كتبت - أماني موسى
قال د. مجدي خليل، مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات، أن السودان يشهد تطور سياسي بالفترة الأخيرة، وتعد الخرطوم حالة مختلفة عن بقية دول المنطقة بالشرق الأوسط، حيث استقل السودان عن الحكم الإنجليزي عام 1956، وتم تكوين حكومة مدنية آنذاك برئاسة إسماعيل الأزهري، ثم حكومة مدنية آخرى برئاسة عبد الله خليل، لكن هذه الحكومات المدنية لم تستمر لعامين، ففي 17 نوفمبر 1958 بدأ أول انقلاب عسكري في السودان بقيادة الفريق إبراهيم عبود.
وأضاف خليل في برنامج تحليلي له "مع مجدي خليل" عبر قناته باليوتيوب، إن إبراهيم عبود قاد هذا الانقلاب العسكري وحكم السودان حتى عام 1964، أي ما يعادل 6 سنوات قامت خلالها عدة انقلابات عسكرية، تم قمعها جميعًا، إلى أن وقعت انتفاضة شعبية في 21 أكتوبر 1964، وأزاحته عن الحكم، وكانوا يهتفون "إلى القصر حتى النصر"، وبالفعل استسلم إبراهيم عبود، وتولت من بعده حكومة مدنية، زمام الحكم في السودان.
مستطردًا، استمرت هذه الحكومة المدنية في الفترة من 1964 إلى 1969 حتى وقع انقلاب عسكري آخر قاده جعفر النميري، واستمر في الحكم 16 سنة، وفي خلال فترة حكمه وقعت أيضًا عدة انقلابات عسكرية قمعها بالحديد والنار، لكن في عهده وقع حدث خطير حيث أنه طبق في عام 1983 قوانين الشريعة الإسلامية بشكل مقيد للغاية،والتي لقبت بـ قوانين سيئة السمعة، بتحريض من القيادي الإخواني حسن الترابي ، وبعد تطبيق الشريعة ساءت الأوضاع في السودان، لتحدث انتفاضة شعبية في 6 أبريل 1985 أسقطت جعفر النميري وقادها حسن الترابي في شكل سري، وبالفعل انتهى حكم النميري ليتولى الحُكم من بعده الفريق عبد الرحمن سوار الذهب، الذي قام بتسليم الحكم بعد عام لحكومة مدنية مشتركة في عام 1986 بقيادة كلاً من الصادق المهدي، والسيد المرغني، وهم جماعات دينية "المهدية والختمية".
وتابع، وفي عام 1989 قام انقلاب عسكري آخر، بقيادة عمر البشير، وكان حسن الترابي هو الرأس المدبر له، وهو زوج شقيقة الصادق المهدي، وتم تكوين جبهة إنقاذ الترابي - البشير، إلى أن تخلص البشير من الترابي وأخذ الحكم منفردًا، واستمر في الحكم 30 عامًا، وتخللت عهده عدة انقلابات، قمعها بالحديد والنار، وقامت في عام 2013 انتفاضة شعبية راح ضحيتها عشرات السودانيين، حتى جاءت انتفاضة ديسمبر 2018 وأعلن وزير الدفاع السوداني إسقاط حكم البشير.
وعلّق خليل بقوله، أن السودان ظل تحت الحكم العسكري لمدة 52 عامًا، و11 سنة حكم مدني، تقاسمتها أيضًا مجموعات دينية، وهذا هو المشهد في السودان، فالحكم المدني بها كان مجرد فواصل في تاريخ السودان، والدائم هو الحكم العسكري.
وأورد خليل بعض المؤشرات الإيجابية فيما يجري بالسودان حاليًا، منها إتباع الشعب السوداني سياسة النفس الطويل والإستمرار في ثورتهم لمدة تصل إلى 8 شهور، دفعوا فيها ثمن من عشرات الجرحى والقتلى والمصابين، لكنهم استمروا حتى سقوط البشير، بالإضافة إلى أنها لم تتلق أي دعم خارجي، أو حتى دعم إعلامي دولي لما يجري بالسودان، فالإعلام الدولي تجاهل ما حدث بالسودان، مشيدًا بالدور النسائي في إنجاح هذه الثورة، قائلاً أن خروج السيدات بشكل كثيف في الثورات شيء يدعو للأمل.
ورصد خليل أهداف الثورة السودانية، ترسيخ الحريات، وقف الحرب وإحلال السلام، معالجة المشكلة الاقتصادية، تفكيك دولة تمكين الإخوان، حيث أنهم سيطرواعلى كل مفاصل الدولة طيلة 30 عامًا.
كما وصف خليل الإعلان الدستوري بـ الروعة وأكثر من روعة، منه المادة 17 والمادة 18 التي تنص على المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيسًا على حق المواطنة واحترام الحريات الدينية، وعدم التمييز بين المواطنين بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو أي سبب آخر.
ووصف المادة 19 بـ الفريدة في الدول الإسلامية، والتي تنص على تعترف الدولة وتحترم الأديان والأعراف والمعتقدات، وتلزم نفسها على تحقيق التعايش والتفاعل السلمي وتسمح بحرية الدعوة السلمية للأديان، أي أن السودان يسمح بالتبشير بالأديان في إطار سلمي، ومادة تشمل حرية العقيدة والعبادة، مشددًا أن هذا الإعلان الدستوري مبشر.
لافتًا إلى أن السودان هي أخر ما تبقى من الدول العسكرية، بعد سقوط الأنظمة العسكرية بالبلدان العربية إثر 2011، وتتميز عن بقية البلدان العربية أنها تملك البديل الثالث وهو تيار الحرية والتغيير على عكس بقية الدول العربية التي لا تملك بديل بين الإسلامي والعسكري.