الأقباط متحدون | أول القصيدة كفر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٣:٤٣ | الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢ | ٢٤كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

أول القصيدة كفر

الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: أنطوني ولسن
العالم يتطوَّر ونحن في "مصر" خاصة والعالم العربي عامة نتكوَّر، ونصير كُورة سهل اللعب بها بأرجل أناس يتحكمون فيها بأقدامهم، يقذفون بها إلى أي إتجاه يريدون، محددين هدفًا واحدًا يريدون تحقيقه وهو السيطرة والتحكم في خلق الله باسم الدين.

في "مصر" الدولة الدينية لم تكن موجودة على الرغم من أن الشعب المصري أكثر شعوب العالم تدينًا، وتاريخه الضارب في القدم يشهد له بذلك، مستمرًا بتمسكه بالدين مهما تعدَّد. لذا تجده يدافع عن دينه ومعتقده الديني ويبذل في سبيل ذلك كل غالٍ ونفيس.

"مصر" تتميَّز أيضًا بالتسامح وقبول الآخر، وفتحت أبوابها واحتضنت كل جائع فأطعمته، وكل لاجيء فآوته، وكل راغب في قبولها وطنًا له فرحَّبت به ابنًا لها. وكانت "مصر" الكيان الدولي الوحيد على وجه الأرض الذي أوجد ما يُسمَّى الآن بالتعددية الجنسية مع اختلاف في التطبيق العملي لتلك التعددية عن ما هو حادث هذه الأيام. التعددية الجنسية- أو كما يحلو للبعض تسميتها التعددية الحضارية أو الثقافية- في "مصر"، انبنت على الإنصهار في البوتقة المصرية، كل إنسان وجنسه وثقافته وحضارته، فيمتزج كل مع الآخر ويشكِّل شعبًا واحدًا وجنسًا واحدًا وحضارة وثقافة واحدة تحت اسم واحد اسمه "مصر". هذا كان ومايزال كائنًا مهما حاول البعض أن يفرّق بين أبناء "مصر" بسبب لونهم أو دينهم أو معتقدهم. وهذا شيء نفتخر به نحن المصريين أينما كنا، سواء على أرض "مصر" أو أرض أخرى نعيش فوقها.

أعود إلى الدولة الدينية، أو ما يحلو للبعض تسميتها بالدولة المدنية ذات مرجعية دينية، مما يجعل الإنسان في حيرة من أمره. الدولة الدينية واضحة معالمها، حكمها حكم ديكتاتوري مهما حاول حكامها وضع مسوح الديمقراطية والتسامح وقبول الآخر سواء كان هذا الآخر مختلفًا معهم في العقيدة أو الدين، ويظهر ذلك واضحًا وجليًا في فرض عقائدهم ومعتقداتهم فرضًا على الناس. هذا حدث في الدولة اليهودية والدولة المسيحية وفشل حكمهما لتسلط وديكتاتورية رجل الدين. كذلك حدث في الدولة الإسلامية منذ نشأتها إلى يومنا هذا، على الرغم من استخدام الكثير من الدول الإسلامية للدساتير المدنية التي تحد من سلطة رجل الدين، مثل "ماليزيا"، و"أندونيسيا"، و"سنغافورة" التي بها التعددية الدينية والجنسية يُضرب بها المثل لحكم القانون المدني وتطبيقه. ولا أكون مغاليًا لو قلت أفضل من الكثير من الدول الغربية التي تتشدق بالديمقراطية والحريات غير المقننة، مما أخذ تلك الدول إلى الفوضى الاجتماعية وعدم التماسك الأسري، وتكاد الأخلاق المتعارف عليها والقيم أن تندثر ويحل محلها ما قد يكون سببًا في ضياعها.

إذن، الدولة الدينية أو كما يقولون الدولة المدنية ذات مرجعية دينية لم تعد الدولة القادرة على مواكبة الزمن الحالي المتطور والمتغير بسرعة لم تكن متوقعة. سرعة أوصلت الإنسان إلى ما بعد السماء السابعة، أبعد ما سمع عنه الإنسان. والآن أصبح ليس فقط يسمع عنه، بل أن يراه خلال التلسكوبات التي غزت الفضاء.. فكيف يتماشى هذا مع جميع العقائد الدينية؟؟ وإن تماشى مع البعض فإنه سيتعارض مع البعض الآخر الذي يمسك بتلاليب الدين ويشكك في كل ما هو جديد أو حديث إن كان في العلم أو العلوم حتى لو سمحوا بتدريسها للطلبة سواء في الجامعات أو المعاهد والمدارس؛ لأنهم سيضعون مناهج دينية ويقللون من المناهج العلمية ومواكبة السباق الحضاري الذي تتنافس عليه جميع الدول المتحضرة.

الدولة الدينية في "مصر" في طريقها لتكون واقعًا ملموسًا فرض نفسه على المجتمع المصري، بعد أن واتتها الفرصة الذهبية في 25 يناير/ كانون الثاني من العام المنصرم 2011 على يد الإخوان المسلمين، ومساندة سواء في عهد المتخلي عن إدارة شئون البلاد الذي سلَّم الإدارة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ضاربًا عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدستورية التي تحدِّد منْ سيتولى إدارة البلاد بعد ترك الرئيس الإدارة تحت أي ظرف من الظروف. لكن يبدو أنه- الرئيس- كان يعرف ما يفعل لينتقم من الشباب الذي ثار وأصرَّ على إبعاده نهائيًا، فسلَّم الإدارة إلى المجلس وهو واثق تمام الثقة أن المجلس سيحتفظ بكل نظامه حتى وهو خارجه. ولابد أنه- حسب خبراته الأمنية التي كان مسئولًا عنها في عهد "السادات"- يعرف الجهة أو الجماعة التي يمكن للمجلس الأعلى أن يقف إلى جانبها لتحل محل الحزب الوطني المنحل لتسير على دربه. طبيعي نعرف من المقصود بذلك.. إنهم الإخوان المسلمون؛ فهم أكثر دراية بالشارع المصري، وهم أكثر خبرة وتنظيمًا في كيفية السيطرة على الشارع.

أدخل المجلس الأعلى إلى الحلبة جماعة أخرى إسلامية متشدّدة تُعرف باسم الجماعة السلفية. جماعة دون شك كانت موجودة في "مصر" وكان لها نشاطات محدودة. لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة فتح لها الباب على مصراعيه لتكون الجماعة المنافسة لجماعة الإخوان، وقد يكون سبب ذلك استخدامها كفزاعة؛ لما عُرف عنها من تشدد وعنف.

وما حدث بعد ذلك من أحداث لا يدع مجالًا للشك في أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان ومايزال السند القوي لجميع الجماعات الإسلامية، والعمل على تمويع دور الثورة التي أصرّت ونجحت في إبعاد الرئيس "مبارك". ويبدو أن القضاء على الثورة أصبح قاب قوسين أو أدنى بعد إتمام الانتخابات البرلمانية ووضع دستور جديد يحدِّد نصوصه الجماعات الإسلامية التي اكتسحت الانتخابات ليتلائم مع أغراضهم. الانتخابات أظهرت بالفعل قدرة الإخوان على الفوز الكاسح كما كان يحدث مع الحزب الوطني، مع اختلاف بسيط هو وجود الجماعة السلفية كثاني قوة في البرلمان، وقد تشكل المعارضة.

على الرغم من عدم الانتهاء من الانتخابات، إلا أن السلفيين بدأوا يفرضون أنفسهم على الشارع المصري، فبدأت مجموعات منهم بإعلان تكوين "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهي نفس الجماعة الوهابية في "السعودية".

هذا الإعلان أثار غضب وسخط الكثيرين من أحرار "مصر"، ولا عجب أن سمعنا عن نساء في "القليوبية" اعتدين بالضرب على مجموعة من الهيئة حاولت استخدام ما ظنوا أنه حقهم في تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما دفعهم بالاعتراف بأن الهيئة قد أعدت نفسها لمثل هذه المصادمات بتسليحهم بعصيان كهربائية لاستخدامها عند اللزوم!!.

لم تنتهه الانتخابات بعد. ومع ذلك السلفيون فاجئوا الناس بـ"أول القصيدة لحكم البلاد كفر".

كلمة "الأمر" كلمة لا يستسيغها الشعب المصري. عندما يطلب شخص ما من شخص أخر خدمة يؤديها له نجد رده "إنت تؤمر يا حاج أو يا أخ أو أي لقب يناديه به"، فيكون رده: "لا العفو. الأمر لله وحده".

وأمر الله لم يجبر لا نبي ولا رسول ولا شيخ ولا داعية بأن يستخدموا "الخرزانة ولا العصا ولا الشومة التي كان يستخدمها فتوات مصر قديمًا، وبالطبع ولا العصا الكهربائية التي ينوون استخدامها".

وبدأت ردود الفعل النافية لتكوين هذه الهيئة التي تستخدمها "السعودية" أداة تخويف وتحكم ضد فقراء الشعب ومن العاملين في البلاد من دول أخرى، بينما حكام وأمراء وأغنياء البلاد يرتعون ويعيثون في الأرض فسادًا! ومن الطبيعي لن يجرؤ أحد من هذه الهيئة أن يرفع عينه في وجه أحدهم حتى لو رآه مرأى العين وهو يرتكب الفحشاء.

إن بدأتم هكذا بأول القصيدة كفر وقبل اكتمال الحكم، فماذا ينتظر الشعب عندما تحكمون بالفعل!!. أعتقد "حاتمشوهم ع العجين ما يلخبطهوش". لأنه من المؤكد أن بقية القصيدة ستكون أكثر كفرًا من أولها.

وهذا سيُفرح قلب وفؤاد الرئيس المتخلي عن إدارة شئون البلاد، الذي حرمه شباب الثورة من تحقيق حلم زوجته بتولي الابن "جمال" حكم البلاد. ولا أظن أن العسكر سيكون لهم سلطة عليكم، فقد كشرتم عن أنيابكم لهم منذ اليوم الأول.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :