الأقباط متحدون | وداعاً أيها القاسى ، فلن ننساك ولن ننساهم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١١:٠٥ | الاربعاء ٤ يناير ٢٠١٢ | ٢٥كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٩ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

وداعاً أيها القاسى ، فلن ننساك ولن ننساهم

الاربعاء ٤ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم : حنان بديع ساويرس

مع إقتراب دقات الساعة الثانية عشر والتى تُشيرعقاربها مُنذرة بأقتراب مولد عام جديد 2012 تذكرت يوم رأس السنة للعام المُنطوى 2011 الذى بدأ مُكشراً عن أنيابه مُنذ الوهلة الأولى ومع مَطلع أول دقائق له بدأ بسفك دماء شهداء الأقباط بكنيسة القديسين بالأسكندرية ثم توالت الأحداث والمذابح الدموية فى هذا العام ولم يكن شهداء الأسكندرية سوى البذرة التى نتج عنها شجرة فكان طَرحِها المزيد من الدماء والشهداء ففى الأيام القليلة الماضية أحتفلنا بذكرى الأربعين لشهداء ماسبيروا الذين نالوا أكاليل الشهادة يوم التاسع من أكتوبر 2011 وما بين هاتين الحادثتين حدثت أحداث وحوادث مُختلفة حصدت معها الكثير من أرواح الشهداء الأقباط مروراً بقطار سمالوط يليه أحداث منشية ناصر ثم إمبابة وأطفيح ثم ماسبيروا وهذا عن الأحداث البارزة التى سقط فيهاعدد كبير من الشهداء بخلاف إستشهاد أقباط فى أحداث مُتفرقة على مستوى جميع المُحافظات بشكل فردى كما شهد هذا العام الثورة الكبرى فى مصر والتى مُنذ إندلاعها أيضاً لم يتوقف نزف دماء المصريين بمُختلف أديانهم وفصائلهم فكان هذا العام شديد القسوة والعنف ومُتعطشاً للدماء وكأن الدماء "عُنواناً لقدومه" فلم نتذكر منه إلا أحداث أليمة رغم التغييرات التى طرأت على مصر فيه ، فقد ضم هذا العام لمصاف الشهداء أعداد غفيرة لكن لا أدرى هل أقول أن هذه من الثمار الإيجابية لهذا العام الكئيب الذى بدأ بحزن وأسى ودماء ودموع والذى لم نعرف طعماً للأعياد من جراء أحداثه العنيفة المُتتالية ،

فلا أنسى لحظات عصيبة مرت على ثقيلة وكأنها دهرٍ أمتلأ فيها صدرى بالمرارة والشجن وأعتصر قلبى بالحزن والألم وأهتز كيانى من شدة وطأة الحدث عندما تلقيت أول خبر فى ذاك العام المُنصرم الا وهو حادث القديسين والذى على أثره قمت بإطفاء شجرة الميلاد ومن منا لم يفعل ذلك عندما صُدم بهذا الخبر المروع والذى وقع على رؤوسنا كالصاعقة وأنطفأت معه فرحتنا بالعيد وأملنا فى عام جديد كنا نتوسم فيه خيراً وشروق شمساً جديدة فى طرفة عين تحولت لغروب أقول هل صفوف الشهداء الجُدد الذين أنضموا لمصَاف الشهداء على مر العصور هو من ثمار هذا العام ربما يكون هذا صحيح لأن الشهادة
فى المسيحية هى أعلى درجة قد ينالها مسيحياً من أجل إيمانه بالسيد المسيح له المجد ورغم علو مرتبة الشهداء إلا أنهم يصرخون لله مُطالبين بالقصاص من أجل دماءهم الذى سُفكت غدراً وظلماً فلم ينتظرون من البشر تطبيق العدل لكنهم يطلبونه دائماً من أله السماء وقد أعلن السيد المسيح ذلك فى سفر الرؤيا مُطمئناً الشهداء الذين تحت المذبح بأنه سيقتص لدماءهم ممن قتلوهم عندما صرخوا له طالبين القصاص ممن سفكوا دمائهم قائلاً لهم " أستريحوا زماناً يسيراً حتى يكمل العبيد رفقائكم وأخوتكم أيضاً العتيدين أن يقتلوا مثلكم"

فبالطبع الشهداء فرحين لما وصلوا إليه ولا سيما وجودهم بجوار السيد المسيح فيوم إنتقالهم هو يوم عيدهم وعُرسهم السمائى ومن المؤكد أن سنة 2011 والتى كانت بمثابة موعد لقاءهم برب المجد وقربهم منه هى سنة مجيدة بالنسبة لهم فهذا عن المشهد السمائى ، لكن المشهد الأرضى يختلف تماماً لأن المشهد

بالنسبة لنا قاسى ومؤلم وموجع وتنفطر له القلوب ولاسيما أحباء وأقرباء الشهداء بالجسد والذين تركوهم يتجرعون مرارة الفراق ولأنه غالباً ما يتعلق بأذهاننا ولا ننسى أبداً مشهد الدماء والأشلاء التى أمتلأت بها الأرض من أجساد هؤلاء الشهداء ولم ننسى صورة أم مكلومة تصرخ وتنوح متألمة من فراق فلذة أكبادها وهى تراه بلا حراك بعد أن كان يملأ الدنيا ضجيجاً وحركة ونشاط وعطاء وحب وأمل فيتحول كل هذا وفى طرفة عين إلى أشلاء مُتناثرة على الأرض يقومون بتجميعها فى أكياس بلاستيكية ربما لم تعرف الأم ملامح أبنها أو أبنتها من بين الجثامين بسبب تشوهها وإختفاء معالمها نتاج الحادث الأليم كما حدث فى كنيسة القديسين فتحول الشهداء إلى أشلاء بشرية وقطع صغيرة من اللحم فكان من الصعب التعرف على أصحابها وأيضاً فى حادث ماسبيروا التى أختفت فيه ملامح أحد الشهداء بعد أن قامت المُدرعة بدهس رأس الشهيد بوحشية فقال شقيق الشهيد شنودة نصحى لقداسة البابا أنه لم يستطع التعرف على ملامح شقيقه إلا من حظاظة كان يلبسها فى يده ، ورغم أنهم شهداء إيمانهم بالسيد المسيح وأستشهدوا بدون ذنب أقترفوه لكى يُقتلوا بهذه الوحشية لكن مع ذلك يخرج علينا قساة القلوب وعديمى الرحمة والذين يرفضون أن تُطلق كلمة شهيد على هؤلاء وكأن من يرفض ذلك سيدفع ثمن لقب شهيد من حافظة نقوده الشخصية !!

فقد خرج علينا أحد شيوخ السلف سامحه الله إذا أراد أن يُسامحه قائلاً أن الأقباط لا يُحتسبون شهداء ولعن الله الشهيد مينا دانيال ومن قال أنه شهيد !! وهذا لجهله بمعنى الشهادة فى المسيحية فالإستشهاد عُمره من عُمر المسيحية ذاتها مُرافق لها مُنذ نشأتها أى مُنذ ألفين وإحدى عشرة عاماً ومع سفك دماء أول شهيد فيها وهو الشهيد إستفانوس الذى رُجم بالحجارة من اليهود لإيمانه بالسيد المسيح ، أى قبل نشأة الإسلام والشهيد فى المسيحية يختلف عن الشهيد بالنسبة للإسلام ففى المسيحية هى أن يبذل الإنسان حياته مُتمسكاً بإيمانه بالسيد المسيح " أى يُقتََل ولا يَقتُل " أقول فرغم وصولهم لهذه المرتبة فى هذا العام والذى يُعتبر بمثابة عام الإنتصار لهؤلاء الشهداء إلا وأننا صعب علينا أن ننسى أنك من أقسى وأصعب الأعوام ولا نرى لك شبيهاً بينهم فهل ستنسى لك أم مكلومة أن بقدومك أنتهت حياة أبنها أو أبنتها أم ستنسى لك أرملة أن بقدومك أخذت منها عائلها ورفيق حياتها وهل سينسى لك أطفال أن بقدومك أنتزعت منهم أماً أو أباً وتركتهم أيتاماً يُعانون قسوة الأيام وبرودتها بدونهم فربما يقول لى البعض أن فراق الأحباء يحدث فى كل الأعوام أقول هذا صحيح لكن هذا العام حمل بين طياته أحداث مُتتالية لم يتركنا نستريح فيه بُرهة مُنتزعاً بلا رحمة نفوس بريئة فكلها أحداث غادرة وهذا لا يُشبه الموت الطبيعى فهناك فرق بين أن تُنتزع أرواح الأبرياء بخسة وندالة من بين أحضان أحبائها فجأة وبدون مُقدمات سواء فى حادث القديسين وكانوا المُصلون يحتفلون بقدوم هذا العام والذى لا يعرفون أنه رفض وجودهم وحياتهم فيه أو جميع الشهداء الذين أستشهدوا فى مسيرات أو إعتصامات سلمية وأبرزهما حادثتى منشية ناصر وماسبيروا ولا سيما أن معظم الشهداء والشهيدات شباب فى عُمر الزهور كانوا يستبشرون فى هذا العام البغيض خيراً ينتظرون غدا مُشرق مُفعم بالأمل والحب فلن أنسى أبداً ما حييت أخر كلمات الشهيدة مريم فكرى من شهيدات القديسين على صفحتها بالفيس بوك لأصدقائها قبل نزولها من منزلها بساعات قليلة وهى لا تعلم أنها ستغادر المنزل بدون رجعة فقد كتبت " سنة 2010 خلصت خلاص ... أنا قضيت أسعد أيام حياتى فى 2010 وبجد أستمتعت بالسنة دى وأتمنى 2011 تبقى أحسن عندى أمنيات كثيرة أوى فى 2011 وأتمنى أنها تتحقق يارب خليك جنبى وساعدنى وتحقق الأمانى بتاعتى"

هكذا كانت تتمنى الشهيدة وهكذا كانت تناجى الله وكم من الشهداء والشهيدات التى حُصدت أرواحهم فى هذا العام تمنوا أن يكون 2011 عام سعيد وأن يُحققون أمانيهم التى لم تتحقق فى الأعوام السابقة له ، وكم من الشهداء لم ينالون أمانيهم فى هذا العام لكن حصلوا على ما هو أعظم من أمانيهم التى لم يُمهلهم القدر فرصة لتحقيقها ، فالشهداء والشهيدات لن ينسون أنك العام الذى أختار الرب أن يكونون فيه بجواره ، لكن لن ينسى أسر الشهداء أنك العام الذى حرمتهم فيه من أحبائهم ولم ينسى الشهداء أبداً أنك العام الذى نالوا فيه أكليل الشهادة وأصبحوا مع الشهداء الذين كانوا يسمعون عنهم مثل مار جرجس ومارمينا والشهيدة دميانة ومارينا لكن لن ننسى نحن أبداً أنك العام الذى رأينا فيه قساوة ووحشية ممن يُنتسبون للبشرفلن ننسى مشهد دمائهم الطاهر وأجسادهم المُباركة المُتناثرة على قارعة الطريق فقد أخذت منا أحباء كثيرين لكن أضفت شهداء جدد للسماء يشفعون بنا ويُصلون من أجلنا ويطلبون من الرب العادل القصاص وسيقتص لدمائهم لا مُحالة ولن تضيع قطرة واحدة من دِمائهم هباءاً "لكن لكل شئ زمان ولكل أمرٍ تحت السموات وقت " فوداعاً أيها العام القاسى فقد أستطعت أن تجعل التاريخ يذكرك وتُحفر فى ذاكرته بسبب هؤلاء الشهداء الأبطال فلن ننساك ولن ننساهم .

مع أطيب وأرق أمنياتى بعام سعيد 2012 لكل قرائى الأحباء وأن يكون عام
مُبارك على جميعكم وعلى مصرنا الحبيبة وكل عام وأنتم بخير
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :