الأقباط متحدون | من أفضل ما قرأت.. ولمحة في موضوع النقاب
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٤٧ | الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢ | ٢٤كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

من أفضل ما قرأت.. ولمحة في موضوع النقاب

الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: حنا حنا المحامي
"لو أراد الله أن يخلق الإنسان ومعه الانترنت لفعل ذلك. ولكنه أراد للإنسان أن يفكّر ويحقّق تقدمًا وحضارة ورقي". انتهى الاقتباس.

مفاد ذلك أنه يتعين على الإنسان أن يسعى دائمًا إلى التقدم والحضارة والرقي. أما إذا أراد الإنسان أن يعود القهقري إلى الماضي السحيق فهو بذلك يناهض إرادة الله.

لقد خلق الله الإنسان في أحسن صورة، إذ خلقه على شبهه ومثاله. لذلك يكون التزام على المرء ألا يتوانى عن التفكير والعمل على التقدم, وذلك بالإضافة إلى عبادة الخالق. ذلك أن الله ميّز الإنسان عن باقي المخلوقات بصفات لا تملكها تلك المخلوقات. فنعمة التفكير تتلازم مع العبادة, ومقتضى العبادة أن يلتزم الإنسان بالمُثل العليا؛ من صدق في القول، وأمانة في العمل, وحب للغير، ونقاوة في القلب والفكر، وكيف يتعامل الإنسان مع أخيه الإنسان، وكيف يكون رائد ذلك التعامل هو السلام والمحبة بل والتسامح..

وإذا تطرّقنا إلى موضوع العبادة، فيتعيَّن أن تتسم بالشفافية والصدق والإخلاص للخالق جل وعلا, ذلك أن الله فاحص القلوب, وهو يعلم ما يدور في النوايا والأغراض والأفكار. وقد قيل أن العمل عبادة، ذلك أن الله الذي أراد للإنسان التقدم والرقي لا يقبل من الإنسان خمولًا أو تأخرًا أو تخلفًا أيًا كان.

على ذلك، يكون سلوك الإنسان نحو أخيه الإنسان نوعًا من العبادة، إذ أنها تحقِّق إرادة الله. وإذا كان الله قد أحب خليقته- أي الإنسان- بما ميّزه به من خصائص سامية دون باقي المخلوقات، فيتعيَّن على الإنسان أن يحافظ على العلاقة الإنسانية وينميها في سلام ووئام. والقول بغير ذلك لا يعدو أن يكون تحريفًا لإرادة الله، ذلك أن الله يحب خليقته ولا يكرهها. لذلك لا يمكن أن نتصوَّر إلا أن المحبة والسلام لا بديل لهما في العلاقات الإنسانية، وإلا نتهم الذات العلية- لا قدر الله– في أنه يناقض نفسه، وهذا غير مقبول وغير معقول.

نخلص من هذا أن الفضائل جميعًا ليست إلا تحقيقًا لإرادة الله، وأنها تنبع من داخل الإنسان وليس من مظهره. وهذا يتم بالسلوكيات وليس بالملبس أو المظهر الخارجي أيًا كان.

تقودنا هذه الحقيقة إلى التعرُّض لمسألة الغرائز، فهناك غريزة الجوع, وغريزة الخوف, وغريزة العطش, والغريزة الجنسية وهي العلاقة بين الرجل والمرأة بهدف الإنجاب وحفظ النسل. وإننا لن نتعرض تفصيلًا لهذه الغرائز جميعًا، فهذا أمر تضيق به صفحات, ولكن لكل غريزة حد لإشباعها. فغريزة الجوع مثلًا لا تعني إطلاقًا النهم في الأكل، إذ أن ذلك يشكّل ضغطًا على الجهاز الهضمي، فيسبّب أمراضًا عدة. وكذلك غريزة الخوف مثلًا، فهي إذا زادت عن الحد الذي يهدف إلى حماية الشخص من الخطر يعتبر جُبنًا... وهكذا.

أما الغرائز الجنسية، فقد أوجدها الله في الإنسان لحفظ النسل فقط. وإذا انحرفت الغريزة عن هذا المقصد اُعتبرت زنى. ولذلك نظّمت الأديان العلاقات الزوجية بين الرجل والمرأة فيما يُعرف بالزواج.

وقد تصوّر البعض أن إخفاء المرأة في نقاب تُخفي فيه صورتها وكيانها بالكامل هو أمر يبعث على الفضيلة. وهذا فهم خاطئ بالطبع, ذلك أن الفضيلة تنبع من داخل الإنسان وليس من مظهره. فإذا نظر رجل لامرأة نظرة شهوانية ارتكب خطية الزنى في قلبه. وكذلك المرأة إذا نظرت إلى رجل نظرة شهوانية ارتكبت خطيئة الزنى، ذلك أن غريزة الجنس أوجدها الله في الإنسان سواء الرجل أو المرأه لحفظ النسل فقط.

وفي الحياة البدائية، لم تكن المرأة ترتدي سوى ما يستر عورتها أي عضوها التناسلي، وكذلك الرجل. ومن المعروف أن كليهما خُلقا عريانين. وحين دخلت فيهما الخطية شعرا بهذا العري وسترا عورتهما بورقة تين، إذ أنها كانت تنبت أكبر ورقة حجمًا. عقب ذلك تطوَّر الإنسان واخترع النسيج، فكانت المرأة تستر به عورتها أي عضوها التناسلي وكذا صدرها. والرجل ظل يستر عورته أي عضوه التناسلي. ولكن هناك بعض القبائل التي لاتزال تستر عورتها أي عضوها التناسلي فقط. وهو إذن أمر ليس مناطه الدين بل مناطه الحضارة والتقدُّم والرقي. ذلك أن الدين يمنع الشهوة غير المشروعة، أي شهوة الرجل للمرأة وشهوة المرأه للرجل خارج نطاق الزواج، أي أن الدين يتعرَّض للنوايا والأفكار وليس للمظهر الخارجي للإنسان.

كذلك كانت الدول التي تحكمها قبائل بدائية تغير على بعضها البعض إذا ما وجدت إحدى القبائل قبيلة أخرى يتمتع نساؤها بنسبة عاليه من الجمال. ولذلك لجأت تلك القبائل إلى حماية نفسها من الغزو الخارجي بتغطية رداء المرأة بقدر المستطاع، ولم يكن السبب في ذلك إلا بغرض الأمان من أي غزو خارجي.

نخلص من ذلك، أن العفة تنبع من قلب الإنسان وفكره. ولا يمكن أن نميّز الرجل عن المرأة في هذه الخطية، فكلاهما له مشاعر إنسانية يشملها الميل إلى الجنس الآخر. لذلك لا نتصوَّر أن يخفى الرجل نفسه من طرف الرأس إلى أخمص القدم حماية للمرأة من الغواية.

وكما سبق القول، فإن العفة تنبع من داخل الإنسان وليس من خارجه. فإذا تعوَّد الرجل أن ينظر إلى المرأة السافرة لا تتطرَّق إلى نفسه فكرة الشهوة الخاطئة، إذ أن الأمر سيشكل بالنسبة للرجل منظرًا عاديًا. وهذا ما يعرف بـ"التسامي بالغرائز". فالتسامي بالغرائز يتم بالاختلاط المحترم, بالرياضة، بالثقافة. أما حرمان الرجل "فقط" في أن ينظر إلى امرأة فهذا يجعل إحساسه حيوانيًا فقط إذا ما نظر إلى أي امرأة. كذلك يكون الأمر بالنسبة للمرأة إذا نظرت شابًا وسيما يمكن أن تشتهيه؛ لأن لها مشاعر جنسية شأنها شأن الرجل تمامًا.

وفكرة عصمة الرجل من المرأة فكرة خاطئة. ولماذا لا نتكلّم عن عصمة المرأة من الرجل؟ فكلاهما له نفس الغرائز. وإذا كنا نحمي الرجل من فتنة المرأة، فلماذا لا نحمي المرأة من فتنة الرجل؟ وإذا كان في النقاب حفظ للرجل من الخطيئة، فلماذا لا نحمي المرأة أيضًا من الخطية؟ وإذا سلمنا جدلًا في أننا نحمي الرجل من الغواية بإخفاء المرأة، فما هي الفضيلة التي تُنسب إلى الرجل في تعففه عن النظرة التي تحمل الشهوة والإثارة إذا ما أخفينا عنه أي صورة للمرأة؟.. نقول: على العكس، كلما كانت المرأة جميلة كانت صيانة الرجل لمشاعره وتحكمه في شهواته هما أساس الفضيلة, والعكس صحيح. ولا يختلف الأمر بالنسبة للمرأة.

نخلص من هذا، أن نقاب المرأة أمر يختلف مع التطوُّر الإنساني والحضارة الإنسانية حسب إرادة الله، ويتعارض مع مفهوم الفضيلة التي تنبع من نفس الرجل وليس من مظهر المرأة. كما أن عفة المرأة تنبع من نفس المرأة وليس من مظهر الرجل مهما كان وسيمًا.

فإذا توقفنا عند تغطية المرأة يتعيَّن أن نغطي الرجل أيضًا ونعيش في عالم مجهول مجهول يا ولدي.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :