بقلم : ممدوح عزمي – المحامى
تردد هذا السؤال المحير بمخيلتي مراراً وتكراراً ، حاولت إيجاد إجابة شافية له لكنني عجزت. خطت أولى حروف هذا المقال في الثانية عشر و خمس وعشرون دقيقة من صباح الأول من يناير عام 2012 و تذكرت وأنا اكتب ينبوع الدماء الذي تفجر أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية. و سرعان ما تذكرت المنظر الذي رايته وكم الشهداء الذي راح ضحية هذا الفعل الخسيس. وسرعان ما اقشعر بدني وأنا أتذكر منظر قطع الأجساد المتناثرة هنا وهناك.ورن في اذنى أصوات المصابين وآلامهم و صراخهم المدوى الذي لا يحتمل.
فسرعان ما سئلت نفسي ...هل لهذا الدم قيمة؟
إن قيمته تتحدد بإيمان الكافة بحق هذا الدم و اشتراكهم في المطالبة بحق هذا الدم وعدم غل الأيادي راغبة الاشتراك مع العلم بان هذا الدم ليس حكرا على احد فالجميع مدعوا لنوال شرف الجهاد في المطالبة بحق هذا الدم.
إن قيمته تتحدد بأثر هذا الدم في نفوس الكافة وإذ تحدثنا عن اثر الدم القبطي في النفوس المكلومة لنجده أثراً بالغاً و بليغاً في نفس الوقت،بالغاً لما تركه من آلام وحسرة على من فقدناهم منذ حادث الخانكة ومن قبلها السويس مرورا بأحداث الزاوية الحمراء والنوبارية والكشح وأبو فرقاص و انتهاء بالقديسين و انبابه و ماسبيرو إلى غير ذلك من أحداث فردية سالت فيها دماء الاقباط ، أما إثره البليغ فيتضح بالطبع في سلبية التعامل مع هذه الأحداث بحزم وشدة أعنى بذلك تطبيق القانون الوضعي وليس قانون المساطب كما اعتادنا مؤخرا قبل أن تدهس المدرعات أبنائنا وأخواتنا ويمر كل ذلك بدون عقاب لمرتكبي هذه الأحداث الخسيسة.
إن قيمته تتحدد بعمق وقدر المطالبة بحق هذا الدم لا بالاكتفاء بالتنديد والاشمئزاز ومحاولات الاستجداء والاستعطاف بل والتربح من وراء هذه الدماء . إن المطالبة بالحقوق لهو فن من الدرجة الأولى له أسلوب وقنواته المتعددة ولا يعرفها الكافة
أخيرا:-
استعيد في ذاكرتي قولا مأثورا ورد في فيلم العمر لحظة للرائعة ماجدة فقد قيل الدم غالى والتراب أغلى نعم الدم غالى ولا يقدر بثمن ولكن تراب هذه البلد أغلى من الدماء لذا فانى ابتهل إلى الله أن يحرر تراب هذه البلد من مغتصبيها ومن يحاولوا اغتصابها أيضا وأقول أن دمائنا وان كانت غالية إلا أنها أمام هذا التراب فهي ثمن رخيص لاستعادة أمجاد هذا التراب أتذكر الآن مينا دانيال - جيفارا الثورة المصرية - هذا الشاب الذي لم يكتمل عمره الخامس والعشرين ولكنه عاش بطلا ومات بطلا عاش مدافعاً عن مبادئه ومات أيضاً مدافعا عن مبادئه دون خوف أو جزع قلب بل واجه قاتله وجهاً لوجه ولقد علمته مسيحيته ألا يعتدي بل يحب أعدائه يبارك لاعنيه يحسن إلى من يبغضه يصلى من اجل من يسيئون إليه ويطردونه أن ما نفذه مينا دانيال وغيره من الشهداء لهو ما يعطينا الدلالة على أن دماء الاقباط ليست رخيصة بل غالية نعم دماء الاقباط غالية فقد كانت الشرار الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير قد انطلقت بعد حادث كنيسة القديسين وقد انطلقت من فم الشاب الشهيد مينا دانيال الذي آبا أن يشترك في شكر من قاموا بذبح أحبائه في كنيسة القديسين .نعم لقد كانت دماء شهداء كنيسة القديسين هي عربون ثورة التحرير و هنا تكمن قيمة الدم القبطي.
وللحديث بقية