. وبذلك ندخل عامنا الجديد ونحن متوقعين ملاحقة ومرافقة الفشل لنا وهذا يؤثر علي مستقبلنا.

لكن الانسان والمجتمع الواعي والناضج هو من ينظر للماضي ويتعلم منه فيطور نجاح الماضي ويتجنب فشله – مهما كان نوع النجاح أو الفشل علمي او عاطفي أو عملي وبذلك ينطلق للمستقبل بخبرات تعلمها من هذا الماضي سواء كانت خبرات فشل أو نجاح.
ولكن التعلم من الماضي والحلم للمستقبل ليس أمراً سهلاً فهو يحتاج الي مجهود كبير لكي لا نصاب بالاحباط من فشلنا ولا بالغرور من نجاحنا ولنتذكر القول "أن من لا يعرف إلي يذهب سيذهب إلي المجهول" فالحلم والتطلع للمستقبل يتطلب الاستمرار في التخطيط والتفكير والعمل الجاد وبذل اقصي الجهد وإغتنام الفرص. والعمل ما دام الوقت يدعي نهاراً
وعليه فإن الشخصية الطموحة هي التي لا تفشل بسرعة بل تكرر المحاولة والامر المساعد للتطلع للمستقبل دون خوف سواء علي المستوي الفردي أو الجماعي هو الرؤيا الواضحة المحددة الاهداف لان هذا هو مايضع فينا التحدي ومواجهة الصعاب والمشكلات الداخلية والخارجية وبذل أقصي الجهد لتحقيق هذه الرؤيا.
والسؤال الآن هو ما هي نظرتنا كافراد وكبلد للماضي والمستقبل وبآي صورة نراهما.
هل صورة المغرور بنجاحه أم المحبط بفشله
لاننا نلقي اللوم علي الايام وازمن وينطبق علينا قول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزمننا عيب سوانا
لذلك يا بلدي الغالية مصر ويا أخي المصري لنتعلم من الماضي بخبرته ولنتطلع للمستقبل الجميل المشرق بقلوب واثقة في الله الذي في يده الأمس واليوم وإلي الأبد وقمنا بدورنا دون تكاسل. فعام يمضي وعام يجيئ وأنت بخير وسلام وبلدنا في طريق التقدم والاستقرار.
القس/ ميلاد أنور مرقس
راعي الكنيسة الانجيلية بالزقازيق