سليمان شفيق
اثار وصول رئيس حزب "قلب تونس" ورجل الأعمال نبيل القروي للدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في تونس خلف المرشح المستقل وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد إشكالا قانونيا ودستوريا، نظرا لوضعه رهن الاحتجاز بتهمة تبييض الأموال والتهرب الضريبي. فعلى ماذا ينص الدستور التونسي في ملف القروي؟ وما هي السيناريوهات المحتملة في الحالتين: فوز القروي في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية أو خسارته؟
إذ رفض قاضي التحقيق مجددا امس الاول الأربعاء 18 سبتمبر طلب الإفراج عنه معتبرا أن الأمر ليس من اختصاصه، ليكون بذلك ثالث جهة قضائية تلجأ إليها هيئة الدفاع ويرفض طلبها (بعد دائرة الاتهام ومحكمة التعقيب).
ويذكر أن القضاء التونسي قرر توقيف القروي قبل عشرة أيام من انطلاق الحملة الانتخابية على خلفية تهم تتعلق بتبييض أموال وتهرب ضريبي، إثر شكوى رفعتها ضده منظمة "أنا يقظ" غير الحكومية في عام2017 .
حول ذلك يقول استاذ القانون الدستوري سليم اللغماني وعضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي يوضحان الغموض القانوني والدستوري الذي يلف القضية، ووفق ما صرح
نزيه الصويهي المحامي لدى هيئة الدفاع عن نبيل القروي فإن القروي تحصل على أكثر من 500 ألف صوت في الدورة الأولى مكنته من الترشح للدورة الثانية للرئاسة على الرغم من أنه مسجون. وقال الصويهي في اتصال مع فرانس24 إن هيئة دفاع توجهت إلى ثلاث جهات قضائية لطلب الإفراج عنه إلا أن جميعها قالت إن الأمر ليس من اختصاصها. مع الإشارة إلى أنه حتى رئيس الجمهورية ليس بإمكانه إصدار عفو رئاسي عن القروي لأنه ليس هناك أي حكم قضائي صدر في حقه لحد الآن؟!!
وأوضح الصويهي أن دائرة الاتهام هي الجهة التي وجهت لموكله بطاقة إيداع بالسجن نفذت خلال ساعتين فقط من إصدارها، وقبل عشرة أيام من بدء الحملة الانتخابية للرئاسيات: في 03 سبتمبر قدم طلب بالإفراج لدى دائرة الاتهام إلا أنها رفضت ذلك بدعوى أنه ليس من اختصاصها، في 13 سبتمبر طلب آخر قدم لدى محكمة التعقيب التي رفضت بدورها ذلك بدعوى أنه ليس من اختصاصها كذلك، في 17 سبتمبر طلب ثالث قدم لدى قاضي التحقيق لكنه قوبل بالرفض مجددا في 18 سبتمبر وبنفس المبرر.
تري على ماذا ينص القانون التونسي في حال كان مرشح للدورة الثانية للانتخابات الرئاسية مسجونا؟
"لأول مرة في تاريخها تواجه تونس هذا المأزق الدستوري، حتى أن الدستور الجديد الذي تمت صياغته عام 2014 بعد الثورة لا ينص على هذه الحالة غير المسبوقة،في موضوع السجن ، لانة تعرض فقط بمرض الرئيس او الوفاة .
ونظرا لهذا الفراغ القانوني نأمل أن يتم الإفراج عن القروي وفق سراح شرطي على سبيل المثال
"وبما أن هيئة الدفاع سبق لها أن طلبت من ثلاثة جهات قضائية إطلاق سراحه إلا أن جميع طلباتها رفضت، أعتقد أن دائرة الاتهام التي وجهت إليه في البداية بطاقة الإيداع بالسجن هي فقط المؤهلة لإطلاق سراحة، تري ماذا يحدث اذا فاز القروي وهو سجين ؟
يقول أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني:
يتضمن الفصل 87 من الدستور التونسي ما يلي ’يتمتع رئيس الجمهورية بالحصانة طيلة توليه الرئاسة، وتعلق في حقه كافة آجال التقادم والسقوط، ويمكن استئناف الإجراءات بعد انتهاء مدتة
"ويقرأ هذا النص وفق تأويلين، تقول القراءة الأولى إن رئيس الجمهورية المنتخب يتمتع بالحصانة القانونية بعد أداء اليمين الدستورية أمام البرلمان فيما تعتبر القراءة الثانية أن الرئيس المنتخب يتمتع بالحصانة فور التصريح بالنتائج النهائية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات،
"رؤيتي الخاصة أقرب للقراءة الثانية، أي أن الرئيس المنتخب يتمتع بالحصانة الدستورية مباشرة بعد إعلان نتائج الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات، وبناء على ذلك إذا فاز نبيل القروي بمنصب الرئاسة فإنه يتمتع بالحصانة القانونية وبإمكانه مغادرة السجن للقيام بمهامه كرئيس منتخب
ويغادر القروي في هذه الحالة السجن بناء على قرار قضائي، أي أنه لن يكون من الضروري انتظار صدور حكم أو إجراء تحقيق، بل تتم معاينة قضائية تفضي إلى أن هذا الشخص منتخب كرئيس ويتمتع بالحصانة، عندها تعلق التتبعات القضائية في حقه
القراءة الأولى للفصل 87 تفيد بأن الشخص المنتخب لا يصبح رئيسا إلا إذا أدى اليمين الدستورية أمام البرلمان، وقبل ذلك فإنه لا يتمتع بالحق في الحصانة".
"وبناء على هذه القراءة ليس بإمكان القروي الخروج من السجن مباشرة بعد إعلان النتائج حتى وإن فاز بأغلبية الأصوات، لكن يجب أن ينتظر أداء اليمين الدستورية أمام البرلمان
وللفصل في هذا الإشكال القانوني، كان من المفترض اللجوء للمحكمة الدستورية لاختيار إحدى القراءتين للقانون. والمحكمة الدستورية وحسب الفصل 120 من الدستور، هي الوحيدة المخول لها مراقبة دستورية القوانين
إلا أن تعيين أعضاء هذه الهيئة تأخر إلى اليوم، وينص الدستور التونسي على ضرورة تشكيل المحكمة الدستورية في أجل أقصاه سنة بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في .2014
اما إذا فاز قيس سعيّد وتقدم القروي بطعن في النتائج بناء على عدم احترام مبدأ تكافؤ الفرص ماذا يقول القانون؟
عادل البرنيصي العضو في الهيئة العليا للانتخابات يقول :
من الوارد جدا أن يطعن القروي على أساس مبدأ تكافؤ الفرص في نتائج الدورة الثانية إذا فاز منافسه قيس سعيّد، والمحكمة الإدارية هي محكمة دستورية قضائية مخولة بالنظر في مسألة الطعون بشأن نتائج الانتخابات،
وبالتالي فإن السيناريوهات المحتملة لنتائج الانتخابات الرئاسية في تونس تفضي إلى مآزق قانونية ودستورية قد تكون سببا في إعادة الانتخابات.
وتسعى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتفادي هذا الاحتمال، إذ وجه رئيس الهيئة نبيل بفون الخميس طلبا لقاضي التحقيق للسماح للقروي بالقيام بحملته الانتخابية مع احترام مبدأ تكافؤ الفرص.