بقلم: هاني بولس
لازالت الثورة مستمرة، ويجب أن تظل مستمرة حتى تحقيق الأهداف النبيلة التي سالت من أجلها دماء الثوار الشرفاء من أغلى شباب مصرنا الحبيبة.

نداء خالص إلى كل المصريين غير المغيبين بأي وسيلة ما- سواء عن طريق الدين "المُسيّس"، أو الفقر، أو الجهل، أو عن طريق التعصب أو التشدد أوالكرهية- هذا نداء إلى كل مصري ممن يملكون جزءًا من العقل والوطنية والإنسانية.. هؤلاء المصريون هم المصريون الأحرارالمحبون للإنسانية والعدالة والحياة.

أناشد جميع هؤلاء المصريين بأن لا يتهاونوا في الدفاع عن مصرنا ضد التيارات المتعصبة. فإن كل من يتخيل أن صعود هؤلاء المتطرفون إلى الحكم هو شئ عادي أو نتيجة طبيعة لممارسة الديمقراطية في أي بلد- لو تصورنا أن وصولهم لإدارة البلاد مجرد فوز عادي لأي حزب بالحكم- فإن هذا أكبر وأعظم خطأ من الممكن أن يرتكبه أي شعب أو إنسان في حق نفسه ووطنه؛ وذالك يرجع إلى أسباب متعددة واضحة وضوح الشمس ملخصه فيما يلي:
أولًا- إذا ما أمعنا النظر في الانتخابات وما حدث ومازال يحدث من انتهاكات لقوانين الانتخابات المعترف بها، لوجدنا أنفسنا أمام أكبر عملية تزوير انتخابية في تاريخ الديمقراطية المعاصر. إن المخالفات المرتكبة في الانتخابات من جهة الأحزاب المستغلة للدين هي أكبر دليل على عدم شرعية هذه الانتخابات، وأنها تبطل النتيجة المتوقعة لهذه الانتخابات.

ثانيًا- إن غزوات الصناديق غير الشرعية هي دليل قاطع آخر بسقوط مصداقية النتائج المتوقعة لهذه الانتخابات، والتي سينتج عنها دستور غير ممثل للشعب المصري، ورئيس قادم ناتج عن اختيار الإسلاميين فقط وليس الشعب بكامل طوائفه.

ثالثًا- البدء في الانتخابات قبل وضع الدستور المرشَّح من القوى الثورية الممثلة لجميع أطياف الشعب هو سبب رئيسي لما يحدث الآن من فوضى سياسية في "مصر"، والناتج عنها جميع الانتهاكات لحقوق الإنسان، ووصول الأحزاب المتطرفة دينيًا لحكم المصريين؛ لأن وضع الدستورالجديد لإدارة البلاد هو من أهم نتائج الثورة.

 

ولذلك، فإن الاستسلام لصعود الأحزاب المتطرفة لحكم "مصر" يمثل آخر حلقة من مسلسل الديمقراطية الذي نشاهده منذ 25 يناير. وإنه يتحتم على كل المصريين أن يدافعوا عن حريتهم لآخر نفس في صدورهم، وأن لا يتهاونوا في الحفاظ على مدنية وديمقراطية الحكم في "مصر" حتى أبعد الحدود وقبل فوات الأوان؛ لأنه إذا ما حدث هذا فإنه سيكون كل الطريق الذي لا رجعة فيه. فسوف يكون من المستحيلات أن يطالب الشعب بأي شئ في ظل الحكم الإسلامي المتطرف الممزوج بالخلفية العسكريه ذات القبضة الحديدية، وإن كل من يرفع رأسه بعد ذلك فسوف تُقطع مرات عديدة قبل أن ينطق بكلمة واحدة. ولذلك، فإنه من الصعب أن نتخيل حدوث ثورة أخرى من الشعب للمطالبة بالحرية؛ لأن الحرية والمدنية والديمقراطية لا يقبلوا الاختلاط بحكم العسكر والتطرف الديني والجهل، فإن كل هذه بمثابة النور والظلمة، أو الخير والشر، فجميعها مواد غير قابلة للامتزاج.

إن "مصر" تمر بأصعب مرحلة في تاريخها الحديث، وذلك لأن أعدائها هم من الداخل مع التمويل الخارجي المشبع بالحيض الجيولوجي القادم من بلاد الخليج العربي، وإن حكم الأحزاب المتطرفة لـ"مصر" هو شئ غير جائز وسوف يعود بـ"مصر" إلى القرون الوسطى. ويجب على الجميع اتخاذ هذا الأمر بمثابة حياة أو موت لبلد عريق صاحب حضارة، وأن لا يأخذ هذا الوضع بالتهاون، وأن يأخذ ما يحدث الآن في "مصر" وكأنه عدوان غاشم أتى إلى "مصر" يجب مقاومته بكل الوسائل كمقاومة أى استعمار خارجي قادم على بلادنا.

أخيرًا أحبائي المصريين الشرفاء، فلنتضرع إلى الله أن يعم على مصرنا الحبيبة بكل سلام وغفران ومحبة. ونطلب أن يهدي "مصر" بجميع أولادها إلى بر الأمان والسلام.