بقلم / عادل جرجس

فى تسارع عجيب وغريب تكتمل فصول صفقة المجلس العسكرى والأخوان كما خطط لها أطرافها فى تناغم شديد الدقة محكم الإتقان ولم يتبقى بعد الا الفصل الاخير من هذا المخطط ليقدم المجلس سدنة الحكم فى مصر هدية للإخوان على طبق من ذهب وهنا يجب ان نُذكر على عجالة بمراحل تنفيذ هذا المخطط حتى يكون إستنتاجنا مبنى على مقدمات صحيحة الدلالة بعيدا عن الأفتراضات الظنية تلك المراحل التى توالت الواحدة فيها تلو الأخرى على النحو التالى :


ـ تًرك المجلس الحبل على الغارب للإخوان فى وضع تعديلات مارس الدستورية " صبحى صالح وطارق البشرى " ليتم ترقيع الدستور كما أراد له الإخوان
ـ لم يأمن المجلس الى جانب الإخوان فى هذه التعديلات فتم الإستفتاء على مواد بعينها ليُخرج المجلس مرسوم بقانون يحتوى على مواد أخرى تضمن له حق البقاء والسيطرة ويظل اليد العليا دستورياً ولتذهب إرادة الشعب التى جاءت عبر صنادبق الاستفتاء الى الجحيم ويتصدر المجلس والإخوان المشهد
ـ حسم المجلس الصراع المجتمعى الدائر حول معضلة " الانتخابات أولا ام الدستور أولا " لصالح الإخوان فكانت الانتخابات
ـ فوض المجلس الإخوان تفويضاً ضمنيا فى ادارة العملية الانتخابية فأستقوى الإخوان كيفما شاءوا وتم تزوير نتائج الانتخابات بشكل لم يسبق له مثيل فى المقرات الانتخابية ولجان الفرز دون أدنى رقابة فخرجت نتائج الانتخابات حصد فيها الإخوان الأغلبية الساحقة فى البرلمان القادم


الى هنا ولم يطق الإخوان صبرا لإكمال خارطة الطريق التى بدأت مع المجلس العسكرى والتى يفترض ان يتم بمقتضاها إنتخابات مجلس الشورى ووضع دستور جديد للبلاد وأخيراً انتخابات الرئاسة وظنوا أنهم ركبوا عربة المجلس العسكرى والتى أوصلتهم الى البرلمان وأنه قد حان وقت حرق العربة بمن فيها لينفردوا بالسلطة ويضعوا دستوراً يحقق لهم حلمهم القديم الجديد فى التمكين من الحكم.


ولم يجد الإخوان صعوبة فى الإطاحة بالمجلس العسكرى ( كما يظنون ) فها هى البلاد تعج بالفوضى والمؤامرات وهو ما يمكن استغلالة فى الدعوة الى رحيل المجلس وتسليم السلطة الى سلطة مدنية ــ سلطتهم طبعاً ـ ليستقر حال البلاد ويهنأ العباد .


يدرك الإخوان أن رحيل المجلس العسكرى واختفاءة من الحياة السياسية أمرا صعباً بل لعلة مستحيلا فالمجلس يؤكد بشكل دائم على انه اليد السياسية العليا فى البلاد فى كل المناسبات وهو ما تأكد فى إعلان مارس الدستورى وحاول العسكر اقرارة فى المادة 9، 10 من مبادى السلمى الحاكمة للدستور وهو ما أثار لغطاً فى حينها لذلك لجأ الإخوان الى حملة لتطمين المجلس العسكرى لحَملة على الرحيل تلك الحملة يطالبون فيها عدم تعقب المجلس قضائياً إذا ما سلم السلطة فيما عرف بـ " الخروج الآمن " للمجلس العسكرى ولكن هل يُصدق المجلس الإخوان ويرضى بهذا الخروج الآمن ؟ فى الحقيقة هذا لن يحدث أبداً وذلك لعدة أسباب منها :


ـ المجلس يعلم تماماً أن الإخوان لا عهد لهم وقد تكون مبادرتهم " الخروج الآمن " من قبل التقية فمتى خرج المجلس من السلطة أنقلب الإخوان عليه ونحسوا بعهدهم وبرروا وعدهم للمجلس بالحصانة القضائية بأنه كان من قبيل التعامل بـ " فقة الإبتلاء" لإزاحة الغمة عن الأمة
ــ هناك " تار بايت " بين الإخوان والعسكر يرجع تاريخة الى عام 1954 بعد أن أقصاهم العسكر من الحياة السياسية وأستأثر العسكر وحدهم بثورة 1952 والتى كان من المفترض أن يكون الإخوان شركاء فيها وها هو قد حان وقت رد الإخوان الصاع صاعين للعسكر وبالطبع فإن هذا لا يخفى عن أعين المجلس العسكرى
ــ حتى لو صدق الإخوان فى وعدهم فتلك الحصانة لا تستطيع أن تمنع حق أسر الشهداء والجرحى من ضحايا العسكر من ملاحقة أفراد المجلس قضائياً وهو الحق الدستورى والذى لا يسقط بالتقادم .


أخيراً فإن " وعد الإخوان " للعسكر هو وعد من لا يملك الى من لا يستحق فلا الإخوان أوصياء على دماء الشهداء ولا العسكر منزة عن المساءلة والإدعاء بأن العسكر هم من حموا الثورة قول مهترئ نفاه العسكر فى أكثر من مناسبة فالعسكر لم يحمى الثورة التى أخذت تتأكل يوماً بعد يوم وتسرق وتركب وتتقزم ويتم تفريغها من محتواها حتى لم يبقى منها الا أسمها فقط .


فهل حقاً ركب الإخوان عربة المجلس العسكرى أم أنهم كانوا يلهثون ورائها ؟ وهل سيختفى العسكر من الحياة السياسية أم انهم سيظلون اللاعب الرئيسى الذى يمسك بخيوط كل الفاعليات السياسية فى مصر حتى وإن كان هذا يتم من خلف الستار ؟ أظن أن العسكر لن يرحل حتى إن تواروا من المشهد بل سيظل هو الغائب