الأقباط متحدون | التَّسْبِحَةُ الكِيَهْكِيّة أيْقُونَةٌ صَوْتِيَّةٌ (١)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٤٣ | الجمعة ٣٠ ديسمبر ٢٠١١ | ٢٠كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٤ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

التَّسْبِحَةُ الكِيَهْكِيّة أيْقُونَةٌ صَوْتِيَّةٌ (١)

الجمعة ٣٠ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 

بقلم: القمص أثناسيوس چورچ.
التسبحة القبطية هي مستودع خبرات الكنيسة، وهي ليست بهيِّنة، وكل من اختبرها وذاقها وفهم معانيها تأخذه، بحيث لا يجد ما يماثلها في الشمولية والدسم والعمق المستيكي الروحاني... ولغة التسبحة فن فنون بمعنى الكلمة. فن الآباء العظام وتقواهم وخبرتهم... لهذا أُلقي علينا نِير الفهم (تعالَ وانظر!!!) كلمة ولحنًا وعمقًا وسجودًا وتضرعًا وانسكابًا، في حضرة الله وسط شعبه وفي مسكنه ومحل موضعه المستعد.

 

ويكشف قالب التسبحة الأبعاد الكتابية واللاهوتية والعقيدية والروحية، كسيمفونية إيمان الكنيسة وتراثها الحي المُعاش عبر الأجيال، الذي ينقلنا بالفهم الروحي لمعرفة الحق متجاوزين الحرف إلى الروح المحيي، وإدراك الحكمة عند شركة الطغمات السماوية وجماعة المؤمنين وملامسة حضور العريس السماوي، بعين الإيمان حسب وعده الصادق. وبهذا الإيمان عينه نسبِّحه ونمجِّده ونسجد له ونباركه ونتضرع إليه بيقين؛ لأنه معنا وفيما بيننا كائن ويكون، حيث يجتمعا الماضي والمستقبل ليلتقيا في الحاضر المكرَّس.

يأتي الشكل الليتورچي للتسبحة الكيهكية دليل تثبيت لمعاينة سر التجسد الإلهي، عبر التعبير النطقي ونصوص الإبصلمودية التي تنطق بالحكمة والمعرفة الإلهية المقترنة باتفاق نغمات الخلاص في لغة صياغات مَحكية معبِّرة عن الحدث الخلاصي، وفي لغة مرنَمة موزونة ومفعمة بروح التعزية على قيثارات النفوس، داخلة إلى العمق في حضرة مجد الله... وفي نُسك فكري لتقديم الفكر وبقية العقل كذبائح معقولة لله، عبر تصوير نغمي مختبئ بين النغمات والخلايا الصوتية الموسيقية.

ويتضمن الإطار الليتورچي للتسبحة كل أنواع الصلوات: التوسلات (Intercessions)، الصلوات (Prayers)، التشفعات (Supplications)، التشكرات(Thanksgivings) ؛ فهي مشحونة بالتضرعات والالتماسات والتوسلات والتعهدات والنذورات والتشفعات لأجل الكائنات وجميع الناس (١ تي ١:٢). لهذا تنسكب التسبحة كذبيحة عقلية غنية بالاصطلاحات والمعاني المليئة بالسمو، مثل لهيب لا يمكن إدراكه، ملتهم كل شيء حتى يصل ويُعلَم لدَى الله.

في التسبحة الكيهكية نتجه إلى الله إله الكنيسة، نتضرع إليه ونناجيه بالإلهامات والإبداع في التعابير الليتورچية والمديح العبقري، عندما نخاطبه قائلين: يا الله مخلصنا، الأزلي قبل الأدهار، الكائن في مجد أبيه، المهتم بنا والمدبر كل الأمور، حامل خطية العالم، الرب المرهوب، الضابط الكل محيي الأرواح والنفوس، إله خلاصنا، الملك الديان، الرب المعبود، رب القوات، الستار وحيد الآب مسياس، النور الحقاني، معدن الغفران، رب الأرباب الفادي الكريم، مدبر مختاريه، الكائن في حضن أبيه، ابن الله الكلمة، المشتاق لخلاص خليقته، رب جميع البشرية، ملك المجد الواحد من الثالوث، الله القدير، رب وإله آبائنا مخلص كل أحد، إله الرحمة وحياة كل إنسان محب البشر الصالح، رب الدهور الحي بغير زوال، الله الآب والابن والروح القدس ثالوث إله واحد رب جميع الآلهة، الله المتعالي سيدنا القوي الكثير الرحمة، ابن الله المُنزَّه، مخلصنا الوسيط يسوع المسيح، مسيا الرؤوف، إله الآلهة عمانوئيل إلهنا، ملك الملكوت الواحد من الثالوث، المتكئ في حضن أبيه الذي هو فوق كل رئاسة، صانع الخيرات الأزلي ذو الجلال الدائم إلى الأبد، إله جميع الأحقاب ذو الاسم المرتفع، إله إبراهيم الذي بسط يمينه، والجمع الممسوك مع آدم رفعه إليه، الله المستريح في قديسيه، الراعي العظيم الذي جمع المؤمنين وألَّفهم مع الملائكة وصيَّرهم وارثين لملكوته الأبدية، الذاتي مع أبيه من جوهر الإله، غير المنظور والغير المدنو منه، المتسربل بالنور والساكن في النور الذي لا يُدنى منه، ملاك المشورة العظمى، الكائن والذي كان والذي أتى وسيأتي، آدم الثاني المسيح الملك، عمانوئيل مخلص العالم.

وبمناداتنا بلجاجة على الله نلتحف بالفرح من أجل حضرته بالسلام والنصرة والحلاوة والبشرَى والكرامة، ومن أجل نوالنا رتبة الفرح والسرور بسرّ التجسد الإلهي الذي حوّل لنا العقوبة خلاصًا... من الحسرة والحيرة وحزن آدم النادم واكتئاب الأرض المقفرة الذي صار لنا بالتدبير حُرية وبنوية ومجدًا وخلاصًا ونجاة من ضيق الجنوس ورِقّ الشيطان، والذي به بلغنا أرض الميعاد، وانمحَى الرِقّ وتمزق الصك ونلنا المراد.

من أجل هذا نتهلل بالتسبيح والمديح اليسير، وتفرح نفوسنا التي كانت بهيمية (حيوانية)، وقد صارت الآن روحانية، واستمدّت قوام حياتها من قوة الحياة الإلهية، وتتزود زادًا روحانيًا يدسم روحها بدسم سماوي يملأها فرحًا ولسانًا ونعيمًا، فنتقوَى على من بنا يمكرون... وتتقوى شجرة الكنيسة بالتسبيح في السر والإجهار، حاملين هدايا مُرّ البخور والرضا، ولبان التسبيح، وذهب توبة النفوس لنبلغ مذود الملك المولود الآتي... غير المتجسد الذي تجسّد، وغير الزمني الذي صار تحت الزمن... الحاضر معنا، وفيه قد خلصنا من الفساد، وتربّينا على معرفة إرادة الله. الكائن بذاته الذي أتى إلى الوجود في ملء الزمان ونلنا به التبني... وهو الملء الذي أخلى نفسه ليكون لنا نصيب في ملئه.
الرب معكم.

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :