الأقباط متحدون | في ذكرى رحيل المناضل عدلي أبادير يوسف
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٠٠ | الخميس ٢٩ ديسمبر ٢٠١١ | ١٩ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

في ذكرى رحيل المناضل عدلي أبادير يوسف

الخميس ٢٩ ديسمبر ٢٠١١ - ١٥: ٠٤ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.عبد الخالق حسين
تمر في يوم 31 ديسمبر الذكرى الثانية لرحيل المناضل العنيد الصلب، الباش مهندس عدلى بك أبادير يوسف إلى عالم الخلود. وكما كان دقيقاً في حساباته كمهندس في أعماله الهندسية، كذلك كان دقيقاً في حساب موعده مع الموت، إذ أكمل آخر يوم من آخر سنة من حياته ألا وهو يوم 31 ديسمبر 2009، ليكمل عامه 89 من عمره المديد الذي قضاه في خدمة شعبه المصري، وأبناء طائفته من الشعب القبطي المظلوم، وناضل نضالاً مستميتاً في سبيل الحق والمساواة بين أبناء طائفته وبقية الشعب المصري. وبقي وفياً لرسالته الإنسانية النبيلة من أجل رفع الظلم والتمييز ضد الأقباط، وقد سخر جل جهده، ووقته وماله في سبيل تحقيق أهدافه الإنسانية النبيلة.
 
 
كان لي شرف التعرف على الأخ الكبير والمناضل الصلب المهندس عدلي أبادير يوسف، في مؤتمر (الأقباط متحدون)، الذي عقد كغيره من مؤتمرات الدفاع عن حقوق الأقباط والأقليات الأخرى، بجهوده وأمواله، في نوفمبر 2005 في واشنطن دي سي. لم أحظ بلقائه عن قرب في ذلك المؤتمر، بل كان يشاركنا من على الشاشة الكبيرة في مقدمة القاعة، وعبر الأقمار الصناعية من مكان إقامته في زيوريخ/سويسرا. ومما أثار إعجابي هو غزارة معلوماته، وقدرته العجيبة في التعبير ارتجالاً عن أفكاره دون تحضير مسبق، والرد على خطابات المشاركين في المؤتمر بسرعة البديهة، وبكل شجاعة وسلاسة وسهولة وانسيابية وتدفق، في دفاعه المستميت عن حقوق أبناء قومه من الشعب القبطي خاصة، والشعب المصري عامة، وكل الأقليات المضطهدة في الأرض، وتواصله في التعليق على مداخلات المشاركين وبمنتهى الدقة والإيجابية، متمتعاً بحيوية ذهنية فائقة، وحماسة الشباب وبهذه الطاقة الغزيرة المتدفقة، رغم تقدمه في العمر، لم يكن ذلك ممكناً لولا إيمانه المطلق بعدالة قضيته ورسالته الإنسانية وإخلاصه وتفانيه في سبيلها.
 
ثم أسعفني الحظ ثانية بلقاء الصديق الكبير شخصياً هذه المرة في 23 – 26 آذار/مارس 2007، حيث كان لي شرف المشاركة وبدعوة منه شخصياً، لحضور مؤتمر الأقليات في الشرق الأوسط، والذي نظمته منظمة (الأقباط متحدون) برئاسة الفقيد في زيورخ وبجهوده وماله أيضاً، حيث ألقيت مداخلة بعنوان (محنة الأقليات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، وتوصل المؤتمر بجهوده وجهود المشاركين الآخرين، إلى تأسيس منظمة (الدفاع عن حقوق الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، وصدر عنه بيان مهم بهذا الخصوص. 

 
كان الفقيد عبارة الداينمو المحرك لكل المؤتمرات الخمس التي كان ينظمها ومدها بالطاقة، إذ كان حاضراً في كل لحظة من وقت المؤتمر، وشعلة وهاجة، مليئاً بالحركة والحيوية وبشكل عجيب رغم معاناته من أمراض عديدة. 
كان فقيدنا الغالي يتمتع بذاكرة حادة وقوية حطمت تأثير سنواته التي قاربت التسعين. ورغم مشاغله الكثيرة، كان رحمه الله لم يتوان بين حين وآخر عن الاتصال بأصدقائه ومريده هاتفياً يتفقدهم واحداً بعد الآخر، رغم كثرتهم وانتشارهم في مختلف أنحاء المعمورة، والتحدث معهم، والتأكد من سلامتهم وملاطفتهم رغم همومه الكثيرة. 
والمتابع لقضية الشعب القبطي المناضل، ويقرأ على موقع (الأقباط متحدون) والمواقع الإلكترونية الأخرى، وصحيفة (وطني) المصرية، يعرف مدى النشاط الواسع لفقيدنا الغالي، دون كلل أو ملل، ومعين من عطاء فكري لا ينضب، وإصراره العنيد على مواصلة كتابة ونشر المقالات القيمة، وتسجيل الأحاديث التلفزيونية والإذاعية في فضح الطغاة الظلمة الذين ظلموا أبناء قومه، يفضحهم بكل جرأة وشجاعة، دون أن يخاف في الحق لومة لائم لشرح قضيته العادلة التي كرس لها حياته وأمواله ووقته وجهده إلى آخر لحظة من حياته المديدة العامرة بأعمال الخير والبر والنضال المتواصل.

 
حقاً كانت وفاته صدمة مؤلمة لي ولغيري من أصدقاء الفقيد وجميع أنصار الشعب القبطي المناضل، أن أستلم النبأ الجلل برحيل الصديق الكبير "المهندس عدلي أبادير يوسف عن دنيانا مساء الخميس (31/12/2009) بعد رحلة طويلة من الكفاح والنضال والتضحية، بعد رحلة من العطاء الغزير، أثرت في كل من عرفوه. 

 
أجل، لقد أثر فقيدنا الغالي إيجابياً في كل من عرفه والتقى به وناضل معه من أجل قضيته الإنسانية العادلة، ولمس فيه تلك الروح الوثابة المناضلة في سبيل الحق. لذا كان رحيله صدمة لنا جميعاً، ولكن لا راد لمشيئة الرب. لم يمت أستاذنا وأخونا الكبير عدلي أبادير يوسف، بل انتقل من عالم الفناء إلى عالم الخلود، فهو حي في السماء، وحي في وجداننا وضمائرنا جميعاً، وبالأخص في وجدان وضمائر أبناء وبنات شعبه القبطي المناضل الصابر، وأصدقائه من القوميات الأخرى الذين ناضل من أجلهم وشاركوه في الفكر والدفاع عن قضاياهم العادلة.

 
لقد أثمرت جهوده، فرسالته الإنسانية المجيدة استمرت من بعده بفضل البذرة الخيرة التي زرعها في نفوس مريده وأنصاره ومحبيه، فهناك من حمل الراية من بعده لمواصلة الدفاع عن الحق الذي كرس عدلي أبادير له حياتك. نم أيها الصديق الكبير قرير العين، فعدوك الأول، والذي هو عدو الشعب المصري، حسني مبارك قد انتهى نهاية يستحقها، حيث ثار الشعب المصري البطل بجميع مكوناته ضد الطاغية، وانتصر في الإطاحة به، وبأبنائه، وقد تمت محاكمته وهو ذليلاً مسجى على سرير المرض أمام كاميرات التلفزة العالمية. كنا نتمنى أن يمتد بك العمر لتكتحل عيناك برؤية عدوك وعدو شعبك مهزوماً وساقطاً من عرشه، ولكن شاءت الأقدار أن ترحل قبل سقوطه، فالمهم، أن رسالتك الإنسانية قد تحققت. 
نعم أيها الصديق الغالي: "باق وأعمار الطغاة قصار".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :