النيابة فى محاكمة المخلوع تعد بالقصاص من قتلة الثوار.. وتقول: طلبنا تحريات الداخلية لكن لا يصح أن يصبح الخصم هو الحكم.. والأمن القومى لم يساعدنا بأى معلومات
بدأت جلسة محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، ونجليه، ووزير داخليته حبيب العادلى وستة من كبار مساعديه، فى تمام الساعة 12.35 دقيقة، بالتأكد من حضور جميع المتهمين داخل قفص الاتهام، وبدأ المستشار مصطفى سليمان، المحامى العام الأول لنيابات الاستئناف، مرافعته، مؤكدًا أن مرافعة اليوم تعد استكمالاً لمرافعة النيابة التى بدأت أمس.
وقال "سليمان": سنقوم اليوم باستعراض للتكييف القانونى للوقائع، ثم استعراض الأدلة التى استندت إليها النيابة فى تقديم المتهمين للمحكمة، مضيفًا أن هذه الوقائع حدثت فى كافة الميادين فى 12 محافظة، وكان لدى النيابة عدد كبير من القتلى والمجنى عليهم.
وأشار "سليمان" إلى أن النيابة بدأت التحقيق وانتهت بعد شهر ونصف الشهر إلى التصرف فى القضية، رغبةً وحرصًا منها على تعقب المتهمين قبل الهروب، واتخاذ الإجراءات قبل ضياع الأدلة، وانتهت النيابة إلى هذا الواقع الذى كشفته التحقيقات، وترجمته فى أمر الإحالة إلى تهمة الاشتراك فى القتل المقترن بعدة جرائم أخرى، وهى الشروع فى القتل.
وقال المحامى العام الأول لنيابات الاستئناف إن النيابة لم تتوصل إلى دليل مباشر للفاعلين فى تلك الوقائع، لأن الفاعل هو من يأتى بالأفعال المكونة للجريمة، ويكون له دور فى مسرح الجريمة، ولكن الجريمة كانت بصفاتهم، ولأنى أؤدى دورى كممثل للمجتمع والتمس الحق والعدل من المحكمة، فمن حق المجتمع فى هذه القضية أن يتعرف على الحقائق القانونية لهذه الوقائع التى تمثلت فى الاشتراك والتحريض، ولأن الاشتراك من مخبئات الصدور ولا يسهل الوصول إليه فإن المحكمة تكتفى بمعرفة الاشتراك إما بقرار واستنتاج أو بنتائج تُستخلص من ظروف الدعوى، مشيرًا إلى أن القضية ليست قضية قتل عادية بها شهود وضباط، ولكنها قضية الآلاف ممن قتلوا غدرًا، وممن أصيبوا بعاهات مستديمة أثناء المظاهرات السلمية، وإن النيابة العامة عندما قررت إحالة المتهمين، فإن تلك الإحالة اقتصرت على قتل المتظاهرين وليس على الذين قتلوا أمام الأقسام، وغاياتنا الوحيدة هى الوصول إلى الحقيقة دون غرض، حتى لا يدان برئ، ويبرأ مدان.
وهنا سألت المحكمة النيابة عما إذا كانت طلب من الجهات المسئولة فى الدولة إمدادها بالتحريات والاستدلالات التى تعينها فى التحقيقات، فأجابت النيابة أن تلك الواقعة حدثت يوم 28 يناير، وأعقبها انفلات أمنى وحظر تجوال، وأن النيابة بدأت عملها يوم 16 فبراير، و"كنا نسمع طلقات النيران بجانب مقرات النيابة، وطلبنا فعلاً تحريات وزارة الداخلية من اللواء محمود وجدى وزير الداخلية الأسبق، ولكن لأنه لا يصح أن يكون خصمًا وحكمًا، لأن المتهم هو جهاز الشرطة، طلبنا تحريات الأمن القومى حول الوقائع، ووصلنا خطاب منهم بعدم وجود أى معلومات فى هذا الشأن".
سألت المحكمة النيابة عما إذا كان هذا يعد تقصيرًا من الأمن القومى أم كان متعمدًا أم كان غائبًا، فأجاب مصطفى سليمان أنه على المستوى الشخصى يعتبر تقصيرًا، ولكن رسميًا لابد من التحقيق، وانتهت النيابة إلى أن الأمن القومى لم يساعدها فى أداء مهمتهما للوصول إلى الحقيقة.
بعد ذلك يكمل المستشار مصطفى خاطر، المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة الكلية، مشيرًا إلى أن الدعوى أمام المحكمة اليوم تعتبر قضية منفردة، فهى ليست قضية قتل عادية، لما يمثله الجناة من نظام أراد بمصر وأهلها سوءًا فقسمه الله، وأن شعبها عانى طويلاً حتى هب ثائرًا طلبًا لحريته فأيده الله ونصره من عنده.
وقال "خاطر": هنالك العديد من الصعوبات التى واجهت النيابة عند التحقيق والبحث عن الأدلة، لأن المتهم الرئيسى فيها هو الرئيس السابق، رأس النظام، مما لا يسهل جمع الأدلة عنه، والآخر هو وزير الداخلية، أى رئيس الجهاز المخول له جمع المعلومات والاستدلالات التى تستفيد منها النيابة، بالإضافة إلى تراجع جهاز الشرطة، والانفلات الأمنى الذى ساد البلاد، واتساع مسرح جريمة القتل ليشمل الجمهورية كلها، وكثرة أعداد الضحايا والشهود.
وأكد المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة الكلية أن النيابة العامة استمعت إلى قرابة 2000 شخص من المصابين وأسرهم، وشهود الواقعة، وضباط الشرطة، ٍبما يوضح تهمة التعدى على القتلى والمصابين، حيث جاء ملخص أقوال الشهود فى 800 صفحة.
وبدأ المستشار مصطفى خاطر فى عرض الشهود من جهاز الشرطة بقوله "وشهد شاهد من أهلها"، مشيرًا إلى أن النيابة انتزعت الأقوال من الضباط لأنهم لم يقروا بكل الحقيقة، وبدأ باللواء حسين سعيد موسى، مدير إدارة الاتصالات بإدارة الأمن المركزى الأسبق، والذى أكد أنه أثناء وجوده بغرفة العمليات سمع أوامر محددة وصريحة من مساعد الوزير للأمن المركزى بتزويد القوات بالأسلحة الآلية والخرطوش والتعامل وفقًا للموقف، مما يعطيهم تفويضًا للتعامل بأى وسيلة كانت، وآخر شهد بأوامر مساعد الوزير طلب تعزيز القوات فى أماكن الخدمات بالأسلحة الآلية، كما ذكر الشهود أن رئيس الأمن المركزى أصدر أوامر باستعمال القوة دون الرجوع للقيادات، ومثلهم شهد مأمورو الأقسام فى الأزبكية والسيدة زينب وبولاق الدكرور ومصر القديمة وقصر النيل والهرم والعجوزة، ونوابهم، باستخدام القوة المفرطة والعنف والأسلحة ضد المتظاهرين السلميين الذين لم يطلبوا إلا الحرية والعدالة الاجتماعية، ولم يخربوا ولم يتعدوا على أحد، وهذا لم يشفع لهم لدى المتهمين الذين تعاملوا معهم بالقسوة لخدمة المتهم الأول حسنى مبارك وأغراضه السياسية البحتة.
وأضاف "خاطر" أن الشعب المصرى معروف عنه الصبر والطاعة، ولكنها طاعة مقيدة بمصلحته، ولكن الحاكم الغاشم طمع فى حكم العبيد وليس البشر الأحرار، قال ساخرًا إن النظام أراد إعطاء المسجلين والبلطجية حقهم فأطلقهم وأعطاهم رواتب حيث أحضروا، طبقًا لشهادة الضباط، بعض المسجلين ليقوموا بالتعدى على المتظاهرين، وكأن النظام يقول للمتظاهرين "إنت نسيت نفسك إرجع مكانك معندناش حرية إرجع إلى قبرك".
وأضاف "خاطر" أنه تم مواجهة المتظاهرين بالرصاص والخرطوش، ولابد أن توجه تلك الرصاصات إلى أماكن قاتلة فى الصدر أو الرأس، زجرًا لهم وردعًا لغيرهم، فجاءت رصاصات فى العيون، وقال "عشان المتظاهرين ما يشوفوش حتى لو تغيرت الظروف، ولكن إن شاء الله تعوض عنها عقوبة المتهمين"، واستعان "خاطر" بقول الرسول "من فقد حبيبتيه(عينيه) عوضهما الله عنهما الجنة".
ثم استعرض باقى أقوال الشهود من أطباء عاينوا الجثث والمصابين بطلقات، والمدهوسين من السيارة الشرطية، والشهود المتطوعين مثل وفاء فتحى التى رأت نقيب شرطة يطلق النار عليها وافتداها أحد المتظاهرين واستقبل الرصاصة فى رأسه ثم توفى.
كما استمعت المحكمة إلى مرافعة المستشار وائل حسين، المحامى العام بنيابة الاستئناف، والذى عرض أقوال الخبراء وبعض الشهود الدالين على عنف الشرطة، ثم قام بعرض فيديو أمام المحكمة وضح فيه المظاهرات السلمية يوم 28 يناير، وقتل المتظاهرين باستخدام الإطلاق المباشر وجهًا لوجه، واستعمال العنف ضد المتظاهرين، وإطلاق النار والخرطوش ودهس المتظاهرين، وإطلاق النيران من سطح وزارة الداخلية.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :