الأقباط متحدون | هـَديَّة رأس السنة.. لا تقبلوها
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:١٥ | الأحد ١ يناير ٢٠١٢ | ٢٢كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

هـَديَّة رأس السنة.. لا تقبلوها

الأحد ١ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم : مهندس عزمي إبراهيم

طلعت علينا الأنباء بهدية رأس السنة لمصر والمصريين مهداة من دول النفط والوهابية السعودية ودوَل الخليج. والهدية الغير مقبولة بدعة جديدة (حيث صارت مصر مرتعاً للبـِدَع) بأن "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمصر" أصدرت بياناً معلنة فيه أنها قد عقدت اجتماعها الأول وتباحث أعضاء الهيئة عن الشكل المقترح للأعضاء المنفذين ومهامهم الوظيفية . وأكدوا خلال بيانهم أن الهيئة ستبدأ مهامهم الوظيفية إبتداءً من أول يناير على أن تبدأ أعمالها التنفيذية بعد شهر من ذلك التاريخ. وحددوا مهامهم الوظيفية كالآتي:

1- تختص الهيئة بمراقبة سلوك المواطنين وتقويم كل ما يتعارض مع شرع الله من مظاهر وأفعال وسيكون التقويم بالدعوة والنصيحة كمرحلة أولى.
2- تختص الهيئة بدعوة المواطنين للصلاة عندما يحين أوانها وحث المواطنين والتجار بغلق محالهم التجارية وتلبية نداء الله.

3- تختص الهيئة بإنشاء فروع خاصة لها بالأماكن السياحية تلزم معيارًا تراعي طبيعة تلك الأماكن كما تحث مرتاديها من السياح مراعاة طبيعة مجتمعنا والأمتثال إلى ما يجيزه الأحكام الشرعية من مظاهر وأفعال.

4-تختص الهيئة بمراقبة الأماكن والحدائق العامة وملاحظة كل ما يتعارض مع الأحكام والمظاهر الشرعية وإبلاغ السلطات المختصة عن تلك التجاوزات أو إتخاذ اللازم إذا أستوجب الأمر.

5- تختص الهيئة بتشكيل لجان شعبية مهمتها حفظ الوطن وحراسة المنازل من السرقات ومراقبة الشوارع ومتابعة العناصر الخارجة وضبطها والقبض عليها وتسليمها إلى السلطات المختصة، وتنظيم المرور والتأكد من انتظام المواصلات.
***

حتى تكتمل صورة الساحة المصرية أو السوق المصري لا بد أن أبدأ من الآخر باختصار إلى حد ما. لقد قام شباب مصر بثورة "ربيعيـــة" شهد العالم بها، ضد الطاغوت والفساد والكبت والقمع والخداع والاستبزاز والتلاعب السياسي بطوائف الشعب، بل بأرواح الشعب، آملين تحقيق المساواة والعدالة والكرامة والإنعاش الاقتصادي والأمن والحرية بمصر. وما مرت أيام معدودة على ذاك "الربيــــع" حتى حَلَّ علينا "الخريـــف"، حيث سُرِقـَت الثورة ومعها الدستور والانتخابات والأمن والاستقرار. سرقت الأماني من بين أيدينا في أيـام من حيث لا ندري. سُرِقـَت أو بيعت على يد مجلس عسكري وثقنا به وتخلى عن توفير القانون والعدالة والأمن بين مواطني وطنه (ضمن ما تخلى عنه).

وصارت مصر ورقة تلعب بها رياح وعواصف صحراوية صفراء لا هوادة بها. ووجدنا أنفسنا مقتنصين كالطير السجين في قفص غير مأمون، بل في خطر في كل ساعة من ساعات نهارنا وليـلنا. لقد اقتنصت الثورة أيادٍ شريرة مُغرضة، هدفها التسيـّد على حكم مصر واغتصاب الكراسي والمناصب والبرلمان والحكومة، ولا يهمها صالح مصر والمصريين من بعيد أو قريب. أيادٍ بل سواعدٌ شريرة مدسوسة ومدفوعة من دول أجنبية لها أهداف في المنطقة، ودول أجنبية عربية كانت تحنو عليها مصر في كل مجال ثقافي ومهني وحضري واقتصادي وسياسي إلى زمن قريب. دول وملوك لا يهمهم الآن إلا أن تكون مصر حطام وطن وبقايا أمة.. بل ولايـة تابعـة لهم.

فاضت على مصر بعد الثورة وطفت على السطح السياسي والاجتماعي بها تيارات الإسلام السياسي وعصابات المتأسلمين ومدعي التدين السطحي الزائف المغرض والمأجور بأموال البترول كلنا نعرفهم وحصرناهم بالإسماء مراراً، ونراقب أعمالهم واتفاقياتهم المشوبة والمشينة مع جهات مشبوهة وبطرق مشبوهة بداخل مصر وخارجها، مع السعودية ودول الخليج وأمريكا.. بل ومع العدو التاريخي اللدود للعرب.. إسرائيل نفسها!!

وأحدث ما استورد لمصر من تلك التيارات هو هذه العصبة أو العصابة المكونة من شرذمة من المتطوعين العاطلين الفوضويين الفارضين أنفسهم، مسماة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". عصابة تجسُّـسِـية مستوردة من دول ملكية دكتاتورية سمحوا لها ملوكها بالتكوين والنمو والسلطة لتشغل مواطنيهم عن مشاكلهم الخاصة والعامة وعن أوضاع حُكمِها وحكـَّامِها فأعطوها سلطات فوق القانون كـ (الجستابو) الألماني والـ (كي جي بي) الشيوعي لتعيث في المواطنين فساداً: تراقب وتتابع وتتجسس وتلفق وتشهد زوراً وتحاكم وتعاقب، لا ترعى عُـرفاً ولا تحترم قانوناً.

هذه الشرذمة  بافتتاح فرع لها بالمحروسة  تريد أن تتحكم في الشارع المصري وتراقب وتحاكم وتعاقب المصريين، مسلمين ومسيحيين مواطنين رجال ونساء وشباب وضيوف زائرين وسياح أجانب.. وكأن مصر كانت كافرة وفاسقة وفاسدة وداعرة وعاهرة وخائنة وسائبة قبل نزوح تفاهاتهم وسفاهاتهم ونزواتهم عليها. ناسين أن مصر كانت وما زالت وستظل قائدة الشرق حضارة وديناً وقوانيناً ونقـاءً وشرفاً. وأن فضل مصر بإسلامها ومبادئها وأخلاقها على الدول التي دفعتهم علينا وملأت جيوبهم بديناراتها لا يُنكـَر. والحقيقة أن مصر بخير بدون هؤلاء، ولو يعدلوا وينصفوا.. يرحلوا عنها إلى حيث يحتضنهم أسيادُهم ومُمَولوهم.

يا أهل مصر، نحن ننشد الحرية الواعية الإيجابية الحكيمة، وليست الحرية المطلقة لكل من هَبَّ ودَبَّ أو لكل مغرض وعاطل وفوضوي لديه عقدة التسيّد والتسلط فتصبح مصر غابة أو خرابة ومرتع للحشرات والوحوش. إن الفوضى عَدوَى. وكل بصيص فوضى شرارة نـار، فادركوها واحصروها قبل أن تندلع وتنطلق وتحرق مصر الكنانة الجميلة بحضاراتها. ارشدوا وفنـّدوا وقوّموا وعاقبوا بحزم من يقوم بها، قبل أن تتفشى في نخاشيش مصر وشعبها الطيب البسيط في مدنها وقراها وفي ميادينها وحواريها وتتحول الي صومال وافغانستان ونيجيريا ويمن وسودان وما شابههم. إننا في عصر النوافذ التكنولوجية المفتوحة حيث لم يعد ما يحدث في داخل أمـَّة سـِراً محصوراً بداخلها. حتى الأسرار الحربية لم تعد أسراراً محصنة كما كانت قبلا. وعلى مستوى العالم أجمع.. كلٌ يطل على الآخر.

إن ما يجري بمصر الآن عار ما بعده عار، ووصمة في جبين مصر وأبناء مصر جميعاَ. فلا نظام ولا قانون، بل ولا عدالة حتى من القضاء والقضاة. ولا نظام من رجال الأمن، ولا تأمين من المجلس العسكري الحاكم وحكومته، ولا نزاهة في المحيط الاعلامي إلا في قلة، ولا رقابة إعلامية متزنة غير متحيزة، ولا حتى إلتفات جاد من حراس الدين بالأزهر الشريف للتصدي لمثل هذه الخزعبلات. فليس سراً ما يعانيه أقباط مصر، أبناؤها المصريين!! وليس سرأ ما تعانيه المرأة المصرية من إرغام وإجبار بل ارهاب بحبسها عن المجتمع الشريف العامل المنتج، وبفرض عادات الصحارى الجرداء عليها.. ليس سراً ما يرغبونه من تحجيب مصر، من نسائها لعقولها وتفكيرها وأعلامها، بل وآثارها وكل ما هو حضري بها. العالم يسير للأمام وهم يدفعوننا بشدة إلى الخلف.. إلى منحدر عميق ومنزلق خطير.

وإلى "هيئة ... المُنكـَر" المستوردة والممولة من السعودية الوهابية النفطية الصفراء: حيث أنكم لا تعرفوا المعروف ولا تتعاملوا معه.. ولكنـَّكم تخصصتم في المُنكـَر فقط: تراقبوه وتمنعوه وتقترفوه. أسألكم هل مصر والشرق الإسلامي كله ومنهم السعودية ودول الخليج في الــ 14 قرن الماضية كانوا يعيشون في الضلال والمنكر والفجر والفسق والفساد، فأتيتم اليوم لتصلحوننا بالتعليمات الوهابية والدينارات السعودية والخليجية الملوثة بشوائب النفط الأسود وبتوجيهات أمريكا وإسرائيل المغرضة والمحركة لهم ولكم؟؟ وهل كان الإسلام في الــ 14 قرن الماضية إسلاماً خاطئاً معوجاً فأتيتم اليوم لتصححوه وتقوموه؟؟ وهل كان خلفاء وأئمة وشيوخ وقادة الإسلام في الــ 14 قرناً الماضية كفاراً وزنادقة، فأتيتم اليوم لترونا حسن القيادة وشرفها؟؟
أيها العصبة أو العصابة أو الشرزمة المأجورة عملاء وجواسيس السعودية والخليج، ما هي مؤهلاتكم وكفاءاتكم وتخصصاتكم؟؟ ومن أي مصدر يأتي دخلكم الذي تعولون به أمهاتكم واخواتكم وزوجاتكم وأولادكم؟؟ ومن أعطاكم السلطة وكلفكم بالوكالة والوصاية على شعب مصر؟؟. هديتكم غير مقبولة، بل ووجودكم غير مرغوب فيه.. فلديكم ثلاثة اختيارات:

1- إما أن ترحلوا وتغوروا من وجهنا إلى الصحراء الجرداء بخيامكم ومعيزكم وبعيركم وقمصانكم وسراويلكم ولحاكم وطبعأ كرابيجكم وعُصيكم.. وتتركوا لمصر والمصريين كل شيء عظيم صنعه واخترعه البشر العاملون المصنعون المنتجون المبدعون الجادين لخدمة البشرية.
2- أو بدلا من تعسفكم وإرهابكم للعاملين الكادحين بمصر، وبدلا من مراقبة ومضايقة السياح الذين يُنعِمون على بلادنا بأرزاق الناس الشريفة العاملة المجتهدة (بعكس العاطلين المأجورين بالدولارات والدينارات الملوثة)، ترحلوا وتغوروا من وجهنا وتعيشوا بأوروبا وأمريكا وتراقبوا العرب هناك، رجال ونساء، خاصة هؤلاء الحكام وأفراد أسَرَهم، الذين يمولونكم ويسلطونكم على الناس البسطاء، لتروا كيف يعيشون ويسرفون ويتصرفون في حياتهم، فتروا ما يدهشكم!!

3- أو تجدوا لأنفسكم أعمالاً شريفة ببلدنا الكادحة المؤمنة فتشعروا بما يشعر به المواطنون العاملين المنتجون الشرفاء.. فتنشغلوا بما يخدمكم ويخدم الآخرين بشرف وترحمونا من تفاهاتكم وشـَرّكم وصَلـَفكم وتسـَيّدكم على أبناء الوطن الشرفاء. نحن شرفاء وأمناء وكرام، وعلى خلق قويم، وأوفياء لمصر. ونحن بخير بدونكم... فتواروا.
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :